التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,831
عدد  مرات الظهور : 162,256,361

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > الجمهوريات العامة > جمهورية الأدباء العرب
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06 / 03 / 2010, 21 : 03 AM   رقم المشاركة : [21]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

19


[align=justify]
هل حقا كان حديث الشيخ كافيا لكي يجعلني أنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة و أصرف النظر عن كل شيء أم أنني فقط كنت أغالط نفسي وأتجاهل مشاعري الدفينة التي استطعت كبتها لفترة ؟ ..تساؤلي هذا ظل يلح علي و أنا أوغل في الغابة التي تغطي الجبل بكثافة فلا تسمح برؤية أي شيء .. إلا إذا اعتليت صخرة من الصخور الناتئة هنا وهناك ..غير أني مع تجاهلي لأحاسيسي المكبوتة ، كنت لا أمنع نفسي من الالتفات بين الفينة و الأخرى متوقعا أن أرى غادتي تسرع الخطى لتلحق بي .. فينتعش صدري و تتأجج أحلامي .. بل إني كثيرا ما تمنيت أن أكون حالما لأستيقظ و أجد نفسي متجها نحو البحر لألتقي بها هناك على الشاطئ و أعود بها .. وربما نسيت أو تناسيت أنها لم تغب عن ذهني قط .. فكان كل جذع شجرة يذكرني بقوامها فأهرع إليها ألقي بنفسي عليه و أحضنه بكل ما أوتيت من قوة ، وكانت كل حركة من أوراق العرعر و الصنوبر تحيل ذاكرتي غلى شعرها المتموج مع الرياح .. بل كثيرا ما استلقيت على ظهري وسط حقل من حقول الذرة التي تتوسط الغابة و أوراقها تداعب وجهي .. وكل حفيف لهذه الأوراق كان يجعلني أنتشي كأنما كنت استمع إلى أنفاسها وهي تهمس في أذني ..
الآن تأكدت أنني لن أنساها و لن أتخلى عنها .. فهل أعود أدراجي و أنحدر من جديد إلى الشاطئ ؟ .. حائر أنا وسط هذه الغابة .. لا يجيبني سوى رقرقة مياه جدول صغير ينساب بين الأعشاب .. يتناهي إلي نباح كلب فيخفق قلبي طربا .. معنى هذا أن أحد الرعاة قريب مني .. وربما يكون رفيقي .. يا إلهي كم اشتقت إليه و لنظرته الحزينة .. في نفسي شوق كبير لمعانقته و مبادلته الحديث .. أحس بلهفة لمعرفة كل شيء عنه و عن محبوبته ، أو ربما كنت أنا في حاجة لأنفس عن صدري ما يعتلج فيه من مشاعر القنوط و الأمل ..
وعلى غير وعي مني ، سلكت طريقا يؤدي إلى الكوخ .. ممنيا النفس بلقاء الراعي الطيب .. وشعرت في لحظة أن مجرد اللقاء به و محادثته سيعيد إلي البسمة التي افتقدتها منذ مدة ..
أقفز بين الصخور و أمد يدي لألمس بعض الأغصان المتدلية نحوي كأنها تحييني .. وأنزع حذائي و مسكه بيدي ثم أشمر عن ساقي و أعدو وسط الجدول فأثير رذاذا حتى يبلل ركبتي .. منذ متى لم أحس بكل هذه السعادة دون أن أدري مبعثها ؟.. هناك إحساس دفين يتردد صداه في قلبي ممنيا نفسي بشيء تشتهيه و تتلهف إليه ، و إلا فما هذا الحبور المفاجئ الذي غمرني وأنا الذي كنت لساعات فقط فريسة القنوط و اليأس ؟
انقلب كل شيء رأسا على عقب .. وصرت أتخيل ما أتمناه و أحلم به قاب قوسين أو أدنى مني ..
عرفت الآن أن حبي لغادتي لم يتغير قيد أنملة .. بل زاد تأججا .. و إنما كانت مغادرتي لها وهي على الشاطئ مجرد انفعال ليس إلا .. بل كان لا وعيي يتوقع أن أجدها من ورائي تقتفي أثري .. هل كان ذلك غرورا مني ؟ .. ربما .. ولكني متيقن الآن أنني متلهف إليها و غير مبال بصدها أو وجومها .. قد أكون أخطأت في عدم الإنصات إليها إلى آخر المطاف .. وكان علي الصبر و الأناة لمعرفة كل شيء .. تسرعي أفسد كل شيء وفوت علي فرصة الاطلاع على حقيقة تصرفها معي .. هي ولا شك قلة تجربة لي في مجال العواطف .. وانعدام خبرة في عالم المرأة .. كم كان الشيخ العجوز يتكلم عمن أحب بثقة رغم أنه لم يحدثني طويلا عنها .. ترى كيف كان حبه وطريقة تعامله معها قبل و بعد الزواج بها ؟
الأسئلة تتضارب في ذهني و أنا أشرف على الكوخ .. لا أحد هنا .. لكن قشور البرتقال عند الباب و تناثر بعض قنينات العصير تنم عن تواجد رفيقي منذ لحظات قليلة هنا .. سأحث الخطى لأدركه قبل أن يصل إلى بيته .. حتى يتسنى لي التحدث إليه بكل حرية ..
- فعلت حسنا بعودتك ..
التفت إلى مصدر الصوت لأجده واقفا غير بعيد واضعا عصاه فوق كتفه وقد وضع كلتا يديه عليها .. قهقهت عاليا و أسرعت إليه أضمه قائلا :
- ألا يمكن أن تتركوا أحدا يرتاح من خلقتكم أيها الرعاة ؟
قهقه بدوره وهو يربت بشدة على ظهري وقال :
- ألا يمكن أن تريحوا الغابة و أهلها من إزعاجكم أيها المتطفلون ؟ ..هيه.. قل لي أيها العاشق الولهان .. ماذا تم من أمرك ؟ وأين الأمانة التي ذهبت لتأتي بها ؟
- بل أنت حدثني عن الأميرة ابنة ولي نعمتك .
- هي هناك تنتظر عودتي على أحر من الجمر .. و أنا أتدلل لأصل متأخرا ..
ضحكنا معا و انحدرنا حيث كان القطيع يتجمع ليأخذ وجهة البلدة الصغيرة وقد أخذ المساء يتلون بصفرة بهيجة .. صفرة كانت ستبعث في نفسي انقباضا لو كنت في موقف غير هذا ..
صديقي الراعي يعيش الحلم كما أعيشه .. بل إن حلمه أقرب للغرابة .. كدت لا أصدق ما رواه لي عن أن فتاته متعلقة به لولا معرفتي بصدقه و سلامة طويته .. كيف ؟ .. هذا ما حدث .. صار يجدها لدى عودته من المرعى خارج البلدة متذرعة تارة بالتنزه ، وتارة بالبحث عن عنزتها المدللة ، و أحيانا بانتظار عودة أبيها من السوق الأسبوعي فيحييها و يلحظ حمرة وجنتيها .. ثم صارت تبحث عنه لتشكو إليه مرض عنزتها أو هروب جدي من الحظيرة حتى صار يشك في أنها هي التي أطلقت سراحه ..
صديقي لا يبدو عليه أنه سعيد بهذا التحول لدى محبوبته .. بدا لي رزينا وهو يحدثني بتلقائية عما حدث ..
- ها قد نلت المبتغى .. ماذا تريد أكثر من هذا ؟
- أي مبتغي يا أخي ؟ .. هل أنساق مع عواطف فتاة لا تعرف من الحياة شيئا ؟ .. حسنا هي تحبني و لا يمر يوم دون أن تأتي لتراني .. وبعد ؟ .. هل تظن أن كل شيء انتهى ؟ .ز ألا ترى وضعي ووضع أسرتي المتأزم ؟.. لا وقت لي للحب .. رغم أني أعيش هذا الحب .. لكني لا أتركه يبدو للعيان .. ولن يرى النور حتما .. فمثلي لم يخلقوا إلا للشقاء و الضنك .. لكن الحمد لله على كل حال و أنا راض بما قسمه الله لي .
- لا تيأس .. الله قادر على تغيير الأحوال .. و أنت شاب طيب وشهم ..
حديثنا لم ينته ونحن نلج من جديد البيت ليستقبلنا الإخوة وقد انتفى عنهم الشعور بالرهبة التي انتابتهم في المرة السابقة .. بل و أقبل أصغرهم مادا يده إلي بتفاحة لم يبق منها سوى القليل ..
من جديد أجد نفسي أمام مشهد يزخر بالحب رغم البؤس .. لا شكوى و لا زجر و لا تذمر .. وكأن الكل عرف ما له و ما عليه .. حتى الصغار تصرفوا و كأنما حفظوا دورا أملي عليهم .. والأب الذي لم يتسن لي لقاءه سابقا بدا لي أهدأ من الجميع .. كثير التأمل .. لا تفارق البشاشة وجهه .. كان يأمر دون أن يتكلم و ينهى بدون إشارة .. بينما زوجته تصول و تجول بين الحجرات ومن خارج البيت إلى داخلة في حركة لا تعرف الكلل ولا الملل .. تبدو كخادمة ، لكنها محور كل شيء .. تشبه زوجها في أمره و نهيه دون أن يصدر عنها صوت ..
أتى دوري لأشبع فضول صديقي .. و أحدثه عن غادتي وعن الشيخ و ما جرى على الشاطئ .. لم يقاطعني و إنما اكتفى بهز رأسه و الابتسام كعادته .. ولم أجد حرجا في الحديث بعفوية .. وشعرت بحماسي يزداد مع ازدياد أملي في أن يتغير كل شيء دون أن أعرف كيف و متى .. كل ما أدريه هو أن عودتي هذه لا بد و أن تتكلل بما يسر .. وأن مفاجأة تنتظرني في عشي .. فهل كان تلكئي في الوصول بعد أن كنت أتحرق شوقا لمعانقة أشيائي العزيزة هناك ، مبعثه الخوف من خيبة الأمل ، أم لتمديد فترة الاستمتاع بهذه الطمأنينة التي تشملني أطول وقت ممكن ؟ ..
في بعض الأحيان يعتريني شعور أنني سأجد هذه المفاجأة في عشي أو في طريق عودتي ، بل أحس أنها قريبة مني وتحوم حولي كلما خرجت مبتعدا عن بيت صديقي ..
اليوم نحن على موعد مع باقي الرعاة لنتغذى في قمة الجبل .. أسر لي صديقي أننا حين نعود سوف أرى محبوبته في انتظاره .. وهذا ما أجج فضولي .. سأرى أخيرا تلك التي سلبت قلب الراعي الطيب .. وصرت منذ الآن أقارن بينها و بين غادتي رغم أني لم أر الأخرى قط .. لكن خيالي دائما ما يسرح بعيدا ..
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 28 : 03 AM   رقم المشاركة : [22]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

