[فتيحة الدرابي]

فجأة وبدون سابق إنذار وجدت نفسها وحيدة، محاطة بفراغ قاتل، غابت التي كانت عنها تنوب ، تحولت أغرودة اللحن الطروب إلى أوجاع اغتالت براءتها، اغتالت بسمة ثغرها التي سرقها الشحوب، أحاسيسها المرهفة مزقتها ثقوب، أصبحت مثل أعمى يبحث عن عكاز يعتمد عليه ليجتاز الدروب.
وهي لا تزال صبية لا يتجاوز عمرها ست سنوات فقدت الدفء والحنان فقدت النور والأمان فقدت حتى المكان، لأنها لم تعد تحس به كما كان خصوصا عندما دخلت إليه امرأة الأب التي أحست بأنها تسرق منها كل شيء ، لم تترك لها حتى حضن أبيها عندما يأتي من العمل كي يعوضها عن حنان الأم المفقود، ذلك الحنان الذي هي في أمس الحاجة إليه وهي في هذا السن .
كم مرة جلست على عتبة الدار وهي تحمل محفظتها عند عودتها من المدرسة فتجد بابا موصدا .
أعياها الانتظار، كل يوم تقف ساعات مرة ترتعد من البرد والجوع ومرة تلهبها حرارة الشمس المفرطة دون أن تجد يدا رحيمة تمد لها يد العون والمساعدة.
طفح الكيل بعد أ ن طال الانتظار، خرجت من المنزل تبحث عن نهار جديد وهي ما تزال طرية غضة لا تعرف شيئا عن الحياة والشارع .
في أول الأمر ذهبت عند أختها الأولى قصد الاحتماء بها، لم يقبلها زوجها، كررت المحاولة مع أختها الثانية ، لم تجد إلا الصدود وعدم الترحيب، في آخر المطاف ذهبت عند أخيها الذي كان يكتري بيتا مع أحد الأصدقاء، ظانة أنها ستجد الراحة والأمان ، فإذا بها تهدد بالاغتصاب.
ليتها كانت تعرف أنها تسير إلى الضياع مرة أخرى، فالشارع لن يكون أرحم بها من زوجة الأب، كلاهما جحيم لا يطاق.

بالله عليكم أين المفر أين الذهاب، حتى أبوها لم يعد يعرف أين هي بحجة أنها ستجلب له العا، أي عار وفلذة كبده تلوع بينما هو لا تهمه إلا زوجته وإنجاب أطفال منها.
لكن الله لا تغيب عينه عن كل مظلوم، عوضها عن أيام الحرمان وأنقذها من الضياع وهي الآن تعيش حياة طبيعية مستقرة.

ملاحظة : هذه قصة واقعية عاينت كل مراحلها.
أنتظر ردودكم ونقدكم لهذه المحاولة الثانية والتي أتمنى أن تكون ثالتة ورابعة و.....إلى ما لا نهاية وشكرا.

[رشيد الميموني]

العزيزة فتيحة ..
هي فعلا قصة مؤثرة وتعالج مشكلا اجتماعيا كثيرا ما يهدد حياة أبرياء صغار لا حول لهم ولا قوة في مجتمعات يغلب عليها قانون الغاب ..
بدأت قصتك بعنفوان وقوة .. وفي لحظة غلب عليها طابع المباشرة بحيث صرنا نلمح لإقحام الكاتبة نفسها بتلك الأسئلة المباشرة .. وهذا في رايي المتواضع ما يجعل القصة تسقط في خانة المقالات الاجتماعية التي تنبه لمثل هذه الأخطار ..
أسلوبك متميز وعناصر التأثير لا تفتقدها القصة .
متتبع لما تكتبينه أختي الغالية ..
مع كامل مودتي .

[فتيحة الدرابي]

العزيز الغالي رشيد الميموني: سعيدة بأول رد لهذه القصة المتواضعة وسعيدة جدا لتتبعك لكتاباتي وتشجيعي، وإني أشكرك كثيرا على النقطة التي أشرت إليها وهي : دخولي في الأول بقوة ثم إقحامي بأسئلة مباشرة الشيء الذي جعل القصة تسقط في خانة المقلات الاجتماعية . مرة أخرى سأنتبه لهذا الأمر، تحياتي القلبية وشكرا مرة ثانية .