هَـذا المُعَلــَّقُ خـَلـْفَ مِـرآتي
ومُرتـَديًا سَـراويليْ.. ويُشبـِهـُني
أراهُ في الصَّباحِ وفي المَساءْ
ويُـشِيحُ عـنـِّيَ وَجْهَـهُ
صَوبَ الـتــَّـقاويمِ العَـتـيقـَةِ موحِـيًا
لِـفـُـتاتِ ذاكرةٍ بـِماضٍ كـُـنـْـتـُهُ
ذاكَ المُعَـلــَّقَ قـَبلَ أنْ أرميْ..
وقـُدسَ العَـهـدِ في سِــرِّ العـِـــشاءْ
مُــتـَناسِيًا كأسَ المواعــيدِ الــّـتي شـُـرِبَتْ..
فأوصالي تـُحَـنـِّطـُها ( فـَراعـيـن ٌ )..
وأنـْــفِيَ بـِدعـَـة ٌخـَـشَبـيَّة ٌ تـَهوى الغِـــراءْ
أخـْـتاهُ ما بـَـقيَ سوى حـَجَـرٍ..
تـَعَـمَّـدَ في دَم ِالليمون ِتـَحـرُسُه السَّماءْ
حَجــَــــــــــــرٌ يُعاتـِـبـُنيْ..
إلام َ مُثـَلـَّثُ الأقـْداسِ في حَــزَنٍ ..
وبـَشيـرُنا أكلَ القـَميصَ وظِـلـَّـهُ
كـَسرَ المَرايا للثـَّـكالـَى..
مُسْـتـَعِدًّا لِلعـَـزاءْ
سُـتـّـونَ عـامًا والخـيـام ُ تــَنــَاسـُلا ً
والطـَّـيفُ بالـمرآةِ مَـشطورًا يُـراودُني..
شُـقـوق ُ الكـفِّ ما زالـتْ تُؤَلِّمُهُ..
يُـواريَ باردًا جُـرْحَ السِّـنـينْ
أخـتاهُ... إنـّي لا أشابـِـهُـه ُ..
ولـَوْ مـازالَ يُـشبـِهـُني..
تـُصافـِح ُ قـَبـْضةَ المِـِحْـراث في
كحَـديدِ (سِكـَّـتـِـهِ ) الــّـتي عـَشِقـَتْ..
جُـذورَ القـَمـحِِ والـزَّيتونِ (واليـوسفْ أفــنـْدي)..
والصّبايا تـَعجُـنُ الآهاتِ خـُبـزًا
أخْــتاهُ ما بَـقيَ سوى نــُدْبٍ..
يـُذكــِّرني بـِقـَـبْضَةِ مـِنْجـَلٍ
(ودَلـْعـونا) تـُـؤبـِّـنُ نـايـَها
قـاومَ الجَـنْـزيـرَ مِنْ سِــتــِّيـنَ أمْسًا..
وأنا مُسجَّى عـاريًا بـِصَقـيعِ مِـرآتي..
أجادُلـُها عَـنِ الهـَـرِم ِ الـمُشابـِهِ صورَتي
وبـذاتِ أسْماليْ يـُرَقــِّعـُها..
ولكنْ..... أنـْفــُهُ مُسْـتـَنْسِرٌ
يَعـْـلوسَوادَ الشَّـاربـَيـنْ
بشُموخـِهِ وبَـريـقِ عـَيـنـيـهِ
مَعَ الكوفـيـّةِ ( الرَّبـداء ِ) غايـَرَني..
فـَمَعْـجونُ الحِـلا قـَةِ غامِـرٌ رأسيْ..
ورَغْـوَتـَهُ بـِجـُرنِ العَـيـنِ تـَصبُغـُها..
مَعَ الأذُنـَيـْنِ في زَمـنِ المـَشيـبْ
أخـْــــــــتاهُ مِـرآتيْ تـَـقـُضُّ بـِظـلــِّها نـَوميْ..
تـوبِّخـُنيْ.... ألا تــََخجَـلْ..
