عزة النفس
سُئل أحد الحكماء يوماً: "ما الفرق بين العنجهية و عزة النفس الآبية"؟
أجاب: أولاً لا بد من تصحيح كلمة عنجهية فهي كلمة ليست عربية بل عامية.
تصحيحها اللغوي بالعربية الفصحى هو عُنجَهية.. و العُنجَهية هي العظمة و الكبر.. هي الجهلُ و الحمق.
اما عن العزة.. فقد كان العرب بالجاهلية يعتبرونها القهر و الغلبة.. فكانوا يقولون: "مَن عَزَ بَز.. أي مَن غلبَ سلب.
الحقيقة أن العزة نوعان..
النوع الأول هي العزة المحمودة او العزة المقبولة.. و هي عزة الأيمان و العقيدة.
اما النوع الثاني فهو العزة المرفوضة او المردودة.. و هي عزة الأغترار و الجهل.. و هي عزة جاهلية تمضي بصاحبها الى الأثم و الفساد و تحولُ بينه و بين قبول النصح و الأرشاد.. فأذا قيل له: اتق الله.. أخذته العزة بالأثم و تعاظم و تجبّر.
روي أن يهودياً كانت له حاجة عند هارون الرشيد.. فأشتكى اليه كثيراً دون أن تُقضى حاجته.
وقف اليهودي ذات يوم على الباب حتى خرج الرشيد.. فأسرع اليه قائلاً:
- إتق الله يا أمير المؤمنين.. إتق الله يا أمير المؤمنين.
فأسرع هارون الرشيد بالنزول عن دابته و خر ساجداً بهامته.. فلما رفع رأسه أمرَ بحاجة اليهودي فقُضيت.
فقيل له: أتنزل عن دابتك يا أمير المؤمنين لقولٍ قاله رجلٌ يهودي؟
فأجاب الرشيد: لا.. و لكني تذكرتُ قول الله تعالى: "وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد".
فالعزة الحقيقية نجدها في قول الله تعالى: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون". صدق الله العظيم.
فعزة النفس الآبية المحمودة.. خصلة جميلة.. و الأجمل هو التواضع لله.
"مَن تواضعَ لله رفعه"
الى اللقاء.