[حسن الحاجبي]

الخاطرة الرابعة والعشرون
كفى بخشية الله علما

يقول الله تعالى :"إنما يخشى الله من عباده العلماء". هذه الآية الكريمة تدل على أن من خشي الله وأطاعه وامتثل أوامره واجتنب نواهيه,فهوعالم لأنه لا يخشاه إلا عالم,وعلى نفي الخشية عن غير العلماء ونفي العلم عن غير أولي الخشية أيضا,وأن من لم يخش الله فليس بعالم ,وبذلك فسرها السلف لأن " إنما " أداة حصر في اللغة العربية.
...يشهد لذلك قوله تعالى :"أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه,قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".
قيل للشعبي : ياعالم,قال: إنما العالم من يخشى الله. وقال ابن مسعود :كفى بخشية الله علما وكفى بالإغترار بالله جهلا. ويقول الحافظ بن حجر : ومما يبين أن العلم يوجب الخشية وعدم ذلك يستلزم فقد الخشية وجوه أهمها:
...أن العلم بالله تعالى وما له من الأسماء والصفات والعظمة والجبروت والعزة وغير ذلك يستوجب خشيته وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية.
... أن تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه,وتصور حقيقة المحبوب يوجب طلبه,فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب ذاك دل على أن تصوره لذلك ليس تاما.
...أن كل من علم علما تاما جازما بأن فعل شيء يضره ضررا راجحا ولم يفعله ,فإن هذا خاصة العاقل ,فإن نفسه تنصرف عما يعلم رجحان ضرره بطبعه.إذ الفاعل للذنب لوجزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله.
فاللهم لا مهرب منك إلا إليك ,بك نلوذ وإليك نسعى فاقبل أوبتنا إليك.