من حكم وأمثال المتنبي في شعره
[poem=font="times new roman,5,darkblue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
وهَبني قلت: هذا الصبحُ لَيلٌ=أَيعمى العالَمونَ عَن الضّياء؟
*=*
وإذا خَفيتُ على الغَبِيِّ فَعاذِرٌ=أنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْياءُ
*=*
صَغُرْتَ عَنِ المديحِ فقُلْتَ أُهجَى=كأَنَّكَ ما صَغُرْتَ عَنِ الهِجاءِ
* =*
ما الخِلُّ إِلا مَن أَودُّ بِقَلبِهِ=وأَرَى بِطَرفٍ لا يَرَى بِسَوائِهِ
*=*
لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ=حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه
*=*
فَالمَوْتُ أَعْذَرُ لي والصَّبْرُ أَجْمَلُ بي=والبَرُّ أَوْسَعُ والدُّنْيا لِمَنْ غَلَبا
*=*
أظْمَتْنِيَ الدُّنْيا فَلَمَّا جئْتُها=مُستَسِقياً مَطَرَتْ عَلَيّ مَصائِبا
* =*
فالمَوْتُ تُعْرَفُ بالصِّفاتِ طِباعُهُ=لم تَلْقَ خَلْقاً ذاقَ مَوْتاً آئِبا
*=*
كَثِيرُ حَياةِ المَرْءِ مِثْلُ قَلِيلِها=يَزُولُ وباقي عَيشِهِ مِثْلُ ذاهِبِ
* =*
وقد فارَقَ الناسَ الأَحِبَّةُ قَبلَنا=وأَعيا دواءُ المَوت كُلَّ طَبِيبِ
* =*
فرُبَّ كَئِيبٍ لَيسَ تَندَى جُفونُهُ=ورُبَّ نَدِيِّ الجَفنِ غيرُ كَئِيبِ
*=*
إِذا استقبَلَتْ نَفسُ الكَرِيمِ مُصابَها=بِخُبثٍ ثَنَتْ فاستَدبَرَتْهُ بِطِيبِ
* =*
وفي تَعبٍ مَن يَحسُدُ الشَمسَ نُورَها=ويَجهَدُ أَنْ يَأتي لَها بِضَرِيبِ
* =*
ومن صَحِبَ الدُنيا طَويلاً تَقَلَّبَتْ=على عَينِهِ حتَّى يَرَى صِدْقَها كِذْبا
*=*
ومن تكُنِ الأُسْدُ الضَّوارِي جُدودَهُ=يَكُنْ لَيلُهُ صُبحاً ومَطعَمُهُ غَصْبا
ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى=أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْبا
* =*
أَرَى كُلَّنا يَبغِي الحَياةَ لِنَفْسِهِ=حَرِيصاً عليها مُسْتَهاماً بِها صَبَّا
فحُبُّ الجَبانِ النَفْسَ أَورَدَهُ البَقا=وحُبُّ الشُجاعِ الحَرْبَ أَورَدَهُ الحَرْبا
ويَختَلِفُ الرِزْقانِ والفِعلُ واحِدٌ=إلى أَنْ تَرَى إِحسانَ هذا لِذا ذَنْبا
* =*
وكم ذَنْبٍ مُوَلِّدُهُ دَلالٌ=وكم بُعدٍ مُوَلِّدُهُ اقتِرابُ
وجُرمٍ جَرَّهُ سُفهاءُ قَومٍ=وَحَلَّ بِغَيرِ جارِمِهِ العَذابُ
* =*
وإنْ تكُنْ تَغلِبُ الغَلباءُ عُنصُرَها=فإنَّ في الخَمرِ مَعنًى لَيسَ في العِنَبِ
*=*
وَعادَ في طَلَبِ المَتْروكِ تارِكُهُ=إنَّا لَنَغفُلُ والأيَّامُ في الطَلَبِ
* =*
حُسْنَ الحِضارةِ مَجلُوبٌ بِتَطْرِيٍة=وفي البِداوةِ حُسْنٌ غَيرُ مَجلُوبِ
* =*
لَيتَ الحَوادِثَ باعَتْنِي الَّذي أَخَذَتْ=مِنّي بحلْمي الَّذِي أَعْطَتْ وتَجريبي
فَما الحَداثةُ من حِلْمٍ بِمانِعةٍ=قد يُوجَدُ الحِلْمُ في الشُبَّانِ والشِيبِ
