وحتّى لا تبقى هذه الأبواب ـ والتي تركها الراحل الحي طلعت عليه رحمة ربي ـ مصفّرة سأنشر في كل قسم نصّا...لاو شيه آخر عظماء الأدب الصيني.
يعتبر “لاو شيه “ أحد عمالقة الرواية الصينية المعاصرة رفقة مواطنه ” باكين ” فهذان الكاتبان هما اللذان إفتتحا عالم الأدب الصيني بتأثير من الفن الغربي في هذا المجال، ورغم ذلك فان “لاوشيه” في الوقت الراهن معدود بين الكتاب المجهولين! ومرد ذلك بلا ريب عائد الى إزدواجية التزامه حيال ثورة ماو الغابرة الآن في حكم التاريخ.. والحقيقة أن “لاو شيه” كان طوال حياته ضحية سوء تفاهم.. فلقد عاش غريبا في وطنه وفي مدينته بالذات.. حيث لفته تلك العاصفة التي هزت الصين منذ رحيل آخر الأمبراطوريات حتى إمساك الشيوعين بمقاليد الحكم.. كان يمثل في صدق الانسان الصيني في الأزمنة الحديثة ..هذا الأخير الذي عبر مختلف المجاعات والحروب والثورات ظل يعتبر كسب لقمة العيش له ولعائلته شغله الشاغل المستديم.. ولد هذا الأديب الكبير عام 1898 من عائلة تنتمي الى سلالة ” الماندشو ” في بكين واسمه الحقيقي “تشوكينغ كان ” وقد عانى شتى مخاطر العنف منذ نعومة أظفاره.. فبعد وفاة أبيه الذي قتل إبان ثورة (البوكسر )كان شاهدا على الثورة التي طالت السلطة وعلى مذبحة شعب الماندشو عام 1907 حينما استقر بشكل دائم حكم سلالة الهان(أو الخان )بدءا من إمارة “سان يات سان” ثم” تشانغ كايشيك” ..وبدون مصدر رزق ثابت كان على الشاب ” لاو شيه ” أن يجهد نفسه في العمل لكي يعيل أسرته أولا كمعلم ثم كمراقب عام ضمن قطاع التربية في المناطق الريفية الواقعة في الشمال.. قرر بعدها الاغتراب.. حيث انطلق عام 1924 في رحلة طويلة أقام أثناءها بانجلترا.. وهناك تولى تدريس اللغة الصينية الرسمية (الماندارينية )في جامعة لندن.. وكان يمضي معظم أوقاته داخل مكتبة الجامعة وسط الهدوء التام.. وثمة إكتشف الرواية الانجليزية المعاصرة عبر ديكينز.. ثاكيتاري.. حيث حدس ببصيرته النفاذة رسالته في الحياة ككاتب يرى في فعل الكتابة الوسيلة الوحيدة بالنسبة له لايصال إرثه الإنساني.. لقد ألف في لندن روايته ” فلسفة لو تشانغ ” وهي نقد موجه ضد فساد المجتمع الصيني التقليدي ..وكذا لظاهرة استغلال المرأة.. ورواية “إرمات ” وهي أيضا هجاء لاذع لأحكام الغرب المسبقة تجاه الشرقيين.. بالنسبة ل “لاوشيه” فانه ليس هناك شك في أن الافكار الجديدة مصدرها الآن من الشرق وليس الغرب ..بعد عودته الى بكين ونشره عام 1937 لرائعته المعنونة “لوتو اكسيانغزي” (الجمل اكسيانغزي ) ذاع صيته كروائي من العيار العالمي..
وقبل سفره الى الولايات المتحدة عام 1946 كان قد بدأ في كتابة ” أربعة أجيال تحت سقف واحد ” وهي روايته الأم بأتم ماتعنيه هذه الكلمة من دلالة.. انها رواية متجاوزة لحد المألوف “مائة فصل وأكثر من مليون رمزمن رموز الكتابة الصينية!!” وقد كتبت على طريقة الرواية التقليدية الصينية (مثل تلك المعنونة حلم داخل المقصورة الحمراء ل:كاو إتكسويكين) وفيها قام برسم اللحظات التراجيدية للغزو الياباني عام 1937
(عن الانترنت)