التعليم من أجل التفكير
د. ناصر شافعي
حدث في السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في نظم المعلومات و تكنولوجيا المعرفة .. مما أدى إلى حدوث تغيرات عديدة و تطورات شاملة في جوانب الحياة العملية المختلفة. وشملت رياح التغيير و التطوير المؤسسات التعليمية في العالم كله, فطورت مقرراتها الدراسية ومناهجها التعليمية لتواكب طوفان العلم الحديث و التكنولوجيا المتقدمة .
ولم يصبح التعليم مجرد دروس للتلقين و الحفظ , وإنما أصبحت المناهج الدراسية تخاطب مراكز التفكير في العقل البشري.. و تدعوه لكي يتفاعل مع المعلومات و الحقائق ليمزجها مع تفكيره و إبداعاته و إبتكاراته , بما يناسب هذه المعلومات و ما يلائم الإستفادة منها .
وأُدخل على المناهج التعليمية و المقررات الدراسية برامج لتطوير التعليم , ورُفع شعار " التعليم من أجل التفكير " لتنشيط القدرات العقلية للطالب و تنمية الذكاء . . فيتحول الطالب من مجرد " طرف سلبي متلقي و متلقن" إلى "طرف إيجابي متفاعل وفعال" .. فيحفز طاقاته وينشط ما بداخله من إبداعات و إبتكارات و مواهب , و تجعله يستطيع أن يجيب على هذه الأسئلة التي تدور في عقله :
·لماذا أتعلم ؟
·ماذا ينبغي أن أتعلم ؟
·ماهى ميولي و إتجاهاتي ؟ .. كيف أنميها ؟
·ماهى قدراتي ؟ .. كيف أستغل هذه القدرات و أطورها ؟
·ماهى أمنياتي و طموحاتي في العمل المستقبلي ؟
·ماذا يجب أن أتعلم لكي أحقق رغبتي ؟
·كيف أحدد طريقي في التعليم و الدراسة ؟
·هل ما درسته يكفي لتحقيق طموحي ؟ .. أم علىّ أن أتعلم المزيد ؟
·كيف أستفيد ن الإمكانات المتاحة لدى في تحقيق مزيد من المعرفة و التدريب ؟
·كيف يمكن أن أستفيد من المكتبة و مراكز البحث و الكمبيوتر و الإنترنت ؟
إن النظم العالمية التعليمية الحديثة تسير الآن في إتجاه "التعليم من أجل التفكير" لاستغلال التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات , وإستخدام الأساليب التعليمية الحديثة المتطورة , التي تخاطب العقل , لتطوير إمكانات الطالب الفكرية وتنمية قدراته العقلية الإبداعية.
والدعوة إلى التعليم من أجل التفكير , لا تلغي المناهج الدراسية النظامية , بل يجب أن تسير معها جنباً إلى جنب . فالتعليم من أجل التفكير سوف ينشط القدرات العقلية وينمي ذكاء الطالب , فيستطيع الطالب أن ينظم المعلومات و المعارف الدراسية التي يتلقاها .. ويستطيع أن يزيد قدرة الاستيعاب و التحصيل لديه .. ويزيد من قدرة إسترجاع المعلومات و الإستفادة منها .
كل ذلك سوف يؤدي إلى إستخراج الطاقات الخلاقة الكامنة في العقل البشري .. وبالتالي الحصول على "التفكير المنتج" وهو النتيجة النهائية المطلوبة للعملية التعليمية . وإذا منح الطالب الفرصة لاستغلال هذه الطاقات الفاعلة لديه , أي منحه فرصة لتطبيق الأفكار إلى واقع فعلي ملموس , فسوف يحقق الطالب النجاح , وسوف تظهر مواهبه و إبتكاراته وإبداعاته .
لا شك أن التقدم الحضاري لأي أمة يقاس بما يحققه البشر من نجاح و إبتكار و تقدم في مجتمعاتهم .. ولن تستطيع أي أمة أن تتقدم بدون أن تطور و تنمي القدرات البشرية المتاحة لديها , إبتداءً من مراحل التعليم الأولى , وحتى مراحل العمل النهائية . لذلك ندعو إلى تنمية قدرة الطالب على الإبداع و الإبتكار , عن طريق إدخال مناهج دراسية و أساليب تعليمية متطورة , تخاطب العقل وتهدف إلى "التعليم من أجل التفكير" .
تحياتي .
حقوق النشر و الطبع محفوظة للمؤلف . د. ناصر شافعي . حياة صغيري . القاهرة .