*=*
وَما الخَيلُ إلاَّ كالصَديقِ قَلِيلةٌ=وإن كَثُرَت في عَيْنِ مَن لا يُجرِّبُ
* =*
لَحَى اللُه ذي الدُنيا مُناخًا لِراكِبٍ=فكُلُّ بَعِيدِ الهَمِّ فيها مُعذَّبُ
*=*
وكُلُّ امرِىءٍ يُولي الجَمِيلَ مُحببٌ=وكُل مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيبُ
*=*
وأَظلَم أَهل الظُلْمِ مَن باتَ حاسدًا=لِمَن بات في نَعمائِهِ يَتَقَلبُ
* =*
وللسرِّ مِنّي مَوضِعٌ لا يَنالُهُ=نَدِيمٌ وَلا يُفضِي إليهِ شَرابُ
*=*
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ=وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ
* =*
وَما أَنا بِالباغي على الحُبّ رِشوةً=ضَعِيفُ هَوًى يُبغى عليهِ ثَوابُ
* =*
إذا نلتُ منكَ الود فالمال هَين=وكُل الَذي فَوَقَ التُرابِ ترابُ
*=*
ومَن جَهِلَت نَفسهُ قَدرَهُ=رَأًى غَيرُهُ مِنهُ ما لا يَرَى
* =*
نَحنُ بنُو الموَتَى فَما بالُنا=نَعافُ ما لابُدَّ من شُربِهِ
* =*
لو فكَّرَ العاشِقُ في مُنتَهى=حسنِ الَّذي يَسبِيهِ لم يَسْبهِ
* =*
يَموتُ راعي الضَّأَنِ في جَهلِه=مِيتةَ جالِينُوسَ في طِبِّهِ
* =*
وغايةُ المُفْرطِ في سِلْمِهِ=كَغَايةِ المفُرطِ في حَرْبِهِ
فَلا قَضَى حاجَتَهُ طالِبٌ=فُؤادُهُ يَخفِقُ من رُعْبِهِ
**=**
في الناس أَمثِلَةٌ تَدُورُ حَياتُها=كَمَماتِها ومَماتُها كَحَياتِها
* =*
عِشْ عَزيزاً أَو مُت وَأَنتَ كَريم=بين طَعنِ القَنا وخفْقِ البنود
* =*
فَاطْلُبِ العِزَّ في لظَى وَدَعِ الذُّ=لَّ وَلَو كانَ في جِنانِ الخلُودِ
يقتل العاجِزُ الجبَانُ وقَد يَع=جزُ عَن قَطْعِ بُخْنُقِ المولودِ
* =*
لا بِقَومي شَرفْتُ بل شَرفوا بي=وبنفْسي فَخَرت لا بِجُدودي
* =*
وَما ماضي الشبابِ بمستَردٍّ=وَلا يَوم يمُر بمستعادِ
* =*
متى ما ازددتُ من بَعدِ التناهي=فقد وَقَعَ انتِقاصي في ازْدِيادي
* =*
فإن الجُرحَ يَنفِر بعد حينٍ=إذا كانَ البِناءُ على فساد
* =*
وَمِن نَكَدِ الدنيا على الحُرِّ أَن يَرَى=عَدُوًّا لهُ ما من صَداقَتِه بُدُّ
* =*
إِذا غَدَرَتْ حَسْناء وفَّتْ بِعَهْدِها=فَمِنْ عَهْدِها أَنْ لا يَدُومَ لَها عَهْدُ
وإنْ عَشِقَتْ كانَتْ أَشَدَّ صَبابَةً=وإِنْ فَرِكَتْ فاذْهبْ فما فِرْكُها قَصْدُ
وإِنْ حَقَدَتْ لم يبْقَ في قَلْبِها رِضًى=وإِنْ رَضِيَتْ لم يبْق في قلبِها حِقدُ
كَذلِكَ أَخْلاقُ النِّساءِ ورُبَّما=يَضِلُّ بها الهادِي ويخْفَى بِها الرُّشدُ
* =*
وحيدٌ مِنَ الخُلانِ في كُلِّ بَلدةٍ=إِذا عَظُمَ المَطلوبُ قَلَّ المُساعِدُ
* =*
ولكنْ إِذا لم يَحمِلِ القَلبُ كَفَّهُ=على حالةٍ لم يَحِملِ الكَفَّ ساعِدُ
* =*
