العاصفة الثانية
ـــــــــــــــــــــــ
الفقرة الأولى
ــــــــــــــــــ
هَلَعَ الجموع المحتشدة ليتعرفوا على الحدث الذى رجَّ الحيْ.. ..
إلى ذلك الصوت الآتي من بعيد ، هل هو اصصطدام !ام انفجار!
ولكن ما زال الغبار يُثير زَوْبَعَةْ من الرمال حتى صار السْفِلتْ تُرابيا يختلط بالحصى فيُعيق حركات الأقدام
و عن بُعْد أمتار استدلَّ إليه الجميع ،
يا إلهي،يا إلهي، ."لمم يعد للفكر مجال لم ..يعد للعقل مجال"،.. كل شيء اختلط بدوّامة تأتي وتروح حزنا وخوفا ما هو المصير؟
ومن تكون تلك الضحية المترامية من بين الزجاج والحديد ؟
،وقُيِّد الجميع بنظزات تلتقي نحو ذلك الجسد يتسائلون بأصوات تجلجل بزغيق قوي يدوي به تدافع الناس، ليتعرفوا إلى الحدث وأخذوا يُلَمْلَموا ما يحمله سلمان من حاجيات ربما يصلوا إليه ؟
كان معهم رجل طويل القامة عريض المنكبين قويا
صلبا ذو هيبة وقوة" اسمه وليد." .......عندما حدَّق بسلمان وجد أن ملامحه مختلطة بدماء ،
الفقرة الثانية
ــــــــــــــــــــــــ
حتى توصل هذا الرجل إلى محفظته المرميَّة وبداخلها
هويته
نظر وليد للإسم والصورة ،ذُهل ،و أخذ يلعق شفتيه بلسانه
ثم ارتعش حسره ،وتسارعت دقات قلبه ،
- شهق زعق ،استفزت كريات دماءه، وبصوت مرتفع قال:- " لا، لا " أُصدِّق، إنه الممثل المشهور
"سلمان محمد"
كان وجهه في زوايا العتمة يطل من بين الزجاج المتناثر
أخذ البعض يتصل بالشرطة، والآخر يقطع الطريق ليغيثه ببعض المياه ،،أما الرجل ذو القامة الطويلة ، استقرَّ بجانبه خائفا حائراً ، ينظر إليه وتعتريه قَشْعَرِيرَة تهتَّز لها أشْلاء جسده وتنسل إلى شراينه، وأسئلة الخوف تلاحقه وتزاحمه وتنسل
في دماغه، حتى ارتعدت ركبتيه ، واجْتَثَّ على السِّفلْت وضَمَّه و مسح وجهه بِكَفيه ثم أمررهما على جسده
أخذ" وليد" يبحث عن أنامله التى تلاقت بأصابع سلمان فما لبثت إلاَّ وأن استمدَّ حركتها منه ، فشدَّ عليه بقوة حتي بدأت شفتيْ سلمان ترْتعش فزعا ،ويُخرج لسانه ويحرِّكه في كل اتجاه وكان صوته يصوت بكلمات غير منتظمة تتناثر من
كل اتجاه والسُمْفونيَّة الصادرة من حَلقه يستنجبد بها أنفاسه المكتومة ،وعيناه تلتصقان بنظرات شاحبة تحولان تحت الأشياء وإلى الوراء ،و ترتدان خوفا ومن بين الأقدم وفوق الأتربة وحبَّات الزجاج ،
كل فكرة تحاصره بأشباح الموت ،وافترشت فى
أوعية دماغه
الفقرة الثالثة
ـــــــــــــــــــــ
مسح وليد وجهه وبلَّل شفاه بقطرة ماء ليحي الأمل البازع....حتى وصل الإسعاف ووقف الجميع ،و الكل مُقْطَب الحاجبين، نافِر العروق والأعصاب مشدودة ،يلتقطوا الأنفاس فكفُّوا عن الصراخ ينظرون إلى بعضهم البعض ، والصمت يُغَلِّف نظراتهم
فتطلع وليد إلى السماء بصفاء ، رافعا يديه لله ذو الجلال والإكرام ..ورافقه في سيارة الإسعاف وهو يمسح عن جبينه حبات العرق مرتجيا له الحياة
أما زوجته سعاد كانت تعوم حزنا وجزعا تنظر إلى اللِّص ساهمة واجِمَة والدَّمع في عينيها بين مَدِّ وجَزْر..تتعطر ببعض الآيات لتزيل طَيْف الحيرة والخوف وتنعم بالأمان..فهي بين يدي رجل غريب
زَوْبَعَت من الحيرة والاضطراب تُعَرْبِد في نفسها وعقلها،
ثم َتْجتَثُّ في أعماقها، أغْمََضَت عينيها على شعور لذيذ في ابتهال ومناجاة ،لحظات و روح مقبلة إليها تنبض بالحياة ،سبحان الله حتى الجنين في عراك ،ولا يعلم أحد سوى الله رفعت سعاد بصرها إلى السماء.فوجدت .رعد،،ومطر..وريح صافر..
