التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,827
عدد  مرات الظهور : 162,242,087

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > موسوعة.كتّاب.وأدباء.فلسطين.... > الأقسام > غسان كنفاني
غسان كنفاني نفحات من كتابات الشهيد الأديب غسان كنفاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 05 / 10 / 2011, 34 : 11 AM   رقم المشاركة : [1]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

إلى أن نعود .غسان كنفاني

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center].. مع أشعة الشمس التي كانت تأكل رأسه وهو وحيدا في صحراء النقب، كان يسمع صخب أفكاره في رأسه كأنها مجموعة مسامير تدق.. ولا تنغرس.

ان انفه يعمل الآن تماما كما تعمل البوصلة، وهو يشعر أنه يقترب من هدفه، أنه يعجب لنفسه كيف لم ينقطع عن التفكير العنيف طوال هذه الساعات الممضة، لقد فكر في هذه الساعات كما لم يفكر ابدا طوال ثماني سنوات.

ويغرس قدميه في الرمال الناعمة، ويقتلعها كما تقتلع قطعة الخشب العتيقة عن غراء لم يجف بعد كما يجب، ثمة احاسيس ضخمة تمتلك عنه ذكرياته، ان هذه الاحاسيس لتتداخل في بعضها وتتشابك حتى ليشعر انها لازمته زمنا طويلا، ويصعب عليه الآن ان يتصور نفسه كيف كان بدونها.. إنه عطشان الى حد يشعر فيه بأن حلقه اضحى جافا جامدا، فلم يعد ثمة ضرورة لبقائه، ويشعر بالتالي أنه تعب، مرهق، يكاد يتهاوى، كأنما انتهى لتوه من شد قارب كبير من البحر الى رمل الشاطئ المبلول لكنه مع هذا كله، كان يسير، مندفعا كأنه يسابق نفسه، كان نصفه العلوي يتقدم منحنيا عن بقية جسده.. فالرمل الناعم يعيق سرعة قدميه، كان قصيرا، اسمر البشرة، محروقا، لم يكن في وجهه اي شيء يستلفت النظر لاول وهلة، كل ما هنالك ان لفمه شفتين رقيقتين تنطبقان في تصميم، ان شكل وجهه يثير في الانسان _ لدن تدقيق النظر شعورا بأنه يشاهد حقلا صغيرا، بل واكثر من هذا، فان الخطين اللذين يشقان جبهته يحب الانسان ان يشبههما بآثار((شفرات)) محراث مر لتوه من ذلك المكان..

لقد بدأت رائحة أرضه تذيب احاسيسه، شيء جميل ان يشم المرء جزءا من ماضيه، ان رأسه الآن تنفتح كأنها صندوق عرس منقوش بالصدف ويحوي كل شيء، ويرى فيه داره الصغيرة الرطبة، وزوجه ترش التراب بالماء، ثم يرى نفسه آتيا من حقله بقدميه الموحلتين، ان الصورة يراها امامه هكذا، بل واكثر من ذا، كأنه يستعيد منظرا عاشه قبل دقائق فحسب، انه يرى الصورة بكل تقاطيعها الدقيقة، حتى ليرى نفسه كيف يسير، لم يتيسر له قبل الآن ان يراقب سيره بهذا الوضوح وهذا الامكان.

وهو يقترب من ارضه، هكذا يشعر في اعماقه عندما بدت له اول (بيارة) من (بيارات) أهل قريته، ابتدأ الصوت الذي ودعه على فوهة النقب الجنوبية يدق رأسه، ويتجاوب صداه في جسده:
- ((هي ارضك، الم تعش هناك؟ حسنا، انك تعرفها اكثر من سواك، في واحد من الحقول بنى اليهود خزانا يسقي المستعمرات القريبة، اعتقد انك فهمت، ان الديناميت الذي تحمله يكفيك...)).
لم يتكلم بعدها، بل انطلق عبر النقب وحيدا، وحيدا الا من هذه الزوبعة التي تثور في اعماقه.. وها هي ا رضه، حيث درج يلهو، تستلقي في احضان الجبل باستسلام.

و انزلق بين الحقول الخيالية في حذر، مستمدا من رائحة ترابه شعورا بقدرة لا تقهر، واصابعه تطبق على سكينه في تهيؤ (( وحشي)). ان رأسه تشتط به وتختلط في تاريخ الحقول التي يعرفها جيدا، ويجد عنتا شديدا في العودة الى الحقيقة..