بِذا قَضَتِ الأَيَّامُ ما بينَ أَهلِها=مَصائِبُ قَومٍ عِنْدَ قَومٍ فَوائِدُ
* =*
وكُلٌّ يَرَى طُرْقَ الشَجاعةِ والنَدَى=ولكِنَّ طَبْعَ النَفسِ للنَفسِ قائِدُ
* =*
فإِنَّ قَلِيلَ الحُبِّ بِالعَقلِ صالِحٌ=وإِنَّ كَثِيرَ الحُبِّ بالجَهْلِ فاسِدُ
* =*
لكل امرئٍ من دَهرِهِ ما تَعوَّدا=وَعادةُ سَيفِ الدولةِ الطّعْنُ في العِدَى
* =*
ومَن يَجعَلِ الضِرغامَ للصَيدِ بازَه=تَصَيَّدَهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا
* =*
وما قَتلَ الأَحرارَ كالعَفوِ عَنهُمُ=ومَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا
إذا أنت أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ=وإِن أَنتَ أكرَمتَ اللَّئِيمَ تمَرَّدا
ووضْعُ النَدى في مَوضعِ السَيف بِالعُلَى=مُضِرٌّ كوَضعِ السَّيفِ في مَوضِعِ النَدَى
*=*
أوَدُّ منَ الأيَّامِ ما لا تَوَدُّهُ=وأشكُو إلَيها بَينَنا وَهْيَ جُندُهُ
* =*
أبَى خُلُقُ الدُنيا حَبِيباً تُدِيمُهُ=فَما طَلَبي منها حَبِيباً تَرُدُّهُ
وأًسرَعُ مَفعُولٍ فعَلتَ تَغَيُّراً=تكَلُّفُ شيءٍ في طِباعِكَ ضِدُّهُ
* =*
وأتعَبُ خَلقِ اللِّه مَن زادَ هَمُّهُ=وقَصَّرَ عَمَّا تَشتَهِي النَفسُ وَجدُهُ
فلا يَنَحلِلْ في المَجدِ مالُكَ كُلُّهُ=فيَنْحَل مَجدٌ كانَ بِالمَالِ عَقدُهُ
ودَبِّرهُ تَدبِيرَ الَّذي المَجدُ كَفُّهُ=إذا حارَبَ الأعداءَ والمَالُ زَندُهُ
فَلا مَجدَ في الدُنيا لِمَنْ قَلُّ مالُهُ=وَلا مالَ في الدُنيا لِمَن قَلَّ مَجدُهُ
* =*
وما الصارِمُ الهِندِيُّ إلا كَغيرِهِ=إذا لم يُفارِقْهُ النِجادُ وغِمدُهُ
*=*
وإِذا الحِلمُ لم يَكُنْ طِباعٍ=لم يَكُنْ عن تَقَادُمِ المِيلادِ
* =*
نامَت نواطِيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها=فقد بَشِمْنَ وما تَفْنى العناقيدُ
**=**
وكَاتِمُ الحُبِّ يَوْمَ البَيْنِ مُنهَتِك=وصاحِبُ الدمعِ لا تَخْفَى سرائِرهُ
* =*
إنّي لأعلَمُ وَاللبيبُ خبيرُ=أَنَّ الحيَاةَ وإِنْ حَرصْتُ غُرورُ
* =*
وَقَنِعتُ باللُّقيا وأَوَّلِ نظرَةٍ=إن القَليلَ مِنَ الحَبيبِ كَثيرُ
* =*
ذَرِ النَّفْسَ تَأخُذْ وُسْعَها قَبْلَ بيْنِها=فمُفْتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمْرُ
وَلا تحْسَبنَّ المَجْدَ زِقًّا وقيْنَةً=فَما المَجْدُ إلا السَّيْفُ والفَتْكة البِكْرُ
* =*
إِذا الفَضْلُ لم يَرْفَعكَ عَن شُكْرِ ناقصٍ=على هِبَةٍ فالفَضْلُ فيمَنْ لهُ الشُّكرُ
ومَنْ يُنْفِق السَّاعاتِ في جَمْعِ مالِهِ=مَخافَةَ فَقْر فالَّذي فَعَلَ الفَقْرُ
* =*
وإِنِّي رأَيتُ الضُّرَّ أحسَنَ مَنْظَرًا=وأَهْوَنَ مِن مَرْأَى صَغيرٍ بِهِ كِبْرُ
* =*
وَما في سَطوةِ الأَربَابِ عَيْبٌ=ولا في ذِلَّةِ العُبْدانِ عارُ