[align=justify]

20


في هذه اللحظة و أنا وسط الرعاة نتحلق حول قصعة حوت أرنبا بريا ومرقا و بطاطس ، نسيت كل شيء واندمجت في حديث تقطعه بين الفينة و الأخرى قهقهة أو ترنيمة .. جو ممتع و بعيد عن كل كلفة و كأننا أصدقاء من عهد بعيد .. وأجمل ما انتبهت إليه هو خلو الحديث من أي تعريض بأحد أو الشماتة به حتى وهو يبتعد عنا بحثا عن الماء أو حطب لتبقى النار مشتعلة .. الكل يترنم بأغنيته ، بل يكمل ما بدأه صاحبه وكأنهم يتناوبون في نظم قصيدة غزل .. وأتساءل في صمت : هل يعيش كل واحد من هؤلاء البسطاء الطيبين حكاية حب مثلي ومثل رفيقي ، أم أن ترنيمتهم عفوية تنطق بها سجيتهم البدوية الميالة للحب العشق العذري البريء ؟ بيد أني ما لبثت أن عدت إلى واقعي وهاجت في لحظة أشجاني فأبديت لصاحبي رغبتي في العودة إلى البيت متعللا بالتعب .. نظرته إلي توحي بأنه فهم ما أحس به فنهض ينفض يده و ينتزع ما علق بين أسنانه من لحم بواسطة أعواد رقيقة كان يشذبها بعناية و نحن جالسون قبل الغذاء ..
ألقينا التحية على الباقي من الرعاة ثم انحدرنا نحو البلدة التي كانت تبدو لنا من بعيد بدورها القليلة المتناثرة . الأصيل يزيد من هيبة الطبيعة وهي تستعد لمفارقة الشمس الجانحة نحو المغيب .. لم نقل أية كلمة .. وقع خطواتنا يبدو رتيبا وسط هذا السكون الشامل .. ما الذي يفكر به صديقي ؟ هل يشاركني ما أحس به من لوعة أم أنه غارق في معاناته التي لا يرجو من ورائها شيئا ؟
تمر بنا مجموعة من الغيد وهن يحملن جرارا ملأنها بالماء عند المنبع .. يطرقن وقد اضطربت خطواتهن ، حتى إذا ابتعدن تناهت إلينا ضحكاتهن .. كنت متلهفا للتحديق في أية واحدة منهن لعلي أجد من يحبها رفيقي، لكن إعراضه و اكتفاءه بالرد باقتضاب على تحيتهن أوحى لي أنها ليست بينهن . بصره شاخص نحو المنعرج المؤدي إلى المنبع وقد بدا الطريق كدرب وسط صفين من أشجار السنديان ..
- هل نستريح قليلا ؟
أجبت بحركة من رأسي .. فصعدنا على تلة بجانب الطريق وهي تشرف من جهة على المكان الذي مرت به الفتيات منذ قليل و من الجهة الأخرى على البلدة .. و أمامنا امتدت المروج بعيدا حتى سفح الجبل الجاثم على شكل هرم و قد غطته الغابات كليا .. مرور القطعان لا ينتهي عند أسفل التلة ، وفي كل مرة أجد نفسي أرد بالتحية على صاحب القطيع وقد بدا التعب على وجهه .. بينما كان صديقي يرد على استفسار البعض عن ولادة عجل أو مرض بقرة ..
ومع أفول آخر شعاع من الشمس ، لمست حركة لا إرادية من رفيقي ، فوجدته يلتفت نحو المنبع .. هناك انبرت فتاة متوسطة الطول .. تمشي الهوينى وهي تترنم ببعض الأهازيج المعروفة في المنطقة .. ابتسمت في سري و أنا أحدق في صديقي وهمست له :"شمس تغيب و شمس تشرق.." .. ابتسم رغم شروده ، وحول بصره نحو الجبل بينما تتبعت أنا خطوات الغادة المقبلة نحونا وملامحها تزداد وضوحا .. شرد ذهني وزادت دقات قلبي .. يا إلهي .. لولا أني تركت غادتي هناك على الشاطئ لخلت أنها هي بلحمها ودمها .. نفس العينين .. نفس الشفتين .. نفس القوام الذي أبرزه تمنطقها بمنديل مخطط بالبيض و الأحمر.. حتى الشعر المطل من تحت شاشيتها العريضة ينم عن غجريته .. حتى مشيتها كانت تحاكي مشية غادتي و تضاهيها رشاقة .. هل يمكن أن يكون التشابه إلى هذا الحد ؟
أيقظني صوتها وهي تحيي رفيقي وقد بدت على محياها علامات الانزعاج ، ربما من تواجدي .. هل كانت تمني نفسها بلقائه وحيدا لتعترف له بشيء ما ، فجئت أنا وأفسدت كل شيء ؟ .. حز في نفسي أن أكون سببا في إفلات مثل هذه الفرصة وتفويتها على محبين .. لكن صديقي هو الذي أتى بي إلى هنا لأراها .. فلا مجال للوم النفس .
رد التحية عليها باقتضاب ، ثم قال :
- ألا تحيين ضيفنا ؟ ..
- مرحبا بالضيف الكريم .. على الرحب و الساعة .. هل هو باق هنا مدة أطول ؟
نظر إلي صديقي فارتج علي ولم أدر ما أجيب لشدة وقع أثر صوتها علي، لكني استطعت بعد جهد جهيد أن أقول :
- سوف أغادر البلدة غدا إن شاء الله ..
- هل أعجبتك منطقتنا ؟ ..
- بلدتكم جنة ..
ضحكت فزاد اضطرابي ، ثم توجهت بالحديث إلى الآخر :
- هل التقيتم بأبي ؟ .. لن يتركه يرحل قبل ثلاثة أيام من الضيافة .. و أنت تعرف هذا .. لن يسامحك ..
أجاب صديقي بالنفي وقد علت الحمرة وجنتيه .. أضحكني موقفنا و اضطرابنا أمام غادة في مقتبل العمر.. وعذرت لصاحبي ذلك .. لكن ماذا علي أنا ؟ .. وما سبب ارتباكي ؟ ..
غادرتنا الفتاة و نحن نحدق تارة فيها .. نتابع خطواتها كالبلهاء .. وتارة نحدق في بعضنا البعض .. كنا واقعين تحت ما يشبه السحر .. وفي لحظة انفجرنا ضاحكين ونحن نشد على يدي بعضنا بشدة .. وقلت :
- معذور و الله يا صديقي .. كنت أعرف أنها رائعة لكني لم أكن أتوقع مثل هذه الروعة ..
- حقا ؟ .. ولكن .. كما ترى .. لا أمل .. أعيش على الوهم و أعرف أنه وهم ..
أردت أن أذهب عنه ما اعتراه من غم فقلت ضاحكا :
- حسنا .. مادمت تعرف أنه وهم و بما أني فشلت في أقناع غادتي بمرافقتي .. فأنا الأولى بها الآن ..
التفت إلي شاردا وهو يبتسم قائلا :
- حقا .. لقد لاحظت سهومك و أنت تنظر إليها .. ما الذي جذب اهتمامك ؟
