التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,871
عدد  مرات الظهور : 162,413,433

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. > ملف القصة / رشيد الميموني
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 30 / 08 / 2010, 16 : 09 PM   رقم المشاركة : [31]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

(8)
[align=justify]
التحق بي سلام "الأرنب" وسلكنا طريقا محاذيا للمنبع من الناحية العليا وأوغلنا في الغابة المحيطة به .. كنا نصعد ميممين صوب الغرب .. ولم يكن هناك أي مسلك مستوي لنسترجع أنفاسنا .. فما لبث لهاثي أن بدأ يصل إلى مسامع رفيقي الذي لم يكن يبدو عليه أي تعب . كان يقول لي :
- تمهل ولا تصعد بهذه الطريقة .. تتبع الطريق الملتوي .. هل حسبت أن من سلكه كان يمزح ؟ العقبة (المرتفع) لا يفهمها إلا ثلاثة : الشارف (العجوز) و العارف والتالف (التائه) .
بعد ذلك ساد الصمت ولم نتفوه بأية كلمة .. كنت غارقا في أفكاري . وكأنما أحس سلام بما كان يعتلج في صدري فاحترم سكوتي و التزم الصمت .
صارت خطواتنا بطيئة و نحن نصل منعرج يوغل من جديد في غابة من الصنوبر الكثيف .. كانت آخر فرصة لنا لرؤية المجرى بكاملها في الأسفل . تناهى إلي آذان الظهر من مسجد المجرى فخفق قلبي بعنف . وأسرعت الخطى نحو المنعرج ، لكني لم أملك نفسي من النظر إلى هناك . في تلك اللحظة ، حدث ما كنت أترقبه و أتجنب حضوره . فقد تراءى لي رهط من الأهالي يتوجهون نحو مقبرة المسجد المحاذية له . لم أميز أحدا منهم ، لكني كنت أعلم أن أبي ضمنهم و كذلك فقيه القرية . فعاودني الحزن و بكيت في صمت . أما سلام "الأرنب" فقد تشاغل بالنظر إلى السماء تارة وإلى يديه تارة أخرى يفركهما في ارتباك واضح .. وفي الوقت الذي توقف فيه الموكب أمام مئذنة المسجد لم أعد أحتمل النظر إلى هناك ، فوليت وجهي شطر الجبل من جديد و أخذت أحث الخطى موغلا بين الأشجار . لكني ذهني لم يتوقف عن التفكير في ما سيحدث بجانب المسجد ، وبكل التفاصيل . وكان رفيقي يتبعني تارة و يسبقني تارة أخرى حين يلاحظ حيرتي أمام عدة مسالك يتفرع عنها الطريق الصاعد إلى ما لا نهاية . أحسسن نحوه بعطف وامتنان . و لولاه لكنت استوحشت المكان .
يجدر بي القول إن علاقتي بزملائي ازدادت توطيدا ومتانة مع مرور السنين و اجتيازنا للمرحلة الابتدائية . غير أن انشغال أغلبيتهم بالعمل الفلاحي أثناء الصيف لم يسمح لنا بالالتقاء مرارا . فبعد عملية الحصاد و الدرس و الذرو ، كان عليهم مرافقة آباءهم لمساعدة باقي الأهالي بالتناوب . كانت صورة رائعة للتضامن . وأجمل ما كان يتخلل هذا النشاط ، ما يسمونه بعملية "توازة" ، حيث ينضم كافة الأهالي إلى عملية الحصاد ، ويقفون مصطفين على حافة الحقل ، وبعد إشارة من أحدهم ، ينطلقون في هجوم كاسح ومناجلهم في أيديهم بينما تتعالى الزغاريد . وكثيرا ما ذكرني هذا المنظر بفيلم سينمائي للهنود الحمر وهم يهجمون على قافلة للجنود . ثم تأتي فترة الاستراحة ، حيث يتحلقون حول مائدة كبيرة لتناول الغذاء .
ثم تأتي بعد ذلك عملية الدرس ونحن نتابع حركة البغال الدائرية و هي ترفس سنابل القمح ، مربوطة بحبل يشده الفلاح وهو يتوسط القمح المتراكم . وعند المساء ، وحين تكون الريح رخاء ، يبدأ الذرو ، فيفصل القمح عن التبن .. وهنا كانت المتعة . إذ كنا نجري صوب التبن و نغطس فيه لاهين .
كان هذا العمل المضني يجعل الذهاب جماعيا إلى النهر مستحيلا . لكني كنت أجد هناك من بقطن قرب الغدير فنمضي النهار كله بعيدا عن القرية ، خاصة حين يكثر الضجيج و تمتلئ بالوافدين أثناء المناسبات الوطنية وما يرافقها من احتفالات أو أثناء الانتخابات .
وقد صادف ذلك اليوم تنصيب القائد الجديد للمجرى ، وطبعا كان هناك والد لطيفة بصفته رئيس الدائرة البحرية ، أي القائد الممتاز ووالدي وثلة من الموظفين .. وقد بدا مراسيم التنصيب متأخرة شيئا ما بسبب انشغال أبي و الموظفين بالجنازة .
لطيفة ؟ ماذا تفعل الآن ؟ وهل لا زالت تحمل لي شيئا في نفسها بعد معاملتي الجافة لها ؟ وهل تكون تحيتها لي وعزاؤها مجرد تقيد بالأصول أم أنها كانت تشفق علي وهي ترى جفني منتفخين من البكاء فأثر منظري فيها ؟