وعندما استدار حول حقل كان لأبي حسن- جاره- في يوم من الايام، رأى نفسه يشد رأسه عاليا وهو يرقب بشعور غامض خزان المياه، يرتفع كأنما ليصل الارض بالسماء.. ليؤمن لها الماء. لكنه ساءه ان يقف الخزان، هكذا، في الحقل المعطاء.. انه بوقوفه هذا يشوه احساسا جميلا احسه هو، وجميع جيرانه، طوال حياتهم.. انهم، الفلاحين، يحسون الارض احساسا بينما ينظر سواهم اليها كمشهد عابر، ان اي حقل، يبعث بالفلاح شعورا تلقائيا بأنه- ذلك الحقل، يلقي على موجوداته ظل الابوة مهما عظمت، فيشعر الانسان انها في حماية قوة غامضة، هائلة، مخيفة، لكنها محببة..

ولكن الخزان يدمر هذا الاحساس، وهو واقف هناك كحقيقة مرة تعطيه نوعا آخر من المشاعر، بل أنه يحس احساسا عميقا ساكنا بأن الأرض نفسها ترفض الخزان.. لا تريد ان تحميه، انه يعني شيئا آخر، غير الري والماء، شيئا كبيرا داميا كالمأساه.
وحبس انفاسه وهو يرقب من خلال العواسج أرضه التي تكسب عليها عرقة ليخلقها من العدم، هاهو اذن البيت الصغير الذي كان يأوي اليه مع زوجة أيام العمل المتواصل في موسم الحصاد، فلقد كان بيتاً جميلاعلى ما فيه من تواضع، أما الآن، فلقد تهدمت ناحية منه، والناحية الثانية التي تتكئ على صخور الجبل قد علاها الغبار وصيغتها ذرات رصاصية من دخان ( الموتور )، إن الخزان يقتحم حياته بشكل مزعج، لقد اقيم في الساحة التي كان يجلس فيها وزوجته قبل أن يناما، يتحدثان فيها عن الذرة والقمح، لقد كان في مكان قائمة الخزان الاقرب للدار شجرة أجاص فؤيد من نوعها، كان يحبها ويعني بها، هنا، قرب الباب المتداعي كانت تنام زوجته ليالي الصيف، كانت في تلك الأيام يدعو جيرانه للجلوس، فتسره زوجته وترش الساحة بالماء فتكسبها رطوبة محببة .

وفجأ، وبدون أي سابق اعلام سقطت من أعماقه اللاواعية إلى حياته الواعية صورة مدوية مروعة، اجتاحته كالطوفان، هوت إلى حواسه كلها دفعة واحدة فشغلتها كلها، قبل أن يرحلا بيوم واحد ....
بيوم واحد فقط، دخل اليهود إلى البيارات، ووجد ان عليه أن يترك ولو إلى حين- ذلك العطاء .... وجر زوجته وترك أرضه، وسار ... الا أنه قبل ان يجتاز باب حلقة المقطع، دنا إلى زوجته، والفى نفسه مشدوداً إلى دمعة كبيرة في عينيها الواسعتين .. كأنما هي ذوب حنين ... كان يريد ان يقاوم لكنه رأى نفسه محاطاً بالتساؤلات التي غرستها دمعة زوجه في عروقه الزرقاء : الى أين؟ وارضك؟ اليس من الأفضل أن تعيد الى التراب عطاءه لحماً ودماً ؟

ودون أن يتكلم، سحب زوجه من يدها الى حلقة، ولم يستطيع ابدً أن يحرر نفسه من النداء الطيب في العيون الواسعة .
في تلك الليلة .. شنق اليهود زوجه على الشجرة العجوز بين الساحة والجبل أنه يراها مدلاة عارية تماماً ... كان شعرها محلوقا و مربوطا الى عنقها وينزف من فمها دم اسود لماع .. لقد شدوا خصرها النحيل شدامجنونا، لم يكن في وجهها كله، ما يشير الى انها كانت، قبل هنهية، تملأ الساح رصاصا ونارا ودما، في ذلك الوقت، كان هو مربوطا الى شجرة المقابلة يشهد كل ما فعلوه عاجزا، لقد شدوه الى الشجرة بحبال الحراثة بعد ان سلخوا ظهره بالكرابيج الجلدية طوال بعد الظهر، وتركوه يشهد كل شيء، تكروه يحدق ويصيح كالمنجون .. لقد حشوا فمها بالتراب عندما قالت له مع السلامة ) وماتت. وتركوه يمضي كي يموت بالصحراء مع ذكرياته..