أربكني سؤاله و خشيت أن اذهب أفكاره بعيدا فقلت :
- غادتك رائعة يا صديقي .. وقد وجدت تشابها بينها و بين غادتي .. وأنا أرى في هذا فألا حسنا في ما ينتظرني هناك في عشي .. هل أصارحك بشيء ؟
- قل ..
- لدي إحساس بأنك ستفوز بها .. كل الشروط متوفرة .. و أهمها حب الفتاة لك .. المهم أن تعرف كيف تتصرف لتحقق أمنيتك و تذهب عنك هذا الإحساس باليأس الملازم لك .. قم و انفض عنك غبار القنوط وافتح ذراعيك للدنيا .. و أطلق عصافير حبك تصدح شدوا .. واترك الأمل و التفاؤل يغزوان قلبك .. تفاءل بكل شيء واعلم أن ما قدره الله سيكون شئت أم أبيت ..
هل كنت أحدث نفسي عبر صديقي .. هذا ما بدا لي وأنا أسترجع ما قلته حين أطفئت الشموع وأخلد الجميع إلى النوم .. بقيت جالسا على حافة السرير الخشبي أتطلع إلى الكوة وقد ساد الظلام و ازداد حلكة مع اقتراب السحر .. كنت أتخيل البدوية مارة قرب البيت وهي تتطلع إلي بعينيها النجلاوين .. فتصيبني رعشة و أهم بسؤالها .. عماذا أسألها ؟ .. هل تعرفين فتاة تشبهك و تقيم على الساحل ؟ .. يا له من سؤال غبي ؟ .. ستكتشف أنني أسألها فقط لمجرد السؤال أو لغاية ما بنفسي ..ما الذي حدث لي ؟ ..هل أكون وقعت بشركها ؟ هذا محال .. لأني لا زلت أهفو إلى الشاطئ و من تلازم الشاطئ .. هل يكون لتشابهمها سببا في تعلقي بغادة رفيقي ؟ .. هذا محتمل .. لكنه تعلق بالأخرى عبر هذه .. صرت أتفلسف وقت السحر .. هل ينتهي بي كل هذا إلى الجنون ؟
الفجر يبزغ و أنا أنظر عبر الكوة إلى الخارج الذي بدأ يتنفس على وقع نور الصباح .. تبدأ حركة العصافير و زقزقتها إيذانا بعودة الحياة إلى إيقاعها المعتاد .. و تصدح الديكة في تناد متواصل .. ليسمع وقع حوافر القطعان و هي تخرج للمرعى .. تدب الحركة في البيت وتملأ خياشيمي رائحة القهوة و البيض المقلي ..
أجلس مع الأسرة وأجيل النظر عبر أنحاء البيت ثم أتطلع إلى ما يحيط به كأني ألقي نظرة وداع أخيرة .. إلحاح الأسرة كبيرها و صغيرها على البقاء لمدة أطول يحرجني وأنا المتلهف للوصول سريعا إلى عشي.
الجو أصبح غائما وغطت السحب قمم الجبال .. حدثني صديقي عن أخبار تناقلها الوافدون من ناحية عشي أن العاصفة كانت قوية في بعض المناطق و أن السيول جرفت معها الكثير من الأشجار .. فتمثلت لي دوحتي شامخة لا يؤثر فيها إعصار ولا سيل .. لكن بالي لبث مشوشا على عشي و عش العصفورين .. وقلقت لمصير البوم .. فكان هذا حافزا لي على مغادرة البلدة بأسرع وقت ممكن حتى أقف على حجم الدمار الذي خلفته العاصفة ..
العناق و البكاء و التواعد على تبادل الزيارات كان آخر ما ميز فراقي عن صديقي العزيز .. شددت على يديه و أنا أنظر بقوة إلى عينيه محاولا أن أنفث فيهما قوة .. لكني كنت أيضا أحوج ما أكون إلى من يزرع في آمالا بقرب تحقيق مناي ..
مع وصولي إلى آخر قمة تشرف على عشي كانت السحب قد بدأت بالانقشاع .. فصرت أحدق نحو الأسفل حيث انتصبت الدوحة في إباء .. لكني لم أستطع تمييز ما يحيط بها .. فأسرعت بالانحدار وقد عاد إلي الشعور بالابتهاج .. أخيرا عدت إلى عشي الذي طالت غيبتي عنه .. سأتعهده من جديد و أهتم بشأنه أكثر من أي وقت مضى .. وها أنذا أسير على ضفة النهر الصغير الذي يمتد هناك حتى يحاذي الدوحة ليميل نحو اليمين و ينزل شلالا ..وجدت في طريقي أكوام من الحجارة التي جرفتها المياه و أكوام من الطين الذي لم يجف بعد ، لكن الذي لفت نظري هو انتفاء أي أثر للدمار بالقرب من شجرتي .. بل أحسست كأنما يد خفية امتدت لتزيل كل أثر لذاك الدمار .. حتى شجرتي وجدت عليها لمسة رقيقة تتمثل في طلاء جذعها بالجير الأبيض وكذلك بعض الأحجار التي صفت عن اليمين و الشمال لتشكل ممرا أنيقا نحو المنبع و آخر إلى البيت . عجبا .. من كان يظن أنني سوف أجد كل هذه الأناقة التي تحف بعشي بعد العاصفة التي تحدث عن قوتها الكثيرون ؟ .. أسرعت بتسلق شجرتي لأجد عشي بأبهى ما يكون من حلة .. بينما احتضن الغصن المقابل له عشا خشبيا طلي بالبياض أيضا .. ومن داخله بدت لي كومة صغيرة من التبن وبعض العيدان وقد توسطتها ثلاث بيضات صغيرة .. كدت أطير فرحا .. و أسرعت بالنزول لأتابع الاستكشاف .. كأنني أعيش حلما .. لكن داخلي كان يهتف و يصيح : لا .. ليس هذا بحلم .. بل حقيقة .. اجر و اركض واستمتع ..
وجريت و ركضت و استمتعت بمعانقة كل ما تركته .. الربى .. الجداول .. المنبع .. حتى وصلت إلى حافة الشلال لأجلس لاهثا أنظر إلى الوادي وقد غمرني فرح لم أشعر به قط من قبل ..
السكون يبعث في نفسي طمأنينة .. وهدير السيل هناك في الأسفل يشعرني بقوة ..
- هل أعجبك منظر عشك ؟
لم ألتفت .. فقد هبت نسمة محملة بأريج مألوف عندي لتملأ خياشيمي .. وتلقى مسمعي صوتا ليس غريبا عني .. فأحدث هذا خدرا في جسدي ولبثت مطرقا أعبث ببعض الحصى .. بينما كانت بداخلي قوة هائلة تدفعني للنهوض والانقضاض على صاحب الصوت .. أو على الأصح .. صاحبة الصوت .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 31 : 03 AM   رقم المشاركة : [23]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