وصلنا عند العصر . واستقبلنا عمي عمار بحفاوة كبيرة ورأيت كيف سقطت دمعة من عينه ونحن نخبره بالحدث المفجع . كان عمي عمار رجلا قصير القامة ، وكنت أنا ابن الخامسة عشرة أفوقه طولا . وكان شديد المرح نشيطا وطيبا إلى أقصى درجة .. أما سكناه فلم أر أغرب منها إذ كان منزله يقع في نهاية صفين من أشجار التين بحيث بدا لي و كأنني أسلك ردهة .
ولم يكن يبدو من سكناه شيئا إذ كان محاطا بأشجار التين أيضا .
حدثته عما أوصاني به أبي ، وحين رأى نيتنا في العودة حاول استبقاءنا للغداة ، لكني أفهمته أن الليلة ستكون ليلة تأبين الفقيد و لابد أن أكون حاضرا ، فلم يلح ونهض يتنقل بين الأغراس ويجني من كل شجرة فاكهة و يملأ السلال ، ثم أخذ ديكين و ربطهما ومل سلة بالبيض ، فقلت و أنا ابتسم لأول مرة في ذلك اليوم :
- عمي .ز كيف تريدنا أن نحمل كل هذا وليس لنا بغل ؟
فانبرى سلام ممسكا بالسلال قائلا :
- لا عليك .. بإمكانك ألا تحمل شيئا .. أنا سأتكفل بهذا .. هيا بنا .. ابق بخير عمي عمار .
رأيته فجأة يقفز نحو السلال و يربطها إلى بعضها البعض ثم يضعها على كتفيه بينما حملت يده اليمنى الديكين و اليسرى سلة البيض .
وقال وهو يشير إلي بوجهه :
- اعتن فقط بالملف الذي سيعطيك إياه عمي عمار ، ففيها وثائق مهمة كما يبدو من حرصه عليها و العناية بها ..
ثم ضحك و قال هامسا :
- يأتيك الرزق إلى يديك و ترفضه ؟
فضحكت بدوري ثم تقدمت إلى عمي عمار لتسلم مظروفا أصفر سلمه لي ويداه لا تكاد تتركه لشدة حرصه , وقال :
- أعطيها لأبيك و قل له إن جميع الوثائق هنا باستثناء شواهد الازدياد .. هو سيتكفل لي بها جزاه الله خيرا .
ودعناه وبدأنا الانحدار .. قال لي سلام في ما بعد أن الرجل يهيئ وثائق تخص جواز سفر ابنه كي يحصل على التأشيرة . فضحكت من جديد وأنا أقول :
- يجب ان تعمل في القيادة كموظف .. تعرف كل شاذة وفذة ..
- في المجرى لا يخفى شيء .. ثم إن هذا ليس سرا .. أنت غافل عما يجري من حولك .
شعرت بقلبي يخفق .. هل يعني شيئا بكلامه ؟ .. لا يبدو عليه ذلك .. تبعته وهو يمشي أمامي بخفة .. كنت أظن أنه سيعاني من الثقال التي يحملها ويجر رجليه جرا .. لكني رأيته على العكس من ذلك ، بركض و ينط منحدرا نحو القرية فلم أملك إلا أن قلت له و أنا ألحق به :
- لقد أصاب من لقبك بالأرنب .
ضحك وقال بمرارة :
- هو أبي الذي اختار لي هذا اللقب .. ربما كان ينتقم لأنه لم يتمكن من اختيار اسم لي عند ولادتي وسماني جدي لأمي .
غابت الشمس من ورائنا و نحن نواصل الانحدار وبدأت أعاني من صعوبة الرؤية وصرت أعتمد على صوت وقع خطوات رفيقي وهو يتقدمني . وفي لحظة تراءى لي شبح حيوان مقبل في الاتجاه المعاكس .. وقبل أن اسأل سلام قال :
- هذا هو الحلوف (الخنزير البري) راجع من المورد .. لا تخف وتنح جانبا ..
رأيت الأرنب يستلقي بأحماله على جانب الطريق المحفوف بشجيرات صغيرة ففعلت مثله و أنا ارتعش خوفا . ومر الحيوان وكأننا لسنا موجودين .
- احذر الحلوف فقط حين يكون جريحا و الأنثى مع صغارها .
- ما أوسع معارفك يا سلام .. لو كنت لوحدي لما نجوت .
- هكذا نتعلم .. لم نخلق متعلمين .
شعرت نحوه بامتنان و أنا أرى الخطر يبتعد هناك في الأعلى ، بينما لاحت لنا أنوار القناديل في المجرى .. ووجدت نفسي فجأة في أعلى المنبع .. لم أمر طبع بالقرب من المئذنة ، ورأيت سلام يتجنبه أيضا و يسلك ممرا يحاذي النهر القريب من منزلنا . توقفنا و وضع سلام السلال أرضا و هو يقول :
- يبدو أن منزلكم يعج بالناس .. هل أوصل الأحمال إلى مكان ما ؟
انتبهت إلى الحركة الغير عادية بباب المنزل بينما تعالت ترنيمة "الطلبة" وهو يتلون القرآن الكريم ، فعادت ذكريات اليوم تضفي على نفسي الأسى , فقلت شاردا :
- سأسأل أبي أين نضعها .. انتظر هنا .. سوف نتعشى معا .
- علي أن أطمئن أولا على العيال .. لا تنتظرني إذا لم أعد .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01 / 09 / 2010, 01 : 05 AM   رقم المشاركة : [32]
ناهد شما
مشرف - مشرفة اجتماعية


