الصين عملاق يخفت صوته ليعلو أكثر !
منذ أن بدأ العملاق الصيني بإغراق السوق العالمية بالسلع زهيدة الثمن، شعرت بعض الدول الصناعية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بالخطر، لأن المسألة حساسة جدا وتتعلق بمستقبل اقتصاديات تلك الدول ، وصارت صرختها تعلو كلما علا صوت الصين وتقدم اقتصادها ثم يخفت كلما جنحت نحو الهدوء والسكينة فيحسب الغرب أنها قدمت تنازلات سرعان ما يتبن العكس ويكتشف نسبة النمو العالي لاقتصادها الكاسح ؛ فمنذ بداية التسعينات من القرن الماضي وبعد السقوط المريع للاتحاد السوفييتي تولت الولايات المتحدة التي أصبحت " تدير العالم " إدارة الصراع مع العملاق الأصفر مستغلة ما يسميه الغرب " انتهاك حقوق الإنسان والقمع " خاصة بعد أحداث ساحة تيانانمن بين 15 ابريل/ نيسان 1989و4 يونيو/ 1989 واتهام حكومة الصين بالقمع والفاشية وغير ذلك .. ثم تطورت الحملات لتكشف حقيقتها عندما أعلنت " أمريكا " عن نيتها فرض عقوبات اقتصادية على الصين إن لم تُنفذ عدة مطالب أمريكية تتعلق :
أولا : رفع الدعم الحكومي عن السلع والمنتجات الصينية.
ثانيا : دفع تعويضات للشركات الأمريكية بحجة " التعدي على حق الملكية الفكرية " على اعتبار
ان الشركات الصينية تقوم " بالقرصنة " وتفكيك أسرار برامج الحواسيب وجميع المنتجات المرئية
والمسموعة ونسخ أسطوانات الليزر والشرائط المسجلة " الكاسيت " وطائفة أخرى من النتاج " الفكري "
مثل الوصفات الكيميائية والزراعية والعلامات التجارية " كعلامة الكوكاكولا مثلا "وطباعة بعض الكتب !
ثالثا : أن تقوم حكومة الصين بمعاقبة الشركات الصينية وإقفال مصانعها ( كبادرة حسن نية ) وإلا سوف تقوم
الولايات المتحدة - حينها - بزيادة الضرائب على السلع الصينية بنسبة 100%100
ردت الصين بتهديد مضاد جميع السلع المستوردة خصوصا السجائر وأدوات التجميل والأقراص المدمجة
وغيرها ؛ وعلى مدى 30 عاما كانت الصين تنجح في تجاوز كل العقبات وتجيّر الحرب التجارية التي يشنها
الغرب ضدها إلى صالحها حتى بات الاقتصاد الصيني الرقم واحد في العالم وتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة
مطلع هذا العام 2015 ببعض المليارات ! ولكن وعلى مدى 30 عاما لم تُثمّر الصين قوتها الاقتصادية في مجال
السياسة الدولية إلا في بداية الأزمة السورية وموقفها في مجلس الأمن إلى جانب روسيا الرافض تمرير القرارات
الأمريكية بثوب أممي ضد الدولة السورية كما حدث في العراق وليبيا واليمن مؤخرا ؛ المتابع " الراصد "
للأزمة السورية والناظر إلى خارطة العالم سيكتشف أن الولايات المتحدة تخشى من مشروع صيني وضعت خططه
من عشر سنوات يتعلق بمدّ خط سكة حديد يبدأ من شمال غرب الصين وينتهي على سواحل سوريا على المتوسط ،
وإلى جانب " خط السكة " سيمر أنبوب للنفط وآخر للغاز إذا علمنا أن الساحل السوري قد اكتشف فيه كميات
من الغاز تفوق تلك التي في أبار قطر كما يقول الخبراء ؛ عندئذ قد لا يسأل المرء لماذا هذا الدعم الروسي
والصيني لدولة سوريا المركزية ورئيسها العتيد ! وعندئذ قد لا يسأل المرء السؤال الذي يؤرق الولايات المتحدة :
ماذا لو انتهت الأزمة السورية بانتصار الدولة على الدويلات وتم التشابك الإقليمي ما بين - ايران العراق وسوريا
ليصبح تشابكا دوليا يشمل روسيا والصين وربما باكستان ومدعوما من دول " البركس " ؟ هنا يبرز سؤال هام :
ما الذي باستطاعة الولايات المتحدة الأمريكية فعله أمام هذه القوة ؟
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|