الشعر خبزي اليومي رغم احتراق دروب العمر
[align=justify]في حوار مع الشاعر طلعت سقيرق :
الشعر خبزي اليومي رغم احتراق دروب العمر
حوار : سميح عبد العزيز
كثيرة هي الأعمال التي صدرت للشاعر طلعت سقيرق من شعر ونقد وقصة ورواية وقصة قصيرة جدا ،بلغت حتى الآن خمسة وعشرين عملا مطبوعا ، وربما مازال الآتي كثيراً .. ولأن الحوارات التي أجريت مع الشاعر سقيرق في التلفزة والإذاعة والصحافة كثيرة ،ويفترض أنها غطت الكثير من جوانب تجربته الإبداعية الطويلة .. فقد رأينا أن نخرج في هذا الحوار عن التقليد ، لندخل في الحيز الشائك إلى حد ما .. فماذا يقول الشاعر طلعت سقيرق في هذا الحوار ؟؟
*إذا عدت إلى السنوات الأولى ، ماذا تقول عن إبداعك في ذلك الحين .. مثلاديوانك (( لحن على أوتار الهوى )) الصادر عام 1974؟؟..
** صدقني إذا قلت لك أحب هذا الديوان وكل ما كتبته في تلك السنوات البعيدة رغم بساطة وبراءة هذه الكتابات ، لكنها عبت عن الوقت الذي كنت فيه ، وليس منطقيا أن تكون مماثلة لما أكتبه الآن ، وظني أن ما أكتبه الآن ، لن يكون بمستوى ما سأكتبه بعد سنوات .. علينا أن نعترف بما هو زمني بالنسبة لنا .. نحن ننبني مع الزمن كما ينبني النضج الإبداعي في الداخل ..
*كأنك لا تريد الاعتراف بضعف البدايات .. هل هو الحنين إلى الماضي ؟؟
** ربما .. لكن لماذا نريد دائما الوقوف على شباك الماضي لمسح ملامح كل ما كان!! نسف الماضي يعني نسف الحاضر .. الآن لا يجوز القول ليت الذي كان لم يكن ، هذا هروب غير مبرر .. الحنين ربما .. الديوان الأول كان في غاية الضعف ، ربما .. الأمر لا يهمني كثيرا .. لكن لا أستطيع التخلي عن أي كلمة كانت لي وماتزال ...
*بدأت بكتابة شعر الغزل ، وها أنت تعود إليه بعد مرور كل هذه السنوات ((القصيدة الصوفية )) مثلا .. لماذا .. أين كتاباتك عن الوطن ؟؟
** السؤال غريب إلى حد ما .. شعر الغزل ليس تهمة ، ولن يكون تهمة في يوم من الأيام .. أنا أحب لأن وجودي مرتبط بكل الحب الذي في الدنيا .. مرتبط بطفولتي التي تمشي معي وتسكنني ولا تريد أن تغادر ، لأن الشعر لا يكون دون براءة الطفولة .. أما الكتابة للوطن وعن الوطن ، فهي لغتي وملامحي ، ولا أحد يستطيع القول إنه كتب أكثر مما كتبت عن الوطن وللوطن .. حتى الكتابة الوطنية لا يمكن أن تكون خارج مفهوم الحب والغزل ..
*قلت في جواب عن سؤال طرحه عليك أحد محاوريك إن الديوان المفتوح زمنيا أول تجربة على هذا الشكل في العالم .. كيف عرفت أنها الأولى ؟؟
** يا صاحبي قد ثبت لي بالدليل القاطع أنها الأولى من خلال خبر قرأته في واحدة من صحفنا المحلية يقول إن عددا من الشعراء قاموا في تجربة رائدة غير مسبوقة حين أصدروا شعرا مرفقا بلوحات على بطاقات بريدية في مطلع العام 2000 .. ولأن محرر الصفحة الأخيرة واسع الإطلاع فقد نسي أو تناسى أنني أصدرت بطاقاتي التي ضمت قصائد ولوحات منذ العام 1996.. كنت أصدر كل عام 18 بطاقة .. طبعا تواصل الإصدار حتى مطلع عام 2000 .. كان يفترض أن يشير من نشر الخبر إلى ذلك ، لأن بطاقاتي الجديدة كانت بين يديه وهو يصوغ خبره العالمي الهام .. لكن كالعادة نحب كل ما يأتي من الخارج .. سبحان الله .. ألست معي في أن كل محرر من هؤلاء يحتاج إلى محرر يعلمه كيف تكون الصحافة ؟؟
*كيف قوبلت البطاقات في العام 1996؟؟
** كانت غريبة إلى حد كبير ، وكل من وصلته البطاقات كان يسأل ماذا تعني بالديوان المفتوح زمنيا ؟؟ ثم شيئا فشيئا صارت الطاقات مألوفة وكتب عنها الكثير ، وكثير من هذه البطاقات تحدثت عنها الإذاعات والتلفزة .. وأذكر أن إذاعة مونت كارلو أجرت معي حوارا حول هذه التجربة على أساس أنها الأولى في العالم ..