 الصورة الرمزية ناهد شما
 





ناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: صفد - فلسطين

رد: الدار اللي هناك -2-


وهل تغيب الشمس و رشيد موجود لا أعتقد
غابت الشمس من ورائنا و نحن نواصل الانحدار
وبدأت أعاني من صعوبة الرؤية وصرت أعتمد على صوت وقع خطوات

استمتعت جداً بالجزء الثاني وقرأت ( 8 ) وما زلت أنتظر البقية
دمت بكل الخير يارشيد على هذا الإبداع
توقيع ناهد شما
 
سأنامُ حتى ساعة القلقِ الطويلِ وأفتحُ العينينِ من أرقٍ
يدي إنْ أقفلتْ كلّ الأصابع كي تشدّ على السرابِ
أعودُ مقتول الشروع بغسل أحلامي الصغيرةِ
كم تمنيتُ الرجوعَ إلى الطفولةِ يافعا ويردّني
صوتُ ارتطامي بالزجاج المستحيل على المرايا
أشتري منكمْ صلاتي فامنحوني ما تبقـّى من زمانٍ
وامنحوني كأسَ أحلامٍ تشظـّى في الظلامِ
عبرتُ نحوي كي أردّ قميص وقتي للزمانِ
فتهتُ في وجع النخيلِ ولمْ أنمْ إلا قليلا ..
الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق
ناهد شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01 / 09 / 2010, 20 : 02 PM   رقم المشاركة : [33]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناهد شما
وهل تغيب الشمس و رشيد موجود لا أعتقد
غابت الشمس من ورائنا و نحن نواصل الانحدار
وبدأت أعاني من صعوبة الرؤية وصرت أعتمد على صوت وقع خطوات
استمتعت جداً بالجزء الثاني وقرأت ( 8 ) وما زلت أنتظر البقية

دمت بكل الخير يارشيد على هذا الإبداع

[align=justify]
الغالية ناهد .. تحية مودة و شكر لمرورك العبق هذا ..
لا أخفيك أني بعد كل عملية نقل لجزء من قصتي المطولة هذه أجد في كل رد أو تعقيب حافزا مشجعا على الاستمرار ، مما يجعلني أعود مرارا لقراءة ما سبق من الأجزاء كي أعيش أحداثها من جديد .
أرجو أن يستمر إعجابك و استمتاعك إلى النهاية .
بكل المحبة اللائقة بك .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06 / 09 / 2010, 40 : 05 PM   رقم المشاركة : [34]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

(9)