** =**
فَلا تَرَجَّ الخَيْرَ عِندَ امْرِئ=مَرَّتْ يَدُ النَخَّاسِ في رَأسِهِ
وَإِن عَراكَ الشَكُّ في نَفْسِهِ=بِحالِهِ فانْظُر إلى جِنسهِ
* *=**
عَلَيكَ إِذا هزِلْتَ معَ الليالِي=وحَولَكَ حينَ تَسمَنُ في هِراشِ
* *=**
مَن كان فوقَ مَحَلِّ الشَمسِ مَوضِعُهُ=فَلَيسَ يرفَعُهُ شَيءٌ ولا يَضَعُ
*=*
إنَّ السِلاحَ جَميعُ الناسِ تَحمِلُهُ=وَلَيس كلُّ ذواتِ المِخلَبِ السَبُعُ
* =*
تَصفُو الحَياةُ لجِاهِلِ أو غافِل=عَمَّا مَضَى فِيها وَما يُتوقَّعُ
ولِمَن يُغالِطُ في الحَقائِقِ نَفسَهُ=ويَسُومُها طَلبَ المحالِ فتطمَعُ
أين الَذي الهَرَمانِ من بُنيانِه=ما قَومُهُ ما يَومُهُ ما المَصرَعُ
تَتَخلَّفُ الآثارُ عَن أصحابِها=حِيناً ويُدرِكُها الفَناءُ فتَتبَعُ
* =*
مازِلتَ تَخلعُها على مَن شاءها=حَتَّى لَبِستَ اليَومَ ما لا تَخلَعُ
* *=**
غير اختيارٍ قبِلتُ بِرَّكَ لي=والجوعُ يُرضيِ الأُسودَ بالجيِفِ
* =*
فإنْ يكُنِ الفِعل الذي ساءَ واحدًا=فأَفعالُهُ اللآئي سَرَرْنَ ألُوفُ
* *=**
نَبكي على الدنيا وما من مَعْشَرٍ=جَمَعَتهُمُ الدُّنيا فلم يَتَفَرّقُوا
* =*
فالموتُ آتٍ والنفوسُ نَفائِسٌ=والمسُتَعزَ بِما لَديْهِ الأحْمَقُ
* =*
وأَنْفَسُ ما لِلفَتى لُبُّهُ=وذو اللُّبِّ يَكرَهُ إِنفاقَهُ
* =*
والغِنى في يَدِ اللئيم قَبيحٌ=قَدرَ قُبح الكَرِيمِ في الإِملاقِ
* =*
وأَحلَى الهَوَى ما شكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ=وفي الهَجْرِ فَهوَ الدَّهْرَ يَرجُو ويتَّقِي
* =*
وإِطراقُ طَرفِ العَينِ لَيسَ بِنافِعٍ=إِذا كانَ طَرفُ القَلْب لَيسَ بِمُطرِقِ
* =*
وَما الحُسنُ في وَجهِ الفَتَى شَرَفاً لَهُ=إِذا لم يَكُنْ في فِعلِهِ والخَلائِقِ
* *=**
إِذا قيلَ رِفقًا قالَ للِحلمِ مَوضِعٌ=وَحِلمُ الفَتى في غَيرِ مَوضِعِهِ جَهْلُ
* =*
أبْلَغُ ما يُطلَبُ النَّجاحُ بهِ ال=طَّبعُ وَعِنْدَ التعَمُّقِ الزَّلَلُ
* =*
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ=يَجد مُرّاً به الماءَ الزُّلالا
* =*
إِنَعَم ولَذَّ فللأُمورٍ أواخِرٌ=أَبَدًا إِذا كانَتْ لَهُنّ أَوائَلُ
ما دُمتَ من أَرَبِ الحسانِ فإِنّما=رَوق الشبابِ عَلَيكَ ظِلٌّ زائِلُ
للهوِ آوِنَة تمُرُّ كأَنها=قُبَلٌ يزَودها حَبِيبٌ راحِلُ
جَمَح الزّمانُ فلا لَذيذٌ خالِصٌ=مِما يَشوبُ ولا سرُورٌ كاملُ
* =*
إذا ما تَأمَّلتَ الزَمانَ وصَرفَهُ=تَيَقَّنْتَ أَنَّ المَوتَ ضَربٌ مِنَ القَتلِ
* =*
خذ ما تَراه ودَع شَيئاً سمِعتَ بهِ=في طَلعة البدرِ ما يُغنِيكَ عن زُحَلِ
* =*
وليسَ يَصِحُّ في الأَفهام شَيءٌ=إذا احتاج النَهارُ إلى دَلِيلِ
*=*
