رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
[align=justify] أخواتي اخوتي الغوالي
شرف لي أن أدخل هذا المقام الذي من خلاله اطل على قامة كبيرة من قامات فلسطين والعرب بل من قامات الأدب العالمي.
رحل الأديب والإنسان الأستاذ طلعت سقيرق بجسده وبقيت روحه معنا .. فأنت فينا ماحيينا..
وذكراك باقية مادامت الشمس تشرق وتنير نهارنا والقمر يشع ويضئ ليالينا
لستُ بشاعر ولا كاتب ولكني أتذوق ماخطط يداه من شعر وقصص ومقالات واستذكر كل موقف انساني عرفته وسمعته ولمسته من خلال تجربتنا عبر الشبكة العنكبوتية.
دعوني اقدم ماكتبه وقدمه لنا الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب فقال:
طلعت سقيرق، مبدعٍ نعى نفسه قبل أن ينعاه غيره،
طلعت، مبدعٍ نعى نفسه قبل أن ينعاه غيره حين قال:
(صرت في الخمسين فاتئدي قليلاً
صرت في الخمسين، والأيام ما عادت بكفي
صرت في الخمسين أصرخ في جراح الروح
من أعماق قلبي
هل ترى أبقى الزمان
لشعلة الشعر البهي، لبسمتي
بعض الذي في العمر يكفي؟!)
كان مبدعنا ـ رحمه الله ـ يصحو وينام على هموم قضية شعبه الذي تلبسته حالة القهر والظلم داخل الأرض المحتلة وفي الشتات، فانحاز إليه، معبراً عن تطلعاته في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة إلى أرض الآباء والأجداد؛ إلى أرض الرسالات والنبوات والحكمة؛ ناذراً نفسه للدفاع عنه، دون أن يلتزم بحزب أو تيار؛ إلا أن يكون صورة لشعبه بكل أطيافه... إنه مبدع عاش الحلم والأمل حتى النخاع، لكن الضغوط النفسية والاجتماعية والوطنية والدولية... وسياسة الاحتلال بوصفها أمراً واقعاً كسرت كل أحلامه التي كان يتطلع إليها ويبوح بوحاً جوانياً صادقاً، بوحاً يمتلئ بفيض مفعم بجوهر الوجود المقاوم لكل أشكال البطش والإرهاب؛ وملتفع بوهج الواقع الفلسطيني المعذب... فما إن يخرج من معاناة أو مكابدة أو نكبة حتى يسقط في واحدة غيرها. لهذا كان شاعرنا يئن تحت وطأة الغربة والحصار والعزلة ذاتياً ووطنياً... ولقد أوقد جذوة المكنون في نفسه وفكره، فقدم نتاجاً متميزاً عبَّر فيه عن تلك المكابدة التي عاشها وعاينها على الصعيد الفردي والوطني الجمعي وكأنها غدوة صنواً لهما في الوجود، لا ترغب في أن تغادرهما. فالمبدع الراحل لم تشغله الاختلافات السياسية الداخلية بين التيارات الفلسطينية وفصائلها، ولم تطحنه الأهواء والجري وراء شهوة مؤقتة أو زائلة؛ وإنما ظل يبحث عن كل ما يوصله إلى اللذة المشرقة لأصحاب المجالدة والمعاندة الذين يفوزون بانتصار قضية شعبهم. وإذا كان المرحوم قد قام بعدد من المهام الأخرى فإنه ظل مشغولاً بالهم الإبداعي، الذي جعل خطابه فيه جزءاً أصيلاً من قضيته.. لا تستطيع كلمات قليلة أن تنهض بما تركه المرحوم (سقيرق) من آثار نسجتها قريحة مدهشة؛ وصاغتها مشاعر جياشة؛ فعقدت صلتها مع الكتابة المبدعة التي لا تجف ينابيعها، ولا تذبل أوراقها، وقلَّ من أحسن الارتقاء إلى كينونتها الفاعلة والمؤثرة والواعية، ما يفيد بأن خسارة الإبداع برحيله قبل موعده كانت خسارة كبرى كما أن خسارتي به كانت خسارة صديق عزيز تفانى في سبيل الواجب...؛ ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً.
[/align]
|