[align=justify]
في تلك اللحظة رأيت أبي يتقدم نحونا وهو يشير إلينا بالدخول :
- ادخلا ..سوف نقدم العشاء باكرا حتى يتمكن من يقطن بعيدا من الانصراف متى شاء .
- عفوا عمي .. لقد تركت "العيال" لوحدهم ..
- اذهب وات بهم جميعا كي تتعشوا معنا ، فأبوك هنا .. هيا ضعا تلك السلال بالمخزن .
وعندما انتهينا نقل الأحمال في مخزن قرب الباب وضعت يدي على كتف سلام قائلا :
- سأنتظرك . لا ـتتأخر ، سأقوم بجولة عند الشط .
بعد انصراف سلام استأذنت أبي للخروج من جديد في انتظار العشاء . كنت بحاجة للحظات أخلو فيها إلى نفسي . فقصدت الشط و قد ساد الظلام . ولم أعد أسمع سوى أصوات الصراصير ونقيق الضفادع في المروج القريبة . جلست على صخرة تطل على جرف سحيق . تلك الصخرة التي كنت أراقب من أعلاها أبي و القائد وهما ينطلقان للصيد هناك في أسفل الوادي قبل أن يختفيا بين الشجار الكثيفة . خفق قلبي و أنا أتذكر القائد الممتاز .وتشاغلت بالتحديق في الظلام حيث تراءت لي بعض المصابيح الغازية و هي تتحرك بعيدا . قد يكون أحد في غرسة يقطف النعناع أو يحول ماء ساقية إلى حقل آخر . لكني لمحت فجأة نورا بالقرب مني على الجهة اليسرى من الشط . من يكون هناك وليس ثمة سوى كهوف متناثرة شكلت دهاليز و ممرات تحت المجرى . هل يكون بعض المقامرين على موعد للعب بعيدا عن أعين السلطة ؟ لشد ما كانت ترعبني سحنتهم وهو يلعبون في إحدى المقاهي بالقرية . كانوا متجهمين أغلب الأوقات ..
ألا يكونون مجموعة من اللصوص ؟ شعرت بالخوف ، لكن الفضول جعلني أشرئب بعنقي لأتابع النور الذي كان يتوجه فعلا نحو الكهف الكبير . لم لا يكون احد المجذوبين الذين تعج بهم المجرى ؟
شجعني هذا الاحتمال على النهوض من أعلى الصخرة و التقدم بحذر إلى الأمام لأقف مباشرة فوق فوهة الكهف وأنظر إلى الأسفل . توقف النور قليلا ثم تابع حركته نحو الداخل .هل شعر صاحب المصباح بوجودي أم أنه يتصرف بحذر ؟
كانت نفسي ترزح تحت مشاعر شتى . يتنازعها الخوف و الفضول وهذا الإحساس الطاغي ببداية مغامرة جديدة بعد فترة من الركود . لكن هذه المرة لم يطلب أحد منا تحرير موضوع إنشائي والأمر لا يتعلق بمنزل وسط المجرى . هنا كل شيء مختلف بل و أخطر مما مضى . هنا الكهف و اللصوص و المقامرون و المجذوبون وربما أشياء أخرى لا يعلم بخطورتها إلا الله .
وكما حدث في المرة السابقة ، طغا حب المغامرة على الخوف . من يدري ؟ قد تكون هذه البداية لتعرفني لطيفة على حقيقتي و على مؤهلاتي . ربما تحسبني فقط فتى مدللا اعتاد على رغد العيش و لينه . هذه فرصتي لأثبت رجولتي المتنامية .
وعند وصول تفكيري إلى هذا الحد ، زدت حماسا و إصرارا على المضي في اكتشاف سر ذاك النور المتحرك عند باب الكهف ، واقتربت منه منحدرا إليه بخفة القط عبر مسلك ضيق يحاذي الشط و يكاد لا يرى لتشابك بعض أغصان الأشجار التي تخفي معالمه . لكني تمكنت من شق طريقي بكل سهولة لأني كنت أعرفه جيدا لكثرة ما سلكناه أنا و زملائي و نحن ننحدر صوب النهر الكبير .
توقفت قليلا وانا انظر إلى باب الكهف وكأنه فم غول كبير يتثاءب . تذكرت حكايات جدتي الكثيرة وخاصة تلك التي تروي مقتل أحد السكان على يد أخيه و التجاء هذا الأخير إلى الكهف ليقضي بقية حياته هماك خوفا من إلقاء القبض عليه .
تقدمت بحذر محاولا ألا يغيب نور المصباح عن عيوني . كانت الظلمة داخل الكهف أشد من الخارج حيث كان ضوء النجوم يمكن من تمييز الأشياء . فأخذت أتحسس الأرض بقدمي قبل أن أخطو خطوة ملتفتا بين الفينة و الأخرى إلى الوراء لأتأكد من أن مدخل الكهف لا يزال يرى . لكني مع تقدمي و تغيير اتجاهي عدة مرات وأنا اقتفي المصباح ، لم أعد أرى شيئا من ورائي ، وغاب ذاك الضياء الخافت الذي تبدد به النجوم حلكة الظلام الدامس .