إِذا الطَعنُ لم تُدخلك فيه شَجاعةٌ=هي الطَعن لم يُدخِلكَ فيهِ عَذُولُ
*=*
سِوَى وَجع الحُسَّادِ داوِ فإِنَّهُ=إذا حَلَّ في قلبٍ فَليسَ يَحُولُ
ولا تَطمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدَّةٍ=وإِنْ كُنتَ تُبدِيها لهُ وتُنِيلُ
*=*
يهونُ علَينا أن تُصابَ جسُومُنا=وتسلمَ أَعراضٌ لَنا وعُقولُ
*=*
وأَتعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ=وأَغَيظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ
*=*
وإِذا لم تَجِدْ مِنَ الناسِ كُفْأً=ذاتُ خِدْرٍ أَرادَتِ المَوتَ بَعلا
ولَذِيذُ الحَياةِ أَنفَسُ في النَفْ=سِ وأَشهَى مِن أَنْ يُمَلَّ وأَحلَى
وإِذا الشَيخُ قالَ أُفٍّ فَما مَ=لّ حَياةً وإِنَّما الضّعْفَ مَلا
آلةُ العَيْشِ صِحَّةٌ وشَبابٌ=فإِذا وَلَّيا عَنِ المَرءِ وَلَّى
أَبَداً تَسْتَرِدُّ ما تَهَبُ الدُّن=يا فيا ليتَ جُودَها كانَ بُخلاْ
*=*
وَهْيَ مَعْشُوقةٌ على الغَدْرِ لا تَحْ=فَظُ عَهْداً ولا تُتَمِّمُ وَصلا
* =*
شِيَمُ الغانِياتِ فيها فَما أَدْ=رِي لِذا أَنَّثَ اسْمَها الناسُ أم لا
* =*
وإِذا ما خَلا الجَبانُ بأَرضٍ=طَلَبَ الطَعْنَ وَحْدَهُ والنِزالا
*=*
إِنَّما أَنْفُسُ الأَنِيسِ سِباعٌ=يَتَفارَسنَ جَهرةً واغتِيالا
مَن أَطاقَ التِماسَ شَيءٍ غِلاباً=واغتِصاباً لم يَلْتَمِسْهُ سُؤَالا
كُلُّ غادٍ لِحاجةٍ يَتَمنَّى=أَنْ يَكُونَ الغَضَنْفَرَ الرِئبالا
* =*
لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم=الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ
*=*
كَدعواك كُل يَدَعي صِحةَ العَقلِ=ومَن ذا الذي يَدري بِما فيهِ مِن جَهل
*=*
ذَرِيني أَنِلْ ما لا يُنال مِنَ العُلى=فصَعبُ العُلَى في الصَّعْبِ والسَّهْلُ
تُريدين لُقْيانَ المَعالي رَخيصة=ولا بُدَّ دُون الشّهدِ مِن إبَرِ النَحل
**=**
يَجْني الغِنى لِلئامِ لَو عقَلوا=ما ليسَ يجني عليهِمِ العُدُمُ
هُمُ لأموالهِم وَلسن لَهُمْ=والعارُ يَبقى والجرحُ يَلتَئمُ
* =*
خَليلُكَ أنْتَ لا مَنْ قُلْتَ خِلِّي=وَإنْ كَثُرَ التَّجَمُّلُ والكَلامُ
*=*
وَشِبْهُ الشَّيءِ منْجَذِبٌ إلَيْهِ=وأشْبَهُنا بِدُنْيانا الطَّغامُ
ولو لَمْ يَعْلُ إلاَّ ذو مَحَلٍّ=تَعالى الجَيْشُ وانْحَطَّ القَتامُ
* =*
ومَنْ خَبَرَ الغَواني فالغَواني=ضِياءٌ في بَواطِنِهِ ظَلامُ
* =*
وما كُلّ بمَعْذورٍ ببُخْلٍ=ولا كُلّ على بُخْلٍ يُلامُ
*=*
تَلَذُّ لَهُ المُروءةُ وَهْيَ تُؤْذي=ومَنْ يَعْشَقْ يَلَذُّ لَهُ الغَرامُ
*=*
لا افتِخارٌ إِلا لِمَنْ لا يُضامُ=مُدرِك أَو مُحارِبٍ لا يَنامُ
لَيْسَ عَزمًا ما مَرَّض المَرءُ فيهِ=لَيْسَ هَمًّا ما عاقَ عنهُ الظَّلامُ
