-4-
من تكون حبيبة القلب يا زِنّار؟
لا بأس يا قبطان .. دَعك من أمر عشيقتي
لم تكن يوماً ما أجمل ممّا أنت عليه الآن
هذا لن يعفيك من المساءلة
المساءلة يا زِنّار؟ ومتى كنت أهرب من العدالة؟
عليك أن تشرح الكثير من الأمور
لن أتفوّه بكلمة واحدة قبل أن تخبرني عن عشيقة قلبك
من تلك التي كادت تودي بمركبنا الى الهلاك يا زِنّار؟
إنّها ملكة الجزر جُمانَة .. فاجأني طيفها قبل أيام
وما زلت أطلب ودّها .. لكنّ العاهرة اللعينة..
على مهلك يا زِنّار .. جُمانة ليست بالصيد السهل يا فتى
أنت تعرف من تكون أمّها .. أليس كذلك؟
وأنا أمير البحار يا قبطان .. أنا زِنّار
فؤادي قدّ من الزهر والاقحوان
هي ملكة الجزر وأمّها عِنّابة إلهة المحيطات!
لكنّها بعيدة، وهذا لا يخصّها يا قبطان
فضّلت الصمت وكان زِنّار قد هدأ كثيرا
مضى من الوقت يضع ساعات وما زال العملاق يسدّ
الطريق في وجه مركبي.
يبدو بأنّ الأمر يفوق إرادته حقّاً
وأخيراً نظرت الى عينيه الحزينتين وهمست
الى متى تقف في وجهي يا زِنّار
مركبك مليءٌ بالخطايا
من تقصد .. لا يوجد من هو معصوم عن الخطايا يا رجل
أنت ترافق قاتل
تقصد .. مروان؟
لا يمكنني التسامح مع هذا أبداً
هناك أوامر عليا وأنت تفهم قصدي
أشار زِنّار بيده التي شقّت السحاب الى الأعلى
زِنّار هناك قاضي على مركبي
هل تقبل بالمحاججة .. إنّه أفضل قاضٍ رأته عيني.
قاضي القضاة يا قبطان .. ليكن ذلك
أنا لا أخشى شيئاً .. ليكن النزال بيني وبين قاضيك الليلة.
حضر مروان برفقة قاضي القضاة وجلسا القرفساء
فوق المركب.
همست في أذن زِنّار، أخبرته بأنّه يحجب ضوء القمر
أخبرته بأنّه حجب أشعة الشمس أيضاً طِوالَ النهار!
لم يعجبه حديثي بالطبع، لكنّه عدّل جلسته ليبين القمر فوق مركبي
وبالطبع ترجرج المركب طويلاً بعد ذلك.
هل أنت راضي يا قبطان؟
نعم .. لنبدأ يا زِنّار.
نظر المارد الى مروان وقال بسخرية واضحة
"اعترف بذنبك يا فتى ولننهي هذه المهزلة"
نعم .. أنا مذنب، إذا كان هذا يُريحُك وشرطك لإطلاق سراح
المركب
بل هي الحقيقة يا مروان!
عندها صاح قاضي القضاة قائلاً:
السيّدات والسادة، عزيزي زِنّار، موكّلي مروان دفع الثمن
وعاقب والداً كاد يزهق روح أولاده .. رجل حعل حياة زوجته
جحيماً.
مروان يا سادة إنسان كادح بسيط، لم يتمكن من السيطرة على نفسه
زمجر زِنّار صائحا: وقتل .. قتل.
من خوّله بهذا العمل الفظيع
لقد تعدّى على حقوق الخالق
لن تمرّوا يا أجانب .. خطيئته تثقل الميزان في السماء
لقد بقي في السجن فترة ليست بالقصيرة يا زِنّار!
وماذا لو تاب الرجل وتوقّف عن مناكدة زوجته وضرب أولاده؟
ماذا لو عاد الى رشده وأصبح مواطناً صالحاً يا قاضي القضاة؟
طأطأ القاضي رأسه ولم يعرف بماذا يجيب
قدّمنا الطعام والشراب لمروان .. ودّعناه طويلاً
كان الرجل مرتاحاً وراضٍ عن مصيره هذا
كنت آخر من يعانقه
مدّ مروان يديه نحو زِنّار وقال بهدوء يُحْسَدُ عليه
"هيّا بنا يا زِنّار .. أنا جاهز"
وفي تلك اللحظة مدّ العملاق اصبعه نحو المركب
لم يتردّد مروان لحظة بارتقاء طرف اصبعه
كان زِنّار حذراً حين رفعه الى الأعلى
وضع مروان في جيب عند طرف لفافة كبيرة تكوّمت
أعلى ظهره.
لم يكن بإمكاننا رؤية مروان
لكنّه كان سعيداً بتلك النهاية
ارتفع زِنّار فوق المياه مخلّفاً وراءه زوبعة مائية
دار المركب على نفسه، لكنّه سرعان ما هدأ
عادت الحياة الى رتابتها .. ولم يجرؤ أحد أن يسأل
عن مصير مروان
لم يجرؤ أحد السؤال عن مصير مروان