لقد كتب الدكتور مصطفى محمود في هذا الموضوع وهو الموت..مقال تحت عنوان ( لغز الموت )
قال فيه:
لماذا نرتجف من الرعب حينما نفكر فية .. وتنخلع قلوبنا حينما نصدقة وتضطرب حياتنا حينما ندخلة فى حسابنا ونضعة موضع الاعتبار .
السبب أنة الحادث الوحيد المصحوب برؤية مباشرة .. فما يحدث داخلنا من موت لا نراه .. لا نرى كرات الدم وهى تولد وتموت .. لا نرى الخلايا وهى تحترق .. لا نرى صراع الميكروبات وهى تقتلنا ونقتلها .. وخلايا لا ترى نفسها وهى تفنى ..
كل ما يحدث فى داخلنا يحدث فى الظلام .. ونحن ننام ملء جفوننا وقلوبنا تدق بانتظام وتنفسنا يتردد فى هدوء .
الموت يسترق الخطى كاللص تحت جنح الليل .. ويمشى على رؤوسنا فتبيض له شعراتنا .. شعرة .. شعرة .. دون أن نحس .. لأن دبيبة وهو يمشى هو دبيب الحياة نفسها .
ان أوراق الشجرة تتساقط ولكن الشجرة تظل ماثلة للعيان دائمة الخضرة دائمة الازدهار .. تظل هكذا حتى تهب عاصفة تخلعها من جذورها وتلقى بها فى عرض الطريق ..
وحينئذ فقط يبدو منظرها قاتما يبعث على التشاؤم .. تبدو فروعها معروقة عارية .. وجذورها نخرة .. وأوراقها مصفرة .. لقد انتهت .. لم تعد شجرة .. أصبحت شيئا آخر .. أصبحت خشبا .
وهذا هو ما يحدث .. حينما نشاهدالانسان وهو يسقط جثة هامدة انة يبدو شيئا آخر ويبدو الحادث الذى حدث فجأة .. حادثة غريبا بلا مقدمات .. لقد انتهى الانسان كلة فجأة ..ويبدأ العقل فى التساؤل .. هل أنتهى أنا أيضا كلى فجأة .. كما انتهى ذلك الانسان .. وكيف ولا شئ فى احساسى يدل على هذة النهاية أبدا .
كيف يحدث هذا .. وأنا جياش بالرغبة .. ممتلئ بالارادة .. بل أنا الامتلاء نفسه .
كيف يتحول الامتلاء الى فراغ .. وفجوة .
أنا .. أنا ؟ ! .. الذى أحتوى على الدنيا .. كيف أنتهى هكذا وأصبح شيئا تحتوى علية الدنيا .
فالموت فعلاً لغز كبير نقف جميعاً أمامه حائرين ..حيرة بطل قصتنا المسكين !
نعم مسكين..فكم أشفق عليه من مثل هذه الميتة البشعة
اللهم أحسن خاتمتنا وتوفنا وأنت راضٍ عنا..
د. يوسف
ما أروعك.. عزفت على أوتار الكلمات فكانت سيمفونية رائعة
لواقع نلمسه جميعاً ..أخذتنا فيه لأدق التفاصيل
حتى فوجئنا بنهاية لم تكن في الحسبان..
خالص تحياتي وتقديرى ..
وبارك الله فيك وفي قلمك المتألق..