21




في كثير من الأحيان ، تتبدى لنا الطبيعة بألوان نميزها دون عناء ولا يشكل لنا ذلك أية صعوبة .. فالأخضر اليانع أخضر ، و الأصفر الفاقع أصفر ، و الأحمر القاني احمر . ونفس الشيء ينطبق على ما يحيط بنا من جبال شاهقة تكللها الثلوج وروابي تتعانق في ما بينها ومروج تهتز وتربو محتضنة جداول و غدران تصطبغ بلون السماء .. حتى الأصوات تكاد تكون مألوفة من هبوب رياح وحفيف أوراق وخرير مياه و زقزقة عصافير و هدير نهر ونقيق ضفادع ..
لكن كل هذا اختفى في لحظة و أحسست أنني أعيش في عالم تنتفي الأصوات فيه و الألوان .. بل إن جميع الأصوات اجتمعت و امتزجت لتشكل ترنيمة غريبة .. و تداخلت كل الألوان لتحيك خيوطا متشابكة .. هل هو الأصيل أم هي ساعات الصباح الأولى ؟ .. هل أعيش السحر أم بداية المساء ؟ .. ترن في أذني عبارة "هل أعجبك منظر عشك ؟ّ" .. فلا أدري هل أستدير و احتضن من نطقت بها أم ألزم مكاني لأنتظر .. أنتظر ماذا ؟ .. هل هو الخوف من أن تتكرر التجربة الأولى من جديد فلا أمسك إلا بسراب ، لتبدأ معاناتي من جديد و أتيه في دوامة من الوهم ؟ ..
يطول الصمت و أحس بالحرج .. هي ولا شك تنتظر مني جوابا و إلا فسرت صمتي بجفاء و نفور فأكون بذلك قد أهنتها ، وربما تختفي إلى الأبد .. ولكني في قرارة نفسي و مع خوفي من أن أستدير و لا أجدها كنت تحت تأثير قوة لا قبل لي بها ، تدفعني لكي أمارس لعبة التشفي و .. لم لا .. الانتقام ؟
هكذا إذن طفت أحاسيس طالما تجاهلتها و داريت حدتها .. أحاسيس تتقد غضبا و ثورة لم يطفئها إلا حديث العجوز بهدوئه و حلاوة سرده .. لكن ذلك كان مؤقتا فقط .. والآن لم يعد هناك ما يمنع من أن تطفو من جديد وأرد الكيل كيلين و الصاع صاعين .. لكن .. هل من شيمة المحب الانتقام و التشفي ؟ .. وهل كنت أنتظر هذه اللحظة بلهفة و شغف لكي أصفي الحساب مع من ملكت القلب و الروح ؟ وهجرت من أجلها عشي و جبت القفار و الغابات و سلكت الوديان كي أصل إليها وأعود بها ؟ .. ماذا أنتظر ؟ .. أن تركع أمامي متوسلة منتحبة ؟ لا لشيء إلا لأرضي غروري و نزعة التسلط الكامنة في قرارة نفسي ؟ .. هل يهون علي رؤيتها بذلك الانكسار و التذلل و أنا لا أعرف من الحب إلا الأنفة و الشموخ و العزة ؟ .. ثم من يضمن لي إن هي استعطفت و اعتذرت ألا ينقلب حبي لها و عشقي إلى شفقة ؟ .. و الشفقة كما يقال دخان الحب .. فإذا انجلى الدخان ، لم يتبق من ورائه إلا رمادا دافئا يبرد مع مرور الوقت .. علي إذن أن أتصرف سريعا و أتخذ موقفا واضحا .. فإما أن أدخل متاهة اللوم و العتاب وأستسلم لشيطان التحدي و العناد ، و إما أن أسامح و أعفو لتصفو الحياة و نعيش في وئام ..
- لقد زاد بهاء وكان محتاجا لذلك منذ زمان ..
رغم ما حرصت عليه من نبذ اللوم فإني وجدت نفسي أحشو الكلام به دون أن أعي ما أقول .. الصمت يزيدني عذابا .. لحد الآن لم ألتفت إليها .. ترى هل لا زالت بجانبي أم أنها رحلت ؟.. إن كانت فعلت ذلك فعلي و على الدنيا السلام .. سأهجر كل شيء و أعتكف في ذلك الكهف و أعزف عن كل مباهج الدنيا .. لا حب ولا عشق ولا أي شيء من هذه التفاهات .. يمر لقلاق متجها نحو عشه فوق برج عتيق فتسنح الفرصة و أنا أتابعه لأحيد ببصري إلي يميني وقلبي يزيد خفقانا .. لا أحد بجانبي .. هذا ما كنت أخشاه و أتوقعه .. ضاع كل شيء .. فقط بسبب أنانيتي وغروري .. هذه نهاية حتمية للغرور و الاعتداد بالنفس .. يا إلهي ما أشقاني .. ما العمل الآن ؟
التفت بعنف نحو عشي القابع هناك فوق الشجرة فاستبدت بي رغبة جامحة في تدمير كل شيء .. وبدا لي الممر المجير بالأبيض وكأنه أفعى تهم بلدغي .. اسودت الدنيا في عيني و نهضت وقد تبددت كل الألوان و اختفت كل الأصوات فلم أعد أرى إلا السواد ولم يعد يطرق أذني سوى طنين خلته آتيا من عالم آخر .. أصوات هي شبيهة بنعي .. هي النهاية كما أظن .. لأرحل من هنا فورا .. لكن قبل ذلك لألقي نظرة وداع أخيرة على شجرتي و عشي .. إذ رغم ما طاف بذهني من فكرة التدمير فإني أحسست بالشفقة عليهما .. العش ينظر إلي بحسرة و كأنما علم مآله .. و عش العصفورين الخشبي استكان في حزن فلم يبد منه ذاك البياض الناصع ..
تأملته في صمت واقتربت منه كي أنظر إلى داخله ففوجئت بالعصفورة جالسة تحتضن بيضاتها .. لم تهرب ولو يبد عليها أنها انزعجت من حضوري .. فقط بدرت منها حركة فهمت منها أنها تستجمع البيض كلها تحتها لتحس بها و تنفث فيها دفئها .. ظلت ترمقني تارة بعينها اليمنى و تارة بالأخرى فابتسمت لها .. لكنها ابتسامة لا معنى لها ، إذ كان ذهني شاردا و أفكاري مشتتة . مددت بأصبعي أداعب منقارها فنقرته بخفة كأنها تستجيب لمداعبتي .. بل أطبقت عليه وهي تلويه يمينا و شمالا .
استلقيت على الغصن المقابل و أنا أنظر إلى الأسفل .. شعرت برغبة ملحة في التمشي نحو المنبع فنزلت واتجهت نحو المنبع .. لم أسلك الممر ، لكني حاذيته وأنا أتحاشى النظر إليه .. المكان يترقرق ماء و قد علا خريره حتى لا يكاد يسمع صوت آخر .. ينساب الماء بين الصخور فأختار إحداها و أجلس .. تأخذني سنة ويتابع بصري حركة الماء دون أن أعي ذلك ..
- يبدو أن العش لم يرقك بمنظره الجديد ..
في هذه المرة التفت يمينا و شمالا .. ثم نظرت إلى الخلف لأجدها على صخرة قريبة .. كانت تبتسم وكأنها تعلم ما يعتلج بداخلي ..
- حقا .. شيء رائع .. لم أكن أتصوره بهذا البهاء ..
- و المسلك الذي طليته بالأبيض .. لم تحاشيت المرور منه ؟
ارتج علي لحظة ، ووجدت نفسي أجيب دون تردد :
- خفت أن أفسده .. ربما كنت أنتظر أن نسلكه معا ..
يبدو أن جوابي أعجبها ، فمالت برأسها لتخفي ابتسامة ارتسمت على شفتيها ..
- هل أنت غاضب مني ؟
- غاضب ؟ .. معاذ الله .. من قال لك هذا ؟
- تلكؤك في الرد علي حين سألتك في المرة الأولى عن العش .
- كنت فقط تحت وقع المفاجأة .. لكن قولي .. كيف ومتى أتيت إلى هنا ؟
ضحكت ضحكة أخذت بمجامع قلبي ومادت بي الأرض حتى خشيت أن يغلبني الدوار و أسقط وسط الماء ..
- لذلك حكاية طويلة سأرويها لك عندما تحكي لي ما جرى لك منذ رحيلك عن الشاطئ ..
تعود الألوان لتشرق من جديد .. وتعود الأصوات كما كانت ، ونحن نغادر المنبع نحو عشي .. عفوا عشنا، وقد لزمنا الصمت و تركنا ما حولنا ينوب عنا في انتقاء الكلمات .. كانت تسير بجانبي دون أن أحيد النظر عنها وكأني أخشى أن تختفي فجأة ، أو أستيقظ من حلم فأجد نفسي عند صديقي الراعي أو في بيتي .. لكنها ظلت معي .. لم تختف .. وكانت تختلس النظر حين ألتفت إلى جهة لأريها شيئا .. و أفاجئها وهي تحدق في فتحمر وجنتاها و أخال الشفق قد اصطبغ بحمرتهما ..
كنا نسير على غير هدى .. نذرع الحقول ونصعد تلة تشرف على الوادي فيثير فينا منظره أحاسيس أعجز عن وصفها .. أشعر أني ممسك بزمام حبي بقوة حتى لا يفلت مني ..
- هل أنت سعيدة معي ؟
لم تجب و إنما كان كل شيء يصيح بداخلها ما يغني عن الجواب . كنت متلهفا لسماع صوتها ، لكن من حولي كان يرن صدى كلامها الصامت .. ووجدت نفسي أسال من جديد :
- ألا زلت خائفة مني ؟
- بصراحة .. أخاف من هذا الحب ومآله .. كنت أخشى أن يأتي يوم أتساءل فيه .. وماذا بعد ؟ .. أحسست أن الانتظار و الأمل في اللقاء مع ما يحمله من معاناة خير من اللقاء و التوجس من الأتي المجهول .. أحاول ما بوسعي أن أبعد عني هذا الشعور بالخوف ..
سكتت قليلا وعضت شفتيها كأنها تتردد في قول شيء يحيرها ثم سألت :
- ألم يساورك نفس الشعور ؟ لم لا تبوح لي بكل شيء ..
لم أرد .. كنا على مشارف العش ونحن عائدين من جولتنا .. وهناك في أعلى الشجرة وقفت عصفورتي وبجانبها رفيقها وهما لا يتوقفان حركة و زقزقة .. بينما كان آخر سرب من الطيور يجوب السماء في رحلة عودته المسائية .. تفاءلت بعودة العصفور وزاد انشراح صدري .
- طبعا سأبوح لك بكل شيء مادمت ستفعلين مثلي .. لكن .. لتعلمي فقط أني رغم غيابك ورغم خيبة الأمل التي عدت بها من الشاطئ .. ورغم إحساسي بالقهر و القنوط ..
ران الصمت و أحسست بها متلهفة لسماع بقية الكلام ..
كنت منشغلا بالنظر إلى العصفورين وقد تشابك منقاراهما .. وعلت زقزقتهما .. فابتسمت و نظرت إليها لأجدها تبتسم مثلي وقد دمعت عيناها وعادت الحمرة تصبغ وجنتها وجدائل الشعرالغجري يغطي جزءا منها. وهناك في الأفق كان الشفق يتخذ لونا أرجوانيا ساحرا .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 35 : 03 AM   رقم المشاركة : [24]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