انه لا ينظر الان الى هذه الصورة نظرة المشاهد، لا، ابدا، انها تتفاعل باعماق اعماقه ويحسها ويراها تنسكب على اعصابه كالرصاص المذاب، ان ذاته تتفاعل الان مع الماضي بشكل عجيب، لم يستطيع ان يخلع نفسه من الصورة الدموية، ولا ان يخلعها من نفسه، كان حاضره يمتزج مع ماضيه مزجا معقدا، ان صوت استغاثات زوجه وانينها المقطع المحروق، وصوت اسنانها تمضغ التراب، وصوت حنجرته وهي تطبق على صياحه في بحات هستيرية، كل هذا، كان يمتزج امتزاجا متشابكا بصوت الانفجار المرع، وصوت الخزان العملاق يقتلع من الوجود..
ويمتص الدخان الاسود بعض احاسيسه الدامية، ويرنو الي الحطام بهدوء صاخب..

لقد عاد في المساء الى خيمته، كان متعبا منهوكا، يحس كأنما قد تباعدت مفاصله عن بعضها، وعلى عضلاته ان تتوتر الى الابد كيما تنشد بينها، واحس وهو يصافح الانسان الذي ودعه قبل ان يذهب الى مهمته انه لا زال في المعركة التي بدأت منذ زمن بعيد .. وسمع صوته :ماذا ؟ انتهى كل شيء على ما يرام ؟
- وهز رأسه في اعياء..وعاد يسمع صوت الرئيس:
- هل انت تعب؟ وهز رأسه نفيا وهمس بصوته العميق المجروح:
- هل اعددت مهمة صباح الغد؟
ووصله صوت رئيسه من بعيد :
ولكنك لا تستطيع ان تتابع غدا.. يجب ان تستريح .. -
ودون ان يفكر اجاب : بل استطيع ..
- الى متى تحسب انك تستطيع ان تواصل على هذه الصورة ؟
قال وهو يسند رأسه على كيس المتفجرات :
- الى ان نعود..
[/align]
[/cell][/table1][/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 10 / 2011, 01 : 06 PM   رقم المشاركة : [2]
فاطمة البشر
جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة

 الصورة الرمزية فاطمة البشر
 





فاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: إلى أن نعود .غسان كنفاني

ستبقى على الحال " إلى أن نعود " ،،
الروح تهون فداء لتراب الوطن الحبيب
من روائع غسان كنفاني ...
سلمت أناملك سيدتي " نصيرة "
ودي وورديِ
توقيع فاطمة البشر
 
أنا لم أكن يوما إلا أنا ....

تلك الفتاة التي تحلم بغد زاهٍ مشرق ...

تلك الفتاة التي تنثر حباً وأملاً ...
تلك الفتاة التي ترسم حلماً ...
تلك الفتاة التي ستصنع مجداً ...

ولا تزال تنتظر الأياام......


فاطمة البشر


https://www.facebook.com/fatima.bisher
فاطمة البشر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 12 / 2011, 29 : 01 AM   رقم المشاركة : [3]
بوران شما
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني


 الصورة الرمزية بوران شما
 





بوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond repute

رد: إلى أن نعود .غسان كنفاني

هذا هو غسان كنفاني , وسنبقى نردد بعده " إلى أن نعود "
ولن يثنينا شيء عن هذا النداء والهدف .
تحياتي وتقديري .
توقيع بوران شما
 بيننا حب أمامنا درب وفي قلوبنا أنت يارب
بوران شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05 / 02 / 2012, 37 : 03 PM   رقم المشاركة : [4]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: إلى أن نعود .غسان كنفاني

إن شاء الله . كتب الله لكم العودة أخت بوران و لكل فلسطيني مغترب و رحم الله غسان كنفاني.
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
.غسان, نعود, كنفاني


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في الذكرى 38 لأستشهاد غسان كنفاني/ بقلم عصام اليماني. عبدالله الخطيب غسان كنفاني 2 27 / 03 / 2014 51 : 10 PM
أوراق غسان كنفاني طلعت سقيرق كلمات 6 22 / 04 / 2012 29 : 04 PM
بومة غسان كنفاني آدم يونس غسان كنفاني 2 08 / 07 / 2010 26 : 04 AM
ما كتب عن غسان كنفاني ميساء البشيتي غسان كنفاني 4 08 / 07 / 2010 05 : 04 AM
قصص غسان كنفاني حسام صالح مكتبة نور الأدب 1 25 / 04 / 2010 47 : 08 PM


الساعة الآن 39 : 05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|