هل أعود أدراجي ؟ هذا ما كان يجب علي فعله فورا . فصديقي الأرنب لا بد و أن يكون قد مل انتظاره لي على صخرة الشط ، وموعد العشاء قد حان . هل يقلق أبي لتأخري عن العودة في هذا الظرف الخاص وهو يعلم مدى حزني على أخي ؟
رغم كل هذا ، كنت أحس بقوة تدفعني لمتابعة طريقي وأوغل داخل الكهف . ولكن ماذا لو لم أجد شيئا و تهت أو سقطت في حفرة من الحفر المتناثرة بكثرة هنا ؟ قد تكون سقطة قاتلة .
نفضت عن ذهني هذه الأفكار المثبطة و فكرت في العودة فقط لاقتناء مصباح أستعين به على تمييز طريقي . ولكن أين أجد المصباح الآن ؟ وهل تتركني أمي أخرج من بعد العشاء ؟ إذن لأستمر في المطاردة ، وإذا استحال علي ذلك ، أجلت الاستكشاف إلى الصباح .
وفجأة ، انطفأ المصباح وعلا صراخ و عويل تردد صداه عبر جنبات الكهف فأصابتني رعشة و كدت أفقد توازني . فعدت أدراجي لا أرى شيئا أمامي . أتعثر تارة و تعترض رأسي تارة أخرى صخرة فتسبب لي ألما لا يطاق ويزيد من رعبي . و لا أدري كيف وجدت نفسي في مدخل الكهف و قلبي يكاد ينخلع فزعا . فجريت غلى حيث الصخرة و جلست ألهث . لم أجد سلام فكانت فرصة لاسترداد أنفاسي اللاهثة . ماذا حدث وماذا كان ذاك العويل الرهيب ؟ ومن يكون صاحب المصباح ؟
نهضت أنفض سروالي من الخلف ثم توجهت إلى البيت لأتعشى . كانت أمي على عتبة الباب ترقب عودتي وبجانبها جدتي تهدئ من روعها .
جبست أتناول الطعام بفكر شارد . وعزا أبي ذلك إلى انشغالي برحيل أخي فلم يقل شيئا ، اللهم سؤاله عن سلام و سبب تغيبه . قال إن والده أرسله إلى المنبع لتحويل الماء إلى الساقية التي تروي حقل الذرة .
- مسكين .. لم يتمكن حتى من سد رمقه بعد عناء اليوم .
ربت أبي على كتفي وقال بحنو :
- لا تقلق .. لقد أخذ نصيبه و نصيب أسرته من العشاء .
ابتسمت في سري . الشقي .. لم يفلت فرصة الحصول على عشائه مثلما حدث يوم حفل الزفاف .
بعد انتهاء العشاء وانصراف الطلبة و المدعوين ، توضأت و صليت وجلست لحظات في الحديقة تحت شجرة التين حتى شعرت بالنوم يداعب جفوني فنهضت إلى الداخل وتوجهت إلى حجرتي ، لكني وجدت سريري قد نام عليه أحد الطلبة الذين يقطنون بعيدا . فكان علي أن أنام بالقرب من جدتي ، وكان هذا مبعث سروري لأني كنت ناويا أن أسألها عن حكايات روتها لي عن الكهف .
أعادت جدتي كل الحكايات آملا منها في إرضائي وانتشالي من الحزن الذي بدا على ملامحي طيلة النهار . وحاولت اختيار الحكايات الهزلية كي تسري عني لكني حرصت على أن تعيد لي ما جرى للشيخ المجذوب الذي فقد عقله حين انفضح أمره بعد اعتدائه على إحدى فتيات القرية ، وانتحر ابنه الذي كان يريد الزواج من تلك الفتاة . ترى هل يكون قاطن الكهف هو الشيخ المجذوب ؟ خصوصا وأنه اختفى مباشرة بعد أيام من فقده لعقله .
شعرت بسعادة غامرة و أنا أستمع إلى ما ترويه جدتي بينما كان خيالي يسبح في متاهة لا نهاية لها و ينسج كل الاحتمالات . ولم أملك إلا أن مددت ذراعي وأعانق جدتي التي همست ضاحكة :
- هكذا أيها العفريت ..تحرمني من النوم لتتلذذ لما أحكيه لك .. لكن لا عليك .. أنت الحبيب إلى قلبي و يمكنني أن أحكي لك حتى الصباح .
فقلت و لساني يتثاقل :
- وما كان اسم تلك الفتاة ، وأين ذهبت ؟
- شامة .. وقد غادرت القرية بعد فضحها للشيخ و تسليمها الرضيع إلى أهله وكانت قد اختطفته يوم مولده .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 / 09 / 2010, 16 : 06 AM   رقم المشاركة : [35]
ناهد شما
مشرف - مشرفة اجتماعية