واحتِمالُ الأَذَى ورُؤْيَةُ جاني=ه غِذاءٌ تَضْوَى بِهِ الأَجْسامُ
ذَلَّ من يَغبِطُ الذًّليلَ بِعَيشٍ=رُبَّ عَيشٍ أَخَفُّ منهُ الحِمامُ
كُلُّ حِلمٍ أتى بِغَير اقتِدارٍ=حُجَّةٌ لاجِىءٌ إليها اللِّئامُ
مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ=ما لُجِرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيلامُ
* =*
إن بعضًا مِنَ القَريض هُذاءٌ=لَيسَ شَيئًا وبَعضَهُ أَحكامُ
*=*
إِذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ=فَلا تَقْنَعْ بِما دُونَ النُّجومِ
فطَعْمُ المَوتِ في أَمرٍ حَقِيرٍ=كطَعْمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظِيمِ
*=*
يَرَى الجُبَناءُ أَن العجز عَقلٌ=وتلكَ خديعةُ الطّبع اللئيمِ
وكُلُّ شَجاعةٍ في المَرء تُغنِي=ولا مِثلَ الشّجاعة في الحَكِيمِ
وكم من عائِبٍ قَولاً صَحيحًا=وآفَتهُ مِنَ الفَهمِ السّقِيمِ
ولكِنْ تَأخذُ الآذان منهُ=على قَدَرِ القَرائِحِ والعُلُومِ
*=*
وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً=تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ
* =*
وما انتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظرِهِ=إِذا استَوَتْ عِندَهُ الأَنوارُ والظُلَمُ
* =*
إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً=فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَ يَبْتَسِمُ
* =*
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بهِ=وشَرُّ ما يَكْسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
* =*
عَلَى قَدْرِ أَهلِ العَزمِ تَأتِي العَزائِمُ=وتَأتِي عَلَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وتَعظُمُ في عَينِ الصّغِيرِ صِغارُها=وتَصغُر في عَينِ العَظِيمِ العَظائِمُ
* =*
وما تَنفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنا=إِذا لم يَكُنْ فَوقَ الكِرامِ كِرامُ
* =*
تَغُرُّ حَلاواتُ النُفوسِ قُلوبَها=فتَخْتارُ بعضَ العَيشِ وَهْوَ حِمامُ
وشَرُّ الحِمامَينِ الزُؤَامَينِ عِيشةٌ=يَذِلُّ الَّذي يَختارُها ويُضامُ
* =*
إِذا ساءَ فِعْلُ المَرء ساءَت ظُنُونُهُ=وصَدقَ ما يَعْتادُهُ مِن تَوَهمِ
وعادَى مُحبيهِ بِقَولِ عُداتِهِ=وأَصْبَحَ في لَيلٍ منَ الشَك مُظْلِمِ
* =*
وَما كُل هاو للجَمِيلِ بِفاعلٍ=وَلا كُل فَعالٍ لَهُ بمتَمم
* =*
لِمَنْ تَطْلُب الدُنيا إِذا لم تُردْ بِها=سرور محب أو مَساءَةَ مُجرِم
* =*
يُحبُّ العاقلونَ على التَصافِي=وحُبُّ الجاهلِينَ على الوسام
* =*
أرَى الأجدادَ تغلبُها كَثيرًا=على الأولادِ أخلاقُ اللِّئَامِ
* =*
ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئًا=كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