[align=justify]

22


. . . . . قل لي . . من أنت ؟!!!

حين اتذكرك . . تذوب الكلمات ... في فمي . .
ويرغد في الحياة . . قلبي
. . . . قل لي من أنت !؟ . . .
. . . بل . . . دعني ابكي . .
دعني ابكي .. وألجم نفسي
لئلا يغيب في حضورك .. عقلي
لئلا استجدي من اوقاتك . . اللحظات
ومن حروفك . . الكلمات
فقد اودعت بين الجوارح . .
لتبدع في معزوفة عشق
.. تدق بألم بين الضلوع
اليوم أنا على موعد مع غادتي عند الغدير .. موعد هو الأول من نوعه منذ عرفتها .. افترقنا بعد لقائنا الأخير ، فذهبت هي حيث تقيم .. وعدت أنا إلى عشي بعد أن ودعتها وشيعتها بنظري حتى غابت بين الحقول وقد شملها ضباب كثيف أضفى على الليل سحرا و غموضا .. اختفت و قد تضوع الجو بعبيرها المألوف لدي .. غادتي تسكن في كل مكان و في تظهر في كل زمان .. كان وداعها لي أرق من النسيم العليل و أدفأ من خيوط شمس الخريف .. انسلت كما ينسل الصبح عن دجى الليل .. و لبثت أحدق في الظلام لعلي أميز شيئا من وراء الضباب الكثيف الذي غطى الحقول ..
وعدت لا تسعني الدنيا سعادة و حبورا .. أكاد أطير من الفرحة .. وبدت الأشياء من حولي تنتفض لفرحتي و تتمايل لسعادتي . فطغا حبي لكل شيء ، وشعرت بأني أرغب بمعانقة الشجر والحجر والطير وازددت أنسا
بالليل رغم لهفتي لانتهائه كي ألتقي بغادتي من جديد .. بدا لي الليل حنونا فلم تهب ريح ولم تغط سحابة سماءه المتلألئة .. وتعالت أصوات كأنها ترانيم تشدو بما أشعر به من ابتهاج .. فهذه الصراصير تعالت أصواتها في تواصل بدد الصمت الذي كان سيبدو لي موحشا في غير هذا الموقف ، وهذه الضفادع يتردد نقيقها عبر المروج .. وهذا الجدول يسمح لمائه بخرير ممتع .. كل يشدو و يترنم فيشعرني بالأنس و يملأ نفسي بالأمان و الأمل .. سألت غادتي متى نلتقي ؟ .. فلم تجب و إنما نطقت عيناها بما كنت أهفو إليه . عينا غادتي تنطق دونما حاجة إلى الكلام . قالت لي العينان : انتظر عند السحر حتى بزوغ الفجر .. وقالت لي ابتسامتها اصبر حتى يطلع أول شعاع للشمس ..
وانتظرت إلى السحر و أنا في عشي .. لم أطق فراقه لأجد نفسي من جديد حبيسا بين الجدران .. كم غفوت و استسلمت لسنة طافت بي أصقاع المعمور .. وفي كل مرة أنتفض خشية أن أكون استسلمت للنوم فتفلت مني فرصة اللقاء المرتقب .. وجاء السحر و تيقظت حواسي مترقبة متوثبة .. الآن توقفت الأصوات كلها وكأنها تشاطرني ترقبي و انتظاري .. وهفا كل شيء مثلي إلى ذاك المنعرج الذي يختفي بين الحقول الهامدة حركتها ..ربما همدت لتسمعني خطوات غادتي إذا أقبلت . وكعادتي حين تستبد الأشواق بي ، صرت أترنم :


سكن الليل


سكن الليل
و في ثوب السكون
تختبي الأحلام
وسع البدر
و للبدرعيون
ترصد الأيام
فتعالي
يا إبنة الحقل
نزور كرمة العشاق
علنا
نطفي
بذياك العصير
حرقة الأشواق
أسمع البلبل
ما بين الحقول
يسكب الألحا
في فضاء
نفخت فيه التلول
نسمة الريحان
لا تخافي
يا فتاتي
فالنجوم تكتم الأخبار
و ضباب الليل
في تلك الكروم
يحجب الأسرار
لا تخافي
فعروس الجن
في كهفها المسحور
هجعت سكرى
و كادت تختفي
عن عيون الحور
و مليك الجن
إن مر يروح
و الهوى يثنيه
فهو مثلي
عاشق كيف يبوح
بالذي يضنيه

