رفيق الطريق
قصة قصيرة – د. ناصر شافعي
دق جرس المدرسة معلناً نهاية اليوم الدراسي . صرخ الأطفال والصبية في فرح وبهجة , معبرين عن سعادتهم البالغة لإنتهاء يوم من أيام الدراسة المملة .. إندفع الجميع نحو باب المدرسة خارجين , مهرولين كالطوفان الجارف .. أو كخيل جامح .. الكل يضحك و يمرح .. البعض يقذف بحقيبته في الهواء .. والبعض يقذف الصواريخ الورقية لتشق عنان السماء . إلا طفل صغير - لم يتجاوز السابعة من عمره – يجر جسمه الصغير بساق ضامرة , عاجزة .. تحت إبطه عكاز خشبي هزيل .. تلتف حول رقبته يد الحقيبة المدرسية القماشية الرخيصة . إنه مرض شلل الأطفال اللعين , الذي أصابه منذ سنوات ليبقى معه حتى الممات .
إرتطم بكتفه الصغير صبي سمين , فكاد أن يطيح بالطفل الصغير على الأرض . تبادلا النظرات الساخرة .. وجرى الطفل السمين بسرعة ليلحق بسرب جراد اللهو . لم يستطع الصغير أن يمنع دموع الألم و الحسرة من أن تجري كالموج الهادر من عينيه .. تلفت في حسرة و شوق باحثاً عن صديق أو رفيق يصحبه في الطريق .
بعد دقائق قليلة كان صغيري يقف وحيداً أمام الباب الحديدي المغلق للمدرسة .. بعيداً عن الهرج و المرج .. متفادياً نظرات السخرية و الشفقة التي تأتيه من كل عيون المارة .. وكل سكان الحارة .
فجأة .. يربت على كتفه يد حنونة .. تحمل عن كاهله الحقيبة .. تصافحه و تمنحه ثقة وقوة .. يد تعانق يديه وتعطيه أملاً و حباً.. يبتسما و يسيرا معاً في الطريق إلى النور..في إتجاه الشمس .
إنها يد أستاذه ومعلمه .