 الصورة الرمزية ناهد شما
 





ناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: صفد - فلسطين

رد: الدار اللي هناك -2-


رشيد رغم أنني استمتعت بالقراءة
إلا أنني وجدت نفسي وكأني أريد الإنتهاء
مما اقرأ !! لقد فزعت في بداية الأمر وأنا اقرأ
كم أحببت الكهوف ولكن من يعيشها أعتقد لا يخافها ابداً
أنتظر مزيدك
دمت بخير
توقيع ناهد شما
 
سأنامُ حتى ساعة القلقِ الطويلِ وأفتحُ العينينِ من أرقٍ
يدي إنْ أقفلتْ كلّ الأصابع كي تشدّ على السرابِ
أعودُ مقتول الشروع بغسل أحلامي الصغيرةِ
كم تمنيتُ الرجوعَ إلى الطفولةِ يافعا ويردّني
صوتُ ارتطامي بالزجاج المستحيل على المرايا
أشتري منكمْ صلاتي فامنحوني ما تبقـّى من زمانٍ
وامنحوني كأسَ أحلامٍ تشظـّى في الظلامِ
عبرتُ نحوي كي أردّ قميص وقتي للزمانِ
فتهتُ في وجع النخيلِ ولمْ أنمْ إلا قليلا ..
الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق
ناهد شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 / 09 / 2010, 05 : 03 PM   رقم المشاركة : [36]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناهد شما
رشيد رغم أنني استمتعت بالقراءة
إلا أنني وجدت نفسي وكأني أريد الإنتهاء
مما اقرأ !! لقد فزعت في بداية الأمر وأنا اقرأ
كم أحببت الكهوف ولكن من يعيشها أعتقد لا يخافها ابداً
أنتظر مزيدك

دمت بخير

[align=justify]
الغالية ناهد .
سعيد بتجاوبك مع حلقات هذه القصة المطولة التي أخذت مني وقتا و جهدا كبيرين .
لاشك أن كلمة كهف تشعر النفس بالرهبة . لكن حين نعلم أن الكهف جزء من الطبيعة (التي احتضنتني لسنوات ) فإني أعتبره كسائر عناصر هذه الطبيعة من رعد و برق وصواعق و سيول و أمطار طوفانية .. ولهذا أرى في كل هذ العناصر قوة الحب التي يجب على كل إنسان التعامل معها بما تستحقه من تأمل لعظمة الخالق جل و علا .
أشكرك من أعماق القلب و أتمنى استمرار متابعتك .
مودتي .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 04 / 2013, 23 : 01 PM   رقم المشاركة : [37]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

[align=justify](10)

