التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,861
عدد  مرات الظهور : 162,366,236

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج.
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 21 / 09 / 2022, 28 : 10 PM   رقم المشاركة : [1]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

وأنت بعيدة.. لمن سأغني؟!

قدمت بهدوء، وأخذت مكانها بجانبه، كان غارقا، كأنه جماد لا يميل إلى مكان، غارقا بعينيه في أعماق المحيط الأطلسي، وهو يعتلي صخرة تراقصها الأمواج الساكنة ، ودون أية حركة صار مبتسما، وقد وصلته رائحتها، أحس وجودها ، أحس قربها وهي تدنو منه، لكن ؛ بعقله رفض لهذا الشعور..
كيف يعقل أن تغيب عنه ياسمين أسبوعا كاملا؟ لا تتصل ولا ترد على رسائله. منذ غادرت البيت وهو لا يستطيع أن ينال خبرا عنها، تراها تأتي إلى هنا الآن؟ هذا المكان يحمل جل ذكرياتهما معا، وذكريات الصغير معاذ أيضا، هل تستطيع أن تغيب عن هذا المكان الذي اعتادا زيارته معا كل صباح خميس إلا إن منعتهما ظروف يعرفانها هما معا، فيقدمان للصخرة والبحر اعتذارات الغياب، أم تراها جاءت في وقت آخر، واعتذرت ، أو ودعت؟
هنا اعتادا أن يرميا همومهما فيلتقطها البحر ويحولها لسعادات.
عقله لا يستوعب كل ما يجول والرائحة التي تداعب أنفه أدمعت عينه اليمنى شوقا وحنينا، ولو كان مال قليلا برأسه، أو بعينيه لكان انتبه إليها وهي تتأمل المحيط في قسمات وجهه... همس بعد برهة، قطع صمته ، كأن ما بداخله ثار، فلم يعد قادرا على ذلك الحوار الداخلي في ضجيج خانق صامت:
_ أ حقا كما ترحل شمس هذا المساء ... ترى ترحلين؟
أحس بالمويجات بدأت تعلو ويقبل رذاذها خديه أو عينيه، ثم أضاف:
- يموت انشراحي .... تنوح جراحي.... سأرشف دمعي ... سأعصر قلبي...
وما إن توقف عند " قلبي" حتى غنى صوتها في مسمعه:
- فهل يرحل الطيب من ورده؟ وهل يهرب الغصن من ظله؟
التفت، فرآها، بدا غير مصدق عينيه وإن كان قلبه يرتجف، وحين أطلقت ضحكتها العالية قفز إلى فمها كعادته ليسده بيمينه، حينها تأكد أنه يعيش واقعا لا خيالا وأنها معه، إنها ضحكتها التي يحب سماعها، وهو يقول لها:
_ اخفضي صوتك سيسمع العالم ضحكتك، ولا أريد أن يحب هذه الضحكة أحد غيري ...
أراد أن يعاتبها على غيابها، تردد، فقد أدرك أن ما قام به هذه المرة تجاهها لا يغتفر، وأنه فعلا أساء إليها ، لكنها أطالت الغياب، ثم فكر أن يحدثها كأن شيئا لم يكن، كأنه فقط سبقها اليوم إلى هذا المكان لظرف ما:
- أين معاذ؟
- ( بغضب) معاذ؟! تسألني عن معاذ ؟ وأنا؟ أ لم أعد أهمك؟ بعد كل ما فعلت، آتي إلى هنا الآن لتسألني عن معاذ؟ هو في أمان ؛ شكرا لك سيدي على هذا السؤال، إلى اللقاء.
احتار، كيف سيكون رده، وماذا عليه أن يفعل:
- أنا فقط؛ حاولت ألا نتحدث في ذلك الماضي الذي جرحنا معا..
- بل جرحني أنا، كاد يقتلني أنا، لتمنحني الطعنة الأخيرة الآن، ثم يا سيدي أنا ما أتيت إلى هنا لأجلك، عذرا، ربما علي أن أغير المكان ..
أدرك حسن أن ثورتها لم تهدأ بعد، وربما لم تبدأ بعد، عرف أنه أخطأ حين لم يقدم لها الاعتذار أولا ، رغم كل رسائل الاعتذار التي لم ترد عليها، كان عليه أن يعتذر هنا مباشرة أمام دفء عينيها، همت هي بالوقوف، وهيجانها أقوى من موج البحر، حتى الدمع فاض سريعا .. وقفا معا، حاولت الابتعاد عن المكان، لكن كيف يسمح لها أن تغادره مرة أخرى، وهو سبب ما تعيشه الآن من أزمة؟! لم يقو على تحمل فراقها مجددا، ضمها إليه معتذرا، حاول أن يبين لها فكرته في تجنب الحديث عن الآلام، وأن معاذ هو بريق الأمل الذي يمكن أن يلفهما للأبد، زاد غضبها، فمعاذ ابنهما الذي اختارا تربيته بعد تبنيه إثر وفاة والديه بحادث سيارة ، نجا هو رضيعا، وقد وضعته أمه بين قدميها خوفا عليه من هول الفاجعة القادمة، فودعت حياتها وهي تحمي حياة ابنها ، هو ابنهما الذي طالما حلما وخططا لمستقبله، تراها تخلت عنه بعد ما وقع بينهما ؟ لا يمكن أن تفعل ياسمين هذا ، فهي أمه التي تكاد تجن إن رأت دمعته، أو ألمه، لم يستطع أن يبوح لها بتساؤلاته، بعد ردة فعلها تلك، وفكر أن يسألها عن سبب غيابها الطويل، فردت عليه:
- كنت أستمع للحياني وهو يغني " راحلة"
- وأنت قريبة أحن إليك
- لا أظن
- وأظمأ للعطر .. للشمس في شفتيك
- محال
- وحين تغيبين يغرق قلبي في دمعاتي
- قلبك ما زال ينبض في مكانه
- ويرحل صبحي .. تضيع حياتي
- لم أكن أعرف أنك قبل قليل كنت تعيش لحظة ليلية ، وحين أتيت صارت الساعة التاسعة والنصف صباحا
- ألا تصدقين أنك صباحي وإشراقتي وشمسي ونهاري؟
- امممم؛ يبدو ذلك واضحا وضوح الشمس في يوم مشرق جميل
- جميل بحضورك
- وبحضور معاذ أيضا، معاذ خلفك، لكن عينيك يا مسكين لم تعد ترى بهما جيدا، يبدو أن الشيخوخة قد بدأت تثمر فيك
- بل من فرط دمعاتي وأنا أفتقدك
- اممممم
همس في أذنها:
- وأنا ، أ ليس الصبح جميلا بحضوري؟
- ربما ... اسأل معاذ
أمسك يمينها بقوة كمن يخشى أن يسقط من يده شيء ثمين واتجها معا صوب معاذ الذي ظل ينتظرهما معا وهو يراقب شغبهما وقد اعتلى صخرة أخرى تبعد عنهما أميالا.







نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21 / 09 / 2022, 05 : 11 PM   رقم المشاركة : [2]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: وأنت بعيدة.. لمن سأغني؟!

رائقة بتسلسل أحداثها وتناصها مع الأغنية الخالدة "راحلة" للمرحوم محمد الحياني، نص ممتع يشي بقلم يصعد سلم الإبداع.
شكرا على الإمتاع
ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21 / 09 / 2022, 40 : 11 PM   رقم المشاركة : [3]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: وأنت بعيدة.. لمن سأغني؟!

أستطعت خولة أن تجعلي من كل حرف نغمة تتهادى وكأننا نشاهد شريطا غنائيا عاطفيا .
لا شك أن من سينتهي من قراءة قصتك ستمتد يده لا إراديا ويشغل أغنية "راحلة"
استمتعت بسرد عاطفي هادئ رغم ما تخلله من فورات الغضب والاستياء .
دام إبداعك متألقا .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 09 / 2022, 18 : 01 AM   رقم المشاركة : [4]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: وأنت بعيدة.. لمن سأغني؟!

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى مرجان
رائقة بتسلسل أحداثها وتناصها مع الأغنية الخالدة "راحلة" للمرحوم محمد الحياني، نص ممتع يشي بقلم يصعد سلم الإبداع.
شكرا على الإمتاع

يسعدني رأيