رد: صفحات من كتاب مرآة الممالك ( تاريخ عثماني)
أستاذي الكريم" أعزك الله بفضله ورعاك وأطال عمرك"
تشكل الوثائق العثمانية مصدراً اصيلاً من مصادر كتابة التاريخ الحديث في المنطقة العربية عامة وشبه الجزيرة العربية والعراق على نحو خاص ذلك ان العثمانيين قد بسطوا نفوذهم على هذه المناطق زمنا طويلاً، على نحو كان له الاثر الكبير في تكوين المقدرات السياسية والاجتماعية للمنطقة.
لذا فان الوثائق عماد التاريخ فهو لايستوي قائماً على حين يتعهده المؤرخ بالرعاية الا بها.
وحين تنعدم الوثائق او يتعذر وجودها فعلى المؤرخ ان يصمت لانه يفقد الدليل الذي يعني على البيان، فالمؤرخ بلا وثيقة في رحاب التاريخ كالقاضي ينظر قضية في محكمة تغيب عنها شهود الدفاع والادعاء.
وعلى الرغم من اهمية الوثيقة التي هي شاهد عيان على طرف من الاحداث التاريخية، الا انها لا تصنع التاريخ فشهود بعض الاطراف لا يمكن اصدار حكم صريح, فالوثيقة هي الكلمة وهي رغم كونها الوحدة الاساسية في كتاب المؤرخ الذي لاتقوم صناعته الا بها، الا انها مع ذلك ليست مفيدة في حد ذاتها حين توضع عشوائيا جوار اخرى.
فالكلمات مالم تنظم لا تؤلف جملة مفيدة كما ان الجمل المفيدة في ذاتها لا تصنع كتابا مالم تنسق وفق خطة محكمة بمعرفة ودراية وصولا الى المعنى المنشود.
فالوثيقة الكلمة التي هي مادة المؤرخ والمترجم تعني القول بان للتاريخ ركنين :
مادة تقدمها الوثيقة
وذهن المؤرخ أو النترجم الذي يتناول هذه المادة ويعالجها بوسائله وفق خطة يشيد عليها البناء.
فالوثيقة اذا هي كل اثر ورثناه عن الماضي يعين على كتابة التاريخ . ولكن يبقى ان نقول ان الوثيقة لن تكون جديرة بان تحمل هذه الصفة او ان يلصق بها هذا الاسم وانها لن تصبح فاعلة في صناعة التاريخ مالم يعتمدها المؤرخ بعقله وحسه ودرايته , فالنقد الذي يمارسه المؤرخ المترجم على كل وثيقة خارجياً او داخلياً سلباً ام ايجاباً هو الفيصل بين الوثيقة واللاوثيقة .
لقد بذلت أستاذي الكبير الجهد الكبير والاهتمام الأكبر بترجمة الوثائق واستعمالاتها وه جهد طيب ومثابرة تنم عن فهم كامل وتام لاهمية الوثيقة ومكانتها مما يدل على خبرتك الواسعة ومعرفتك المنهجية التي تجعل من كل ذلك مرجعا مهما لكل باحث في تاريخ المنطقة.
|