الآن .. حان وقت نزولي من أعلى شجرتي .. علي أن أهيئ استقبالا يليق بمقدمها .. أعلم أنها مفتونة بورق الزيتون ، فأسرعت بنسج إكليل تخيلتها مثل آلهة الإغريق و أنا ألبسها إياه .. كم ستبدو رائعة ، بل فاتنة و قد عقصت شعرها الغجري إلى الوراء و انزاحت خصلات منها بعض وضع إكليلي على رأسها الجميل .
أقف عند الغدير وفي يدي إكليل من ورق الزيتون .. فرشت الضفة ببعض الأوراق الذابلة التي أطاح بها الخريف ووقفت أتأمل الأفق منتظرا أول خيط أبيض من الفجر .. وبحركة لا إرادية صوبت بصري نحو المنعرج و كأن هاتفا يهتف بي أن انظر إلى هناك فعن قريب سوف ينجلي الضباب عن غادتك .. ومن هناك سمعت وقع خطوات خفيفة تقترب .. وترنيمة شجية تعلو فتكسب المكان و الزمان رونقا و سحرا ..
يتلون الأفق ببياض باهت بينما تزداد الخطوات اقترابا .. أحس برعشة تسري في كياني فأضم الإكليل إلى صدري وأحدق في المنعرج .. هناك تبدت الهالة التي رأيها عند الشاطئ فعادت بي الذكريات إلى تلك اللحظات التي تجرعت فيها مرارة اليأس و القنوط .. لكن اليوم ليس كالأمس .. اليوم احتفال .. وانتصارعلى اليأس .. مرحبا بك أيتها الغادة الفاتنة .. ومرحبا بك من جديد في عشي الذي طالما هفا إلى مقدمك و حن إلى معانقتك .. تعالي إليه ، فهو رغم هروبك و اختفائك لا زال يصبو إلى طلعتك و يأمل في وصالك ..
لا أكون مغاليا إذا قلت أني لا أتذكر كيف كان لقاؤنا من جديد في ذالك الصباح الندي ، و متى جلسنا على حافة الغدير ، ومن بدأ منا الكلام ، أو على الأصح هل تحدثنا حقا .. لكني وجدت نفسي في لحظة أستمع بشغف إليها وهي تعود بذاكرتي إلى الشاطئ ولقائنا المثير هناك ..
"كان قلبي يتمزق ألما و أنا أراك تنصرف غير عابئ بنظراتي وهي ترجوك البقاء .. كنت أراك مندفعا تحت تأثير ثورة خفت أن تؤدي بك إلى ما لا تحمد عقباه .. لكني أيضا كنت لا أملك من أمري شيئا .. كنت فقط أتضرع سرا أن تبقى حتى تمنيت في لحظة من اللحظات أن تمرض أو تصاب بالتواء خفيف ليحول ذلك بينك و بين رحيلك .. لكنك انصرفت لتفضي بأحاسيسك إلى العجوز بينما أنا لم أجد أحدا يسمعني إلا بعد رحيلك .. ولو انتبهت لوجدتني قريبة منكما تلك الليلة وهو يحدثك عن حكايته الحزينة .. خفت أن ينعكس نور الشمعة على وجهي و أنا أقرب إليك مما تتصوره .. خشيت أن تفضحني دموعي و شهيقي فآثرت الابتعاد وأوغلت في الليل الذي لم يتبق لي غيره لأشكوه همي و حسرتي ..
رأيتك تصعد الجبل فاقتفيت أثرك ، وحمت حولك و أنت تتوقف لتستريح وقد بدت عليك آثار الطمأنينة .. فرحت لأنك لم تعد حزينا لكني حزنت لأنك لم تعد تفكر بحالتي و أحاسيسي .. وكنت عازمة على تتبع خطواتك إلى ما شاء الله ، لكني رأيتك تعرج على كوخ صاحبك وتلتقي به .. فعدت أدراجي منتحبة وقد استبد بي القنوط .. لكني لم أستطع الابتعاد عنك ، فسلكت الطريق المؤدي إلى بلدة رفيقك الراعي لإحساسي بأنك ربما تقضي عنده بعض الوقت .. وكان ما توقعت .. وصرت أحوم من جديد حولك ، إلى أن رأيتك منبهرا بمحبوبة صديقك .. حقا أبهجني انها تشبهني و أن افتتانك إنما هو دليل على أنيي اسكن ذاكرتك .. لكن إحساسي تحول إلى غيرة فلم أعد أطيق المقام هناك وقفلت راجعة إلى الشاطئ وحيدة لا أنيس لي .. ولم أجد إلا العجوز أبوح له بآلامي و معاناتي .. ما أعظمه من رجل .. الآن علمت كيف استطعت محو آثار لقائنا الحزين و اندفعت نحو الجبل بروح مرحة .. قضيت معه النهار كله وأخذني معه كما فعل معك ، في رحلة بحرية قصيرة و هو لا يفتأ يذكرني بضرورة التحلي بالصبر و التفاؤل .. ولم تنته جولتنا حتى كنت أتأجج شوقا للحاق بك رغم أن ذاك الخوف من المجهول لم يفارقني ..
- عجبا لهذا الخوف الذي لا تريدين إزاحته عن صدرك ..
- آه لو أستطيع .. ليس بيدي .. قد تعجب لو قلت لك أنني وفي صعودي للجبل من جديد كان الخوف يزداد مع ازدياد شوقي للقاء بك .. وبقدر ما كان هديل اليمام ينعش فؤادي ، بقدر ما كان نعيق الغراب يشعرني بالرعب .. فأعود أدراجي ، لكني سرعان ما أنفض عني هذا الإحساس بالتشاؤم و أستمر في السير مهتدية بما يمليه علي حدسي .. وقر رأيي أخيرا على التوجه إلى عشك لأنتظرك هناك بعد أن أكون أعددته و أزلت ما خلفته العاصفة من دمار و خراب .. وجدت العصفورين فتفاءلت باجتماعهما و منيت نفسي بلحظات هناء نقضيها سويا.. حتى إذا قدر لنا الفراق من جديد ، كان لنا في ذكرياتنا خير العزاء ..
- أولا زلت تذكرين الفراق ؟
- رغما عني .. الحياة لا أمان فيها .. اليوم لقاء .. وغدا فراق ..
- ما أشد ما يحزنني ذكر الفراق .. ألا يمكن أن ننسى ذلك و نعيش لحظتنا ؟
- لا تسئ الظن بي ولا تحسبن أني أهوى النكد .. لكني أضع في الحسبان ما يمكن أن يحدث .. فإذا وقع ما لم يخطر ببالنا لن يشكل ذلك صدمة لنا .. أنا لا اقل عنك لهفة في الوصال و العيش معا طول عمرنا .. لكني أخشى المجهول .. ربما كان مللا .. لا أستطيع تحمل حياة تطبعها الرتابة و الضجر ..
- ولكن حبنا سيبعد كل هذا ..
- ربما .. لكني تعودت أن أعيش طليقة .. نفترق لتكون لهفتنا إلى اللقاء كبيرة .. استمتاعنا بهذه اللهفة و الانتظار لا تقل عن متعتنا باللقاء .. صدقني .. وكلما بعدت المسافات بيننا كلما ازداد حجم الشوق وتأججت نار الحب في قلبينا ..
كم هو عذب حديث غادتي رغم ما حواه من نذير بفراق جديد .. تضاربت أحاسيسي بين السعادة بقربها وبوحها ، وبين الأسى لاحتمال الفراق من جديد ..
- على الأقل .. اخبريني حين تزمعين الرحيل ..
ضحكت فتألق الكون من حولنا وافتر ثغرها عن أروع ابتسامة ارتسمت على شفتين .. وقالت :
- لا تستدن الرحيل من الآن .. ولنعش حاضرنا بعيدا عن كل ما ينغص صفونا ..
امتدت يدي في حركة غير إرادية إلى الإكليل الذي نسجته من ورق الزيتون ووضعته على رأسها .. كانت حركة مفاجئة لها .. لكن عينيها نطقتا ببهجة لم أعهدها فيها من قبل .. امتنان وعرفان و بريق غريب جعلني ارتعش .. كان بريقا يغني عن كل قول ..
وصمتنا .. لم ننبس ببنت شفة .. لكن كل شيء فينا كان يتحدث .. يصيح .. يتوهج .. الوقت يمر سريعا .. و الشمس تميل من جديد إلى المغيب .. لا أدري كم مر من الزمن ونحن جالسان علي حافة الغدير .. ربما ساعات أو أيام .. لكن غادتي لا تفارقني وأزداد تشبثا بها محاولا بكل ما أوتيت من قوة طرد شبح الخوف عنها و إرجاء الرحيل إلى أجل لا أدري متى يحين .. قالت لي إنها قد ترحل مع هجرة الطيور نحو الجنوب أو مع بداية العواصف عند انتهاء الخريف .. بل وحددت السحر موعدا لرحيلها .. فصرت أستفيق دائما عند السحر وأنتظر متوجسا أن تأتيني الرياح بخبر هذا الرحيل .. ثم أنظر إلى السماء عند المساء لأرقب مرور أسراب الطيور المهاجرة و أحدق في الأفق كي أميز عارضا ممطرا ينبئ بقدوم العاصفة .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 49 : 03 AM   رقم المشاركة : [25]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