* =*
حَتَّى رَجَعتُ وأقلامي قَوائلُ لي=المَجْدُ لِلسيفِ لَيسَ المَجْدُ لِلقَلَمِ
أُكتُبْ بِنا أبَداً بَعدَ الكِتابِ بهِ=فإنَّما نَحنُ لِلأسيافِ كالخَدَمِ
* =*
ولم تَزَلْ قِلَّةُ الإِنصافِ قاطِعةً=بَينَ الرِجالِ ولَو كانُوا ذَوِي رَحِمِ
* =*
وَلا تَشَكَّ إلى خَلقٍ فتُشمِتَهُ=شَكْوَى الجَرِيحِ إلى الغِربانِ والرَخمِ
وكُنْ على حَذَرٍ لِلناسِ تَستُرُهُ=ولا يَغُرَّكَ مِنهُم ثَغرُ مُبتَسمِ
غَاضَ الوَفاءُ فما تَلقاهُ في عِدَةٍ=وأعوَزَ الصِدقُ في الإخبارِ والقَسمِ
**=**
أَفاضِلُ الناسِ أَغْراضٌ لَدَى الزَّمَنِ=يَخلُو مِنَ الهَمِّ أَخلاهُم مِنَ الفِطَنِ
* =*
فَقرُ الجهُولِ بلا قَلبٍ إلى أَدَبٍ=فَقْرُ الحِمارِ بلا رأسٍ إلى رَسَنِ
* =*
لا يُعجِبنّ مَضيمًا حُسنُ بِزّتِهِ=وهَل تَرُوقُ دَفينًا جُودَةُ الكَفَنِ
*=*
اَلرَأْيُ قَبلَ شَجَاعَةِ الشُجعانِ=هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثاني
فإِذا هُما اجتَمَعا لِنَفسٍ حُرَّةٍ=بَلَغتْ منَ العَلياءِكُلَّ مَكانِ
ولَرُبَّما طَعَنَ الفَتَى أَقرانَهُ=بِالرَأْيِ قَبْلَ تَطاعُنِ الأَقرانِ
لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنَى ضَيغَمٍ=أدْنَى إلى شَرفٍ منَ الإنْسانِ
* =*
تَلْقَى الحُسامَ على جَراءةِ حَدِّهِ=مِثْلَ الجَبانِ بِكَفِّ كُلِّ جَبانِ
* =*
صَحب الناسُ قَبلَنا ذا الزَمانا=وعَناهُم من شأنِهِ ما عَنانا
وتَولوا بِغُصةٍ كُلهُمْ مِن=هُ وإِنْ سَرَّ بَعضَهُم أَحيانا
رُبَّما تُحْسِنُ الصَنِيعَ ليالِي=هِ ولكنْ تُكدِّر الإِحسانا
وكأَنَّا لم يَرْضَ فينا بِريب اَلدَّه=رِ حَتَّى أَعانَهُ مَنْ أعانا
كُلَّما أَنبَتَ الزَمانُ قَناةً=رَكَّبَ المَرْءُ في القَناةِ سِنانا
ومُرادُ النُفُوس أَصغَرُ مِن أَنْ=تَتَعادَى فيهِ وأَنْ تتَفانَى
غَيْرَ أَنَّ الفَتَى يُلاقِي المَنايا=كالحاتٍ وَلا يُلاقِي الهَوانا
ولَوَ أنَّ الحَياةَ تَبْقَ=لَعَدَدْنا أَضَلَّنا الشُجْعانا
وإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدُّ=فمِنَ العَجزِ أَنْ تَكُونَ جَبَانا
كُلَّ ما لم يَكُن مِنَ الصَعْبِ في الأَنْ=فُسِ سَهلٌ فيها إِذا هو كَانا
* =*
كَفَى بِكَ داءً أن تَرى المَوتَ شافِيَا=وحَسْبُ المَنايا أنْ يَكنَّ أمانِيا
* =*
فَما يَنفَعُ الأُسْدَ الحَياءُمنَ الطَوى=وَلا تُتقَى حَتَّى تَكُونَ ضَوارِيا
* =*
إِذا الجُودُ لم يُرزَقْ خَلاصًا منَ الأذَى=فَلا الحَمدُ مَكسُوباً وَلا المالُ باقِيا
وللنَّفْسِ أخلاقٌ تَدُلَّ على الفَتَى=أكانَ سَخاءً ما أتى أم تَساخِيا
*=*
[/poem]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|