نَـظــَّـارتـَيـك َمُـلـوِّ ثـًا قـِمْصانـَهُ
بِعَـصـيرِ كِــذ ْبٍ فاضَ مِنْ خَـلـفِ البِحارِ مُعَـلــَّـبـًا
(واليوسُفيْ) بـِغـَيابَةِ الجـُبِّ الكـئيبْ
لـَمْ يـَبـقَ شـُـذَّاذ ٌ ولا سَيـَّارة ٌ
إلاَّ وأدْلـَوْا دَلـوَهَـمْ
وبأبْخَـسِ الأثـْمـانِ شُـرِّدَ ماؤنا
وعَصيـرُ عـَيـنـي حِـينـَما
نـَظــَّارتيْ سَـقـَطـَتْ عـلى قـَـدَم ِالرَّقـيـبْ
فَـرأيتُ يا أبـتاهُ حـينَ سُقـوطِها
عِـشريـنَ مِـدْخـَـنـَة ًونــَيـِّفَ والسَّنـابـِـلُ كــُـلـُّها
حَجَـبَ السَّماءَ دُخانـُها
يُخـفيْ شُمـوسًا تـَصْقـُـلُ المِرآة َمِنْ غَـبَـشٍ..
وأقـْمـارًا سـَرَتْ في ظـُلمَةِ الــّليلِ الـرَّهـيبْ
مَـقـْدودة َ الأكـفـانِ مِنْ كـُلِّ الجـِهـاتِ..
(بـُراقـُها) يَـرْقـى بـِعـَيْـنـَيْ مـُـقـْعَـدٍ
مُسْتـَصْرِخًا يـاسـينَ والـقـُـرآنَ فـي
أنْ يأكـلَ القـُربانَ فـي كــَنـَفِ الغَـريـبْ
أخْـتاهُ أخـشى مِنْ سُقـوطيَ ضاحِـكـًا
صادَروا الأحـْجـارَ والأشْعـارَ في
خـَلعـوا الشَّواربَ والنـِّعالَ وقـَيــَّدوا (كوفـيـَّة ً)
بالأحْـرُفِ الأولى لِخارطـَـةٍ..
أضاعـوا في ثـَنـاياها الطــَّريـقْ
أوَلـَم يَـروا خـَرَسانة ً خـَطـَـفـَتْ
وميضَ القـبـَّةِ الصَّـفـراءِ تـَنْـتَـزِعُ الـبَـريـقْ
وتـُسَمـِّرُ(الفـاديْ) ومَهْـدُ الخـُبْـزِ يَشويهِ الحَـريـقْ
الـنـّارُ تـَعـْصُـرُ زَيـتــَهُـمْ
والطـَّـيـرُ تـَـزْجـُرُ في رؤوسِهـِمُ النـَّعـيبْ
أوَلـَمْ يـَروا... أعْـنابـَها هـُرِسَتْ..
و(سالومي) بـِبَـيَّـاراتِها مَجَـنَـتْ..
ورأسَ (المِـعْـمَدانِ) بـِرَقـْصَةٍ قـُطِعَـتْ..
(ويافـاوِيـَة ً) سَـألـَتْ..
لأيِّ مُـنافِـقٍ عـُصِِرَتْ..
وفي فـَمِها لـَهـيبُ الخـَلِّ يَكويـها الصَّليبْ
فـَـرؤى العـِجـافِ تـُراوِد ُ(الـيوسِفْ أفـنـديْ) خائـِفـًا
مِسكيـنُ يَخْـشى شاهِـدًا مِنْ أهـلـِهِ
فالجُـبُّ مـازالـتْ غـَيابـَتــُه ُ تـُذكــِّرُهُ..
بـِكـَومَـةِ إخـوةٍ كـذَبـوا وجاؤوا بالـتـَّباكيَ والـنـَّحـيبْ
لـُمِّي الـمَرايا والشُّروقَ وكلَّ حَـبّاتِ البَـريقْ
فـَلـَقـدْ رأيتُ أيــا أبي
صيعـانـَهَا مُـلـِـئـَتْ حِـجـارَة َمَـوسمٍ
يـَفعَـتْ سَـنابـِـلــُه سِـمانٌ..
تـَـلقُـط ُالـتــَّاريخَ والمِـقلاع َ..
والصَّخـرَ الشـّـآميَّ العَــريقْ
تــَلـِدُ الحِجـارَة َ تـَوأمًا بأكـفـِّها
ولـِثامُها لـَفَّ القـَميصَ بــِشارَة ً
عَـبـَرَ السَّماءَ بـِخَـطــِّـهِ
مِنْ (قاسيـونَ) تـَكـَوْكـَبـَتْ
بـِغـُبارِها حِِـبْرٌ لِخارِطـَةِ الطـَّريـقْ