شحب لونها وارتفع ضغط دمها
كان ذلك اللِّصُّ المغيث اسمه فتحي كان في دوامة من الذهول و،شتات..وحسرات نادم، وكان يطري وجهه بنظرات عاتية وشلال الندم يخفق في خاطره
كيف كان سيسرق بيت هذه المرأة وهي تأمنه؟
لم تنطق شفتاه كان بحر يعوم بغم لَزِج.
- فارت دموع سعاد من عينيها وتبللت شفتيها المرتعشان ببكاء مُرْ
وقلبها انتفض خجلا من هذا الرجل
- فقالت عندما نظرت إلى سيارة فتحي ا
- كيف ؟وإلي أين ؟
- هز فتحي رأسه
ثم انحنى ومد يديه ليحملها بسيارته فاستندت بجسدها المتعب على كتفيه وحملها نحوَ المرتبة الخلفية لتمتد عليها ثم تقدَّم يَخطو بِخطوه الثقيل ، ملهوفا يلهث ثم استقل سيارته
وعندما انطلق بها للمشفى
- عرَّفها بنفسه ..
- اسمي فتحي ثم قال لها بهدوء :
اطمئني سأكون أمين عليك يا سيدتي وما عليك إلا أن تتصبري
- فأضافة سعاد بنبرة حزينة:
- أرجوك "أسرع ،أسرع" ..وعندما نصل اتصل بهذا الرقم .و اسمي الكامل ( سعاد عبدالرحمن)
كانت عقارب الزمن تمضي بتكاسل وتزحف بطيئة مثل السلحفاة
ارتبك فتحي ..فالشرطة تلاحقه باستمرار ...فالتزم الصمت .
وعندما وصل فتحي، أَسْرَع بها لقسم الاسعاف ، اسْتلقت علي سرير عجلي يحملها إلى حجرة الولادة فقال لها الممرض :ـ
"استرخي، استرخي" يا سيدتي ،ولكنها بدأت ترسل صيحة" تُنفٍّس بها عن كل الكُربات ..صراخ قوي يندفع
الفقرة الرابعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت ولادة مبكرة اضطر الطبيب طبعا أن يقوم بعملية قيسرية ،،
ولكن.لا بد أن يوقع المرافق ،تلفت الممرض يمناه ويسراه ليبحث عن المرافق!فلم يجده..أمر بالعثور عليه فالحالة خطيرة ولا تتحمل الانتظار
- لمحه أحدهم شدَّه بقوة من يده ..قائلا:-
يجب أن تكمل البيانات وتوقع على العملية حالا
- ارتبك فتحي....وتلعثم قائلا: و"لكن، ولكن "
- فردَّ عليه رجل الاستعلامات قائلا:-
ما عليك لا تحمل هم المال ..
- أغمض فتحي جفنيه ثم تنفس بعمق وقال :- "حسنا، حسنا"
ثم اضطر أن يَتْبَعه إلي الاستعلامات وهو مُطَأْطِأْ رأسه ،وعينيه تلاحق أقدام ذلك الرجل خوفا أن يتعرف عليه أحد
كان الرعد هزيم يخترق أذنيه و خطوط كهربائية تتسلل من بين النجوم تُرسل أشعتها الوامِضَة لتُضيء المكان..انه المطر
- ردَّد رجل الإستعلامات رافعا صوته :ـ
لو سمحت،أعطني الهوية أو أي إثبات !وما هي صلة القرابة؟
- فأجاب فتحي على سؤاله خائفا
"أنا،أنا” ... ثم استطرد مرتبكا:-أنا أخوها وزوجها مسافر ..واسمها سعاد عبد الرحمن
ثمَّ وَضَع فتحي يديْه بجيبه متظاهرا أنه يُخرج الهوية .. وقال له بارتباك :- لم أجدها ،ربما هي بالسيارة يا سيدي أتسمح لي أن أوقع حتى لا أعطلكم...
- فردَّ رجل الإستعلامات بعصبية :-حسنا ، حسنا ولكن لا تتأخر
وبعد أن وقَّع خرج ،لكنه لم يستطيع أن يتركها فاتجه نحو هاتف (الكبينة) ثمَّ رفع السماعة
وأدار القرص ليحادث زوجها
- فردَّ وليد
من؟
- أجاب فتحي بسؤال
هل أنت زوج سعاد عبد الرحمن ؟
- رد عليه وليد بتعجب لماذا تسأل وأنت المتَّصل ؟
- فصمت فتحي ثم تكلم بارتبك وقال : زوجتك تلد، ثم دلَّه على العنوان
وبسرعة أقفل السماعة..!
سبحان الله ..يا لهذا" الرجل وليد" لقد قضى يومه مع سلمان وعائلته
أما فتحي انتظر من خلف الجدار حتى يطمئن عليها ..فهو يشعر أنه المسؤول
*********************************
يتبع بإذن الله
خولة الراشد
"لا تقف حائراً أمام ما تُريد أن تَفعله المهم أن تبدأ عند اكِْتِمال الفكرة"