[align=justify]


23
قل لي . . من أنت ؟!!!
حين أتذكرك . . تذوب الكلمات ... في فمي . .
ويرغد في الحياة . . قلبي
. . . .
قل لي من أنت !؟ . . .
. . .
بل . . . دعني ابكي . .
دعني ابكي.. وألجم نفسي
لئلا يغيب في حضورك .. عقلي
لئلا استجدي من أوقاتك . . اللحظات
ومن حروفك . . الكلمات
فقد أودعت بين الجوارح . .
لتبدع فيمعزوفة عشق
.. تدق بألم بين الضلوع
كان هذا آخر ما همست به غادتي و نحن نودع معا آخر شعاع الشمس قبل أن تختفيا معا .. الشمس تهوي من وراء الجبل الذي استحال لونه إلى سواد .. و غادتي توغل بين أشجار الصنوبر التي اصطفت في خضوع لتحيي مرورها .. تأملت الكلمات و أنا أردد كل حرف منها ..هل أطلب منها أكثر من هذا ؟ طبعا لأني أعلم أن روح العاشق طماعة و تهفو دائما للمزيد .. في الحقيقة لم أكن في وعيي حين كانت تردد كلماتها .. كنت واقعا تحت تأثير قوة لا مناص لي منها .. كان كل شيء في كياني في حالة خدر واسترخاء .. حتى الأصيل الذي غالبا ما كنت أهفو لتأمل شمسه وهي تزداد اصفرارا ، سهوت عنه وتعطل تفكيري .. وشلت حركة دماغي .. حتى الزمن توقف للحظة .. كان الأصيل .. وصار أصيلا وخلته سيبقى أصيلا سرمديا .
كل حركة توقفت من حولي .. فلا الريح عادت لتسمعني حفيف الأوراق .. ولا الجدول استمرت مياهه الرقراقة في شدوها .. ولا العصافير كما عهدتها ملأت الجو بزقزقتها ..
ألتفت إليها فأجد حقا دمعة تسري في هدوء على خدها الأسيل .. وأتساءل : لماذا تبكي ؟ .. هل هو إيذان باقتراب الرحيل ؟ أم أنه الوجد بلغ بها إلى هذا الحد ؟ .. إن كان هذا صحيحا ، فما أسعدني .. و إن كان الرحيل آن أوانه ، فما أشقاني .
ابكي يا غادتي ولا تتساءلي من أنا .. أنا قدرك الذي لا مفر لك منه .. أنا العاشق السرمدي .. أزلي أنا في حبي و أبدي في عشقي .. أنا ظلك الذي يلازمك في الحل و الترحال .. أنا الريح العاتية التي تثور حيت يستبد الشوق بالنفس و أنا النسيم العليل حين تهدأ ثورة الحب .. ابكي ودعي دموعك تروي نفسك المتعطشة كما نفسي للحب .. دعي أنفاسك تسري عير مسامي كمعزوفة عشق و ترنيمة حب .. اتركي نفسك تنساب مع هبات النسيم العليل لتتغلغل في أعماقي و تلتحم مع كياني .. اتركيها تنصهر في مهجتي و تسري في دمي .. حتى إذا آن أوان الرحيل ، رحلت و رحلت أنا معك .. بكل ما في من نبض .. ليكن الوداع ، فلم أعد أخشاه ، لكني أريده وداعا يليق بحبنا .. أريد أن يشهده كل من شهد ولادة حبنا بين الأحراش و الوديان .. لن أفزع للوداع ولن أجزع للفراق ، لأنك ستبقين بداخلي و أنا سأرحل معك .. فاجعليه وداعا لا ننساه أبدا .. وداعا تتحدث عنه كل الطبيعة بما فيها و بمن فيها ..
أعرف أنك سترحلين قريبا .. فهاهي أسراب الطيور مقبلة تتجه نحو الغرب وفي زقزقتها ما يشي بدنو لحظة الفراق.. وها هو الأفق يتلبد بالغيوم فتسود الدنيا و يهتز كل شيء على وقع الريح و الرعد .. لم يبق إلا أن أنتظر السحر .. لم يعد الغروب يؤجج الوحشة في نفسي .. فقد اعتدته ، بل صرت أستدنيه كل يوم منذ جلسنا على الصخرة نتأمل الوادي و رأسك مستند على كتفي .. كنت أشير إلى أسفل الوادي حيث يتهادى زوج من الحمام في ود و انسجام .. ثم نتابعه ببصرنا حتى يقتربا و يحطا على غصن قريب منا .. كم كانا رائعين و هما ينظران إلينا بفضول .. وحين لا تبدر منا حركة يبدآن في طقوس العشق الخاصة بهما فأرنو إليك لأجد عينيك الحالمتين تسرحان إلى الأفق البعيد .. و أسرح بدوري فأخالنا تحولنا إلى هذا الزوج من الحمام ، نفرد جناحينا لنحلق بعيدا بين الأودية و الخوانق ثم نعود إلى عشنا لنحط على الغصن المقابل له لنبدأ بدورنا في طقوس العشق غير مبالين بمن حولنا .. لأن ما حولنا كان يعيش طقوسه أيضا ..
هذه الليلة ليست ككل الليالي .. لا أعرف إن كانت قد طالت أكثر من اللازم أم أن ساعاتها انصرمت بسرعة لم أشعر بمرورها .. وقت السحر مألوف عندي .. حين يأزف ، أشعر بأن شيئا ما بداخلي يتأجج و أنني على موعد مع شيء ما .. كل شيء يستيقظ الآن .. ربما لأن العش و العصفورين و الشجرة و الجدول و المنبع و المرج و التلة كانوا يعلمون بموعد رحيلك الجديد .. حركة دائبة هنا وهناك .. الأوراق يشتد حفيفها مع اقتراب العاصفة .. وأولى قطرات المطر تنقر على أنفي و جبهتي كأنها تنبهني من غفوتي .. حسنا .. أنا انتظرك الآن يا غادتي لنقوم بطقوس وداع لم يشهد الماضي لها مثيل ..
بالأمس أعددت لك باقة من كل ما وقعت عليه يدي عند المرج الأخضر و فوق التلال القريبة .. زهور وورود و رياحين .. حتى العشب أبى إلا أن يلتحق بالباقة و يجد له مكانا بها .. أوراق الصنوبر و السنديان و العرعر تتوسل أن أضيفها إلى الباقة .. ماء الجدول يصيح ، فلا أملك إلى أن أغمس الباقة فيه ليبللها .. وفي غفلة من الجميع وقبل أن تظهري ، وضعت قبلة طويلة دافئة على باقتي لأني أعلم انك ستحملينها معك دوما وتحتفظين بها حتى إذا قدر لنا اللقاء مرة أخرى ، كانت لنا ذكرى نستحضر بها أيامنا و ليالينا .
في هذه اللحظة ، يطبق الصمت .. أعلم أن غادتي ستظهر بعد قليل .. كل ما حولي يغض الطرف احتراما لمشاعرنا المتأججة في هذه اللحظة الحرجة .. تقبل علي متهادية كعادتها في خطوها لتجدني وقد غادرت عشي ووقفت بجانب الشجرة .. لا نأبه للمطر المتزايدة حدته و لا للريح العاتية و هي تميل الشجر و تكاد تقتلعه .. تنظر إلى أعلى حيث العش و ألمح شبه ابتسامة حزينة على شفتيها المبللتين بماء المطر وقد ألصق شعرها الغجري على جبهتها .. مددت يدي بالباقة .. تفحصتها بحنو ولم أدر إن كان المطر المنساب على وجنتها مختلطا بدمعها ، لأني لمحت في عينيها بريقا و احمرارا .. هل تبكي غادتي ؟
آخذها من يديها و أسير بها نحو الغدير .. لا أدري لماذا أحب أن يكون اللقاء أو الوداع عند هذا الغدير الغارق في صمته وكأنما يصلي .. تستسلم ليدي وهي سارحة النظر مشتتة الفكر .. ربما ندمت على قرارها بالرحيل ولا تريد التخلي عن كبريائها .. أو لأنها لم تكن تريد أن تعيش هذه اللحظات ..
وفي لحظة .. ترفع الباقة إلى شفتيها وتقبلها في خشوع .. بل و تمرغ وجهها في زهورها و رياحينها و عشبها وأوراقها .. ثم تلتفت إلي و قد توهج عيناها وجدا .. كانت لحظة التحام .. أحسست أن روحينا تمتزجان و تنصهران في بوتقة واحدة .. بينما كان كل شيء من حولنا يهدر و يصيح بل ويغلي على إيقاع غليان روحينا و جسدينا .. حتى لم أعد أرى شيئا إلا ما يظهر لي من خلال وميض البرق ، لأجد نفسي في لحظة من اللحظات وحيدا قرب الغدير مستسلما للمطر يغزو جسدي .. واضعا يدي على شفتي و كأن المطر لم يكن كافيا لإطفاء لهيبهما ..
ماذا علي فعله الآن ؟ .. هل انتهى كل شيء ؟ .. هذا ما يبدو لي .. لكني في قرارة نفسي لم أستسلم لفكرة النهاية .. كنت لا أزال تحت تأثير لحظة الوداع .. وقد تضوع الجو بشذا غادتي .. حتى قطرات المطر الغزيرة خلتها تلونت بكل ألوان الطيف .. الآن علي التفكير في عشي .. لقد أقبل الشتاء .. ومحال أن يصمد أمام عتو رياحه و زخات مطره .. أين ألجأ الآن ؟ .. حانت مني التفاتة إلى الجبل وتذكرت كوخ صديقي الراعي .. هناك أيضا بالقرب مني أكواخ منتشرة بالجبل .. فلم لا ألجأ إلى أحدها لقضاء فترة من الشتاء الذي يبدو أنه سيكون عاتيا هذه السنة .. حدثتني جدتي يوما أن منازل الشتاء تكون قاسية خصوصا "الليالي" وأيامها الأربعين .. وحين تنتصف و تأزف ليلة "حاكوزة" يولد الربيع ويكون كحشرة ، ثم ينمو مع مرور الأيام حتى يصير فصلا كاملا .. وروت لي أيضا أن أصعب المنازل هي "سعد ذابح" .. فلا "وجه صبيح و لا كلب نابح" ، من شدة البرد .. آه يا جدتي كم أحن إلى حكاياتك و أنا في وحدتي هذه .. كم اشتاق إلى خبزك المرصع زبيبا و فستقا و لوزا في ليلة "حاكوزة " .
سآخذ كل لوازمي من أعلى الشجرة و سأصحب معي وكر العصفورين الخشبي ليكونا في مأمن من العاصفة هناك في الكوخ .. سيشعرانني بالأنس و يبددان وحشتي ووحدتي بعد رحيل غادتي في انتظار أن تجود الأقدار بلقاء آخر .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 33 : 04 AM   رقم المشاركة : [26]
بشرى الموسوي
كاتب نور أدبي ينشط
 