ربما استمرت جدتي في الحكي لكني كنت مستسلما لنوم عميق أراح نفسي من كل ما عانته بالأمس من أحاسيس متضاربة وما أصاب جسدي من جهد وإعياء خلال النهار .
لكني حين استيقظت في اليوم الموالي أحسست بالنشاط يدب في أوصالي وفتحت عيني مبهورا بضوء النهار .. وكانت نافذة الحجرة تطل على الجانب الغربي من المنزل فكان الظل يضفي على المكان برودة الصباح المنعشة .. فاستويت جالسا وقد غمرتني فرحة لا توصف ، لكنها سرعان ما خبت حين عادت ذكريات الأمس تقبض على قلبي من جديد ..
وجدت أمي قد أعدت الفطور وجدتي جالسة بعتبة الباب تنثر الحب للدجاج منادية عليه بصوت اعتدته كل صباح باكر .. وحين لمحتني قالت مبتسمة :
- ها أنت ذا أيها الكسول .. ألم تقل لي إنك تحب الاستيقاظ باكرا لتستمتع بمنظر طلوع النهار ؟.. ثم ، لماذا تركتني أحكي لوحدي واستغرقت في النوم ؟
ضحكت من قولها وجلست بجانبها أنثر بدوري حبات القمح للدجاج . كان يمتعني أن أضع الحب في راحتي وأدعه ينقره فتدغدغني نقراته ، وقلت :
- كنت متعبا "عزيزة".. فلا تؤاخذيني .. أين أمي ؟
- ألم تحيها تحية الصباح ؟ هي في المطبخ .. على فكرة اليوم ستتغذى عندنا نسوة القرية ..
- يعني علي أن أختفي من المنزل ..
- الله يرضى عليك .. تفهم سريعا .
ضحكنا معا ثم نهضت مسرعا إلى المطبخ وعانقت أمي التي احتضنتني بشدة غير معهودة .. لاحظت في عينيها انتفاخا واحمرارا .. فأغضيت الطرف وتشاغلت بالنظر إلى أكوام الدجاج المذبوح .
- يعني عندنا اليوم "زردة" ..
- أجل .. وأتمنى ألا تذهب بعيدا حتى إذا احتجتك كنت بالقرب ..
- نعم أمي .. سأكون إما عند النهر هناك أو في المنبع مع سلام .
- الله يرضى عليك .
- هل ستكون زوجة القائد حاضرة ؟
نظرت إلي وقد علت عينيها شبه ابتسامة فخفت أن تكون لمحت احمرار وجنتي ، وقالت :
- طبعا .. وهل هي غريبة عنا ؟
خرجت دون أن أدري أية وجهة آخذ وجدت نفسي أتوجه إلى النهر الذي يكاد ماؤه يجف بعد صيف قائظ .. ودون وعي مني التفت إلى جهة منزل القائد الممتاز ، فلمحت زوجته مقبلة وبجانبها لطيفة .. خفق قليي بعنف ولم أدر إن كان علي تجاهلهما و الاستمرار في المسير أو التوقف لتحيتهما .. وعرفت المرأة ترددي فأشارت إلي بالدنو :
- صباح الخير ابني .. ألا تحيي صديقتك وتسال عنها ؟ .. لكن دعني أولا أعزيك في وفاة أخيك .. عظم الله أجركم جميعا .. ورزقكم الصبر على فقدانه .
أحسست بالدمع يغلبني لكني تشاغلت بالنظر إلى ما حولي وتمتمت :
- أجرنا وأجركم خالتي ..
كنت أسترق النظر إلى لطيفة فهالني شحوبها وهزالها .. وحييتها بإيماءة من رأسي فأجابت بالمثل .
- اسمع ابني .. لا شك أنك تعلم أننا سوف نتغذى معكم وسنكون منشغلات الآن .. لطيفة تحتاج لمن يرافقها لتتنزه بضواحي القرية فهل ترافقها ؟
نظرت لطيفة إلى أمها مستغربة ولم أدر إن كانت مستاءة من هذا الطلب أم أنها كانت تتمناه مثلي ..
- طبعا خالتي .. سأكون سعيدا بذلك .
- الله يرضى عليك يا ابني .. لطيفة .. لا تجهدي نفسك .. إذا تعبت اجلسي لترتاحي .. سأكون عند خالتك . يمكنك المجيء إلى هناك عند انتهائك من التجول .
- حسنا أمي .
صدر من لطيفة صوت واهن وهي تتابع خطوات أمها المدبرة ، تاركة إيانا واقفين وقد ساد الصمت . قزاد يقيني من مرضها . وفي تلك اللحظة مر أحد الفتيان وألقى التحية ، فعرفت أنه ابن القائد الجديد ، وكنت أعلم بإقامتهم المؤقتة ببيت رئيس الدائرة ، والد لطيفة ، ريثما ينتقل هذا الأخير إلى سكن خاص . وكان هذا يشعرني بدبيب الغيرة على هذا الامتياز الذي حظي به هذا الفتى الأنيق وهو يجاور لطيفة وربما يلتقيان صباح مساء . وكنت أتخيل الأسرتين تقضيان أمسيات وليال في السمر وتناول الطعام معا . لكن كل هذا تبدد بفعل وقع المفاجأة السارة التي أحدثها انفرادي بلطيفة والتجول معها لأول مرة بعد وقت طويل وتحت أنظار ذاك المنافس الجديد والوحيد .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 12 / 2013, 23 : 11 PM   رقم المشاركة : [38]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

[align=justify](11)