* ألم تبالغ القاصة حنان درويش حين رأت أنك وضعت الحد الأعلى في الشعر حين كتبت القصيدة الصوفية ؟؟
** هذا السؤال يمكن أن تجيب عنه الزميلة القاصة حنان درويش ..
*كأنك تؤيد كلامها ، هل هو الغرور ؟؟
** ما كتب عن القصيدة الصوفية كثير.. وما كتبته الأديبة حنان درويش جزء مما كتب .. فكيف تريد مني القول أخطأ هذا وأصاب ذاك .. لا يحق لي قول رأيي في أي نقد سلبيا كان أم إيجابيا ، ما كتب عن القصيدة الصوفية يفوق عدد صفحاتها بمرات كثيرة .. أحاول الاستفادة من النقد ليس إلا .. أما الغرور فلا أظن أنه يتوافق مع طبيعة الشاعر ..
*لكن كل ما كتب عن إبداعك ، وهو كثير ، يتصف بالمديح ، هل هذا معقول ؟؟
** يا صاحبي الشعر خبزي اليومي رغم احتراق دروب العمر بناره المقدسة .. هل أقول للنقد عليك أن تشتمني حتى يرضى محاوري ؟؟ كل ناقد له رأيه ... والذين كتبوا رأوا في إبداعي الجانب المشرق ، فإذا كنت ترى الجانب المعتم فلماذا لا تكتب عنه ؟؟ صدقني ستفيدني كثيراً وسأشكر لك صنيعك ..
*أنت من رواد القصة القصيرة جدا .. الآن تأخذ القصة القصيرة جدا مساحة واسعة .. ما رأيك بما يكتب الآن منها ؟؟
** أولا أحب أن أصحح ، فأنا لست من رواد القصة القصيرة جدا ... الذين سبقوني زمنيا في كتابة هذا اللون كثيرون منهم محمود علي السعيد ومحمد توفيق السهلي .. وقد تطول القائمة ، ولا مكان لي بين الرواد في هذا .. ما يكتب الآن لا يبشر بالخير لهذا اللون من الأدب .. صارت كتابة القصة القصيرة جدا تشبه كتابة قصيدة النثر ، أعني صار الأمر مجرد استسهال ليس إلا ، وكأنها وظيفة من لا وظيفة له ..
*على ذكر قصيدة النثر ، ما رأيك بها ؟؟
** مشكلة قصيدة النثر تكمن في الاستسهال كما أسلفت ، والاستسهال لا يترك لنا أدبا .. شعراء قصيدة النثر ، إن وضعناهم بين الشعراء ، لم يتركوا بصمة تقول إنهم مروا من هنا !! اذكر لي خمسة أسماء ولك جائزة .. ولا داعي لأن نعزف على نغم الأسماء الكبيرة مثل الماغوط وسواه .. أنا أتحدث عن هذا الشعر في الوقت الراهن .. الشاعر محمد الماغوط له بصمة كبيرة لأنه مبدع كبير ، لكن أين الآخرون ؟؟
*الصحافة .. أقصد عملك الصحفي ألا يؤثر على إبداعك سلباً ؟؟
** طبعا لا .. الصحافة تؤثر سلبا على من لا يملك زمام الإبداع .. أو على من تأكل الصحافة أصابعه العشرة بشكل يومي .. من جهتي كانت الصحافة ومازالت محرضا ومحركا نحو الأفضل.. الصحافة تجعلك على تماس مع القارئ ، وهذا شيء لا تنكر إيجابياته ..
*ما رأيك بالإبداع النسائي كونك تؤلف معجما عن المبدعات العربيات ، هل وصل إلى المستوى الذي يعول عليه ؟؟
** السنوات الأخيرة أثبتت أن الأنثى قادرة على الحضور الكبير في عالم الأدب .. كثيرة هي الأسماء التي لمعت بجدارة .. في الشعر ، في القصة ، في الرواية .. وهكذا .. طبعا هذا مؤشر على أن الأنثى تأخذ مكانها المناسب في الأدب .. يشمل ذلك الوطن العربي ككل ، وإن كنا نجد ذلك أكثر بروزا وحضورا في سورية ..
*أخيرا هل بقيت للشعر مكانته التي كانت سابقا ؟؟
** طبعا .. الأدب بشكل ، وليس الشعر وحده ، تراجع وجودا وحضورا إلى حد ما أمام سيطرة الصورة المتلفزة .. هذا يعني ضرورة مناقشة كل الجوانب .. ومن الخطأ أن نقول إن الشعر تراجع .. وكأن الأمر يعني الشعر وحده .. الحياة لا تكون دون شعر ... الحياة لا تكتمل دورتها دون شعر .. للشعر مكانه ومكانته .. والمواقع التي خسرها شملت دور الأدب ككل .. [/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|