بشرى الموسوي is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الكويت

رد: عش رشيد الميموني الدافئ


لم اكن اعلم انني سأتيه في عالمك بين الحقول والجبال وفي الطبيعه الساحره من جديد !!
وفي الحقيقة انتبهت انني اتيه في داخلك ومشاعرك اكثر ( عذرا )
وما ألمني حقا ما عانيته ولا زلت تعانيه بسبب تلك المخلوقه الغائبه ..
اسعدني رجوعك استاذ رشيد وكم اشعر انني لا اريد ان تنتهي فصول قصتك .. ولكن
غياب عصفورتك ومعاناتك اتعبتني ( انا ) جدا جدا .. لانني اتابعك بالحرف والكلمه
استاذي رشيد ..
اما أن الاوان لتفرح وتبتسم نريد ان نشعر بذلك .. لنبتسم ونفرح جميعا معك !!؟
تحياتي الخالصه
توقيع بشرى الموسوي
 
زاويتي ..
قد كبلتها الأحزان
واحكمت قبضاتها هجرة الشمس ..
بشرى الموسوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 22 : 06 PM   رقم المشاركة : [27]
ناهد شما
مشرف - مشرفة اجتماعية


 الصورة الرمزية ناهد شما
 





ناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: صفد - فلسطين

:sm5: رد: عش رشيد الميموني الدافئ

::

مررت ألقي التحية عليك أستاذ رشيد
لي عودة إن شاء الله
دمت بخير





توقيع ناهد شما
 
سأنامُ حتى ساعة القلقِ الطويلِ وأفتحُ العينينِ من أرقٍ
يدي إنْ أقفلتْ كلّ الأصابع كي تشدّ على السرابِ
أعودُ مقتول الشروع بغسل أحلامي الصغيرةِ
كم تمنيتُ الرجوعَ إلى الطفولةِ يافعا ويردّني
صوتُ ارتطامي بالزجاج المستحيل على المرايا
أشتري منكمْ صلاتي فامنحوني ما تبقـّى من زمانٍ
وامنحوني كأسَ أحلامٍ تشظـّى في الظلامِ
عبرتُ نحوي كي أردّ قميص وقتي للزمانِ
فتهتُ في وجع النخيلِ ولمْ أنمْ إلا قليلا ..
الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق
ناهد شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 02 : 07 PM   رقم المشاركة : [28]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال سبع
[align=justify]عودة جميلة أخي رشيد الى عشك ، و أعلم أننا نتابع تمتعك بالطبيعة و زقزقة العصافير .. من حقك أخي أن تبكي في سكينة ، فما أحلى البكاء تحت أوراق الشجر و خرير المياه .


[/align]
دمت جميلا و عشك أخي أجمل .

أخي الحبيب جمال .. عودتي لعشي الدافئ لن تكتمل سعادتها إلا بحضوركم و طيب تشجيعكم ..ممتن لمرورك وشاكر لك حفاوتك ..
محبتي .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 05 : 07 PM   رقم المشاركة : [29]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجية عامر
نهنئ أنفسنا بعودتك أخي رشيد لنور الأدب، كنا واثقين من أنك لن تغادرنا بالمرة و أن اطلالتك المفاجئة ستكون حتما يوما ما، ها أنت عدت و الحمد لله وعشك الدافئ الذي ألفنا المرور به كل يوم لنقرأ لك الجديد.


لك مودتي

أختي الغالية ناجية ..
و أنا بدوري أهنئ نفسي على ما حباني الله من قلوب مثل قلوبكم تلتف من حولي تشجعني و تحفزني على الكتابة ..
شكرا لك من كل قلبي .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 03 / 2010, 10 : 07 PM   رقم المشاركة : [30]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بشرى الموسوي
لم اكن اعلم انني سأتيه في عالمك بين الحقول والجبال وفي الطبيعه الساحره من جديد !!
وفي الحقيقة انتبهت انني اتيه في داخلك ومشاعرك اكثر ( عذرا )
وما ألمني حقا ما عانيته ولا زلت تعانيه بسبب تلك المخلوقه الغائبه ..
اسعدني رجوعك استاذ رشيد وكم اشعر انني لا اريد ان تنتهي فصول قصتك .. ولكن
غياب عصفورتك ومعاناتك اتعبتني ( انا ) جدا جدا .. لانني اتابعك بالحرف والكلمه
استاذي رشيد ..
اما أن الاوان لتفرح وتبتسم نريد ان نشعر بذلك .. لنبتسم ونفرح جميعا معك !!؟
تحياتي الخالصه

الغالية بشرى ..
لو كان كل واحد منا يتحكم في ما يكتب لجعل كل دنياه ربيعا أخضر و شمسا و ابتساما ..
يسعدني تتبعك لما أكتب وهذه شهادة أعتز بها و أتمنى أن تبقى كلماتي في مستوى ذائقتك الرفيعة ..
محبتي .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تربويات رشيد الميموني خولة السعيد الدراسات 6 04 / 07 / 2020 42 : 11 PM
قراءات في فضاءات أ. رشيد الميموني Arouba Shankan جمهورية الأدباء العرب 15 30 / 03 / 2020 42 : 12 PM
عندما أشتاق لك يا رشيد الميموني جمال سبع رسائل في مهب العمر 18 04 / 04 / 2012 02 : 01 AM
هل نسيتم رشيد الميموني ؟ حسن الحاجبي مجلس التعارف +أمثال وطرائف 2 27 / 04 / 2011 58 : 04 PM
(عش رشيد..)للكاتب رشيد الميموني دينا الطويل نقد أدبي 29 28 / 08 / 2010 21 : 12 AM


الساعة الآن 34 : 06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|