بقينا لحظات ننظر إلى هنا وهناك وأخيرا همست لها :
- هل نذهب إلى المنبع ؟ هو قريب ولن يتعبك المسير .
أحنت رأسها وخطت إلى جانبي .. وسرنا صامتين .. كنت أبحث عن الكلمات كي أبدد ذاك الصمت فلم أجد شيئا حتى بلغنا المنبع واعتلينا الصخرة المطلة على القرية .. جلسنا ورقرقة الماء تملأ الجو وقد علت زقزقة العصافير .
كانت لطيفة بجانبي وكان علي الالتفات إلى يميني كي أنظر إليها ، لكني كنت أخشى أن تلتقي نظراتنا خاصة واني كنت لا زلت أحس بوخز الضمير بسبب قسوتي عليها يوم رحلتي مع الطالب علي . واستطعت بعد تردد طويل أن أنظر إليه بطرف خفي فأثر في منظر شحوبها ، وسألتها :
- هل أنت مريضة منذ مدة ؟
- نعم .. منذ عدة أيام .
كدت أسالها تحديد المدة لكني ترددت وأخذت أنقر على الصخر بأحد العيدان ، فسألتني بدورها :
- لم أرك في مجلس الطلبة .. أين كنت ؟
- فضلت الخروج للترويح قليلا عن النفس .
- لا شك أن رحيل أخيك أثر فيك كثيرا .. كنت تحبه كثيرا ، أليس كذلك ؟
لم أجب . كان الألم يعصر قلبي ، فاستدركت قائلة :
- عفوا .. لم أكن أريد إثارة أحزانك .
- لا أبدا .. هو قدر الله ..كان ودودا ويحبني أكثر .. قولي لي .. متى ستسافرين ؟
- أبي قال إنني سابقى هنا حتى أشفى تماما .
لا أدري لم تذكرت في تلك اللحظة أخي وشحوبه ، فخفق قلي بعنف والتفتت فجأة إلى لطيفة .
- مالك ؟ ولم تنظر إلي هكذا ؟
- كنت أريد أن أقول لك شيئا ..
- مثل الشيء الذي قلته لي قبل أيام ؟
سكتت من جديد وغضضت ببصري وأنا أغص بريقي ولم أنبس ببنت شفة .
- هيه .. مالك صمتت ؟
لبثت منشغلا بالنقر على الصخرة بحجر صغير وأدركت ما تلمح إليه ، فقلت :
- أنا جد آسف لطيفة على ما بدر مني من إساءة لكنك ستعذرينني .. ضحك البدويات أثارني وأنت تهمسين لإحداهن بشيء ..
- وهل عرفت ماذا قلت للفتاة حتى ضحكت الأخريات ؟
لم أجب لكن كان تساؤلي واضحا في صمتي .
- حين رأيناك مقبلا همست لي رفيقتي "ها هو ابن القبطان جاء ليقبض علينا سواك .".. هل تعلم بما رددت عليها ؟
- ؟؟؟؟؟؟؟
- قلت لها إنها تستحق أن يقبض عليها وتودع السجن لسلاطة لسانها ..
التفتت إليها من جديد فلمحت دمعة تنحدر على خدها وهي تنظر إلى الأفق . فعاد الصمت من جديد لكنه صمت ثقيل ولم أجد ما أرد به عليها ، فقد أفحمني توضيحها لما جرى وصارت عبارة "المكان مليء بالحشرات" ترن في أذني. هل يكفي الاعتذار؟ ماذا أفعل كي أنسيها ما اقترفته في حقها من إساءة لا تغتفر؟
- لطيفة .. خذي هذه ..
التفتت إلي وأنا أمد إليها بالقلادة التي أهدتني إياها يوم كانت أسرتي تستعد للرحيل عن القرية .
- أنا لا أستحقها .. فقد تصرفت معك تصرفا غير لائق .. كنت أعرف دائما أنك نبيلة ولطيفة كاسمك .. لكني تسرعت .
لم تقل لطيفة شيئا .ولم تمد يدها لتأخذ القلادة .. نظرت إليها طويلا ثم رنت إلي قبل أن تشيح بوجهها .
- خذيها أرجوك .. ويوم تصفحين عن زلتي يمكنك إعادتها لي .. هي عزيزة علي ،لكنها سوف تشعرني دائما بفداحة خطئي .. أرجوك لطيفة .. أنا مستعد للاعتذار لك أمام صاحباتك وإعادة اعتبارك لك .[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13 / 03 / 2018, 40 : 04 AM   رقم المشاركة : [39]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

ابن العم رشيد:هرعت الى الجزء الثاني بعدما قرات الاول... قصةمثيرة سردت فيها احداث مشوقة بأسلوبك الادبي الرائع الذي يجذب القارئ لاستكمال القصة...
اتمنى لك التوفيق ومزيدا من القصص لقراءك الكرام
تحيتي وتقديري
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20 / 08 / 2018, 02 : 06 PM   رقم المشاركة : [40]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الدار اللي هناك -2-

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطيفة الميموني
ابن العم رشيد:هرعت الى الجزء الثاني بعدما قرات الاول... قصةمثيرة سردت فيها احداث مشوقة بأسلوبك الادبي الرائع الذي يجذب القارئ لاستكمال القصة...
اتمنى لك التوفيق ومزيدا من القصص لقراءك الكرام
تحيتي وتقديري

ألف شكر وامتنان لك لطيفة بنت العم على تعليقك الذي أعاد "الدار اللي هناك إلى الواجهة"
مع خالص مودتي وتقديري .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شجرة الدار طلعت سقيرق كلـمــــــــات 2 31 / 03 / 2022 45 : 06 PM
أيا خصيم هاته الدار حسن الحاجبي فنجان قهوة ومساحة من البوح 7 07 / 06 / 2011 37 : 11 PM
نفديك يا شهداء الدار البيضاء(دكرى16ماي) محمد المسفيوي فضاءات الزاجل والنبطي والشعبي 0 20 / 05 / 2009 03 : 03 AM
الطفلة التي نسيت قدميها على سطح الدار.. مازن شما الخاطـرة 0 23 / 01 / 2009 31 : 06 AM
( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) آنست نوراً مكارم الأخلاق 1 18 / 04 / 2008 42 : 08 PM


الساعة الآن 42 : 02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|