قانون العودة الإسرائيلي (من مواد الموسوعة الفلسطينية – القسم الأول- المجلد الثالث):
أصدر الكيان الصهيوني في 5/7/1950 قانوناً سمّي " قانون العودة ", وأصبح ساري المفعول في اليوم التالي . وقد خضع هذا القانون لتعديلين لاحقين , أحدهما تمّ في آب 1954 , وثانيهما في آذار 1970 .
ينطلق قانون العودة من الافتراض الصهيوني المبدئي بأن التزام اليهودي بالعيش في (إسرائيل) يعلو على أي التزام آخر, وبأن كل يهودي ما يزال يعيش خارج فلسطين لم يحقق مثاليته بعد, وبأن الهجرة إلى (إسرائيل) ستقضي على التشتت , وتحقق وحدة الشعب اليهودي . لكل هذا, نص القانون على حق كل يهودي في الهجرة إلى (إسرائيل) مالم يكن وزير الداخلية مقتنعاً بأن طالب الهجرة يمارس نشاطاً موجهاً ضد اليهود , أو أنه يمكن ان يعرّض الأمن والصحة العامة للخطر .
وبموجب المادة الرابعة من قانون العودة يعتبر كل يهودي هاجر إلى فلسطين قبل نفاذه , وكل يهودي مولود فيها قبل نفاذه أو بعده شخصاً جاء إلى فلسطين بصفة مهاجر عائد . ورغم أن هذا القانون يعتبر قانون هجرة أكثر منه قانون جنسية , فإن اعتماد جوهره في قانون الجنسية الإسرائيلية جعل منهما كلاً متكاملاً.
وقد أشار بن غوريون إلى طبيعة قانون العودة إبّان عرضه على الكنيست , فقال إن هذا القانون يحدد الطابع والهدف الفريد " للدولة الصهيونية " , فهذه الدولة تختلف عن بقية دول العالم من حيث عناصر قيامها وأهدافها وسلطتها المحصورة في سكانها , ولكن أبوابها مفتوحة لكل يهودي حيث وجد .
في آذار 1970 أدخلت الكنيست تعديلاً جديداً على القانون عقب نشوب أزمة متكررة الحدوث حول تعريف " من هو اليهودي؟" وبيّن التعديل أنه هو " المولود لأم يهودية , أو المهتدي إلى الدين اليهودي وليس على دين آخر ". كما نصّ على أن تمنح الجنسية الإسرائيلية بصورة آلية " لجميع أفراد الأسرة المهاجرة" , وهذا يفتح الباب واسعاً أمام ازدواج الولاء والجنسية لليهودي العائد, ما دام القانون لا يشترط تنازل المهاجر عن جنسيته الأصلية . ويكفيه للأستفادة من قانون العودة , أن يعرب عن نيته الاستقرار في (إسرائيل).
تطبّق السلطات الحاكمة في فلسطين المحتلة هذا القانون بأسلوب صهيوني يغلّب العنصرية على الدين . وقد تجلى ذلك في التمييز ضد اليهود السود واليهود الشرقيين , إذ تغلّب العامل العنصري على العامل الديني . ولهذا فإن قانون العودة يصور الخلط الصهيوني بين الانتماء السياسي والانتماء الديني , كما يجسد إخفاق الصهيونية و (إسرائيل) في تحديد العلاقة بين (دولة إسرائيل) والأقليات اليهودية في العالم من جهة , وبين الديانة اليهودية ذاتها من جهة ثانية , وكذلك بين ما يسمى بالقومية اليهودية والدين اليهودي . ولا أدّل على هذه النقطة الأخيرة من أنه , رغم وجود قانون العودة منذ أكثر من ثلاثين سنة , لم يتجاوز عدد اليهود في (إسرائيل) بعدُ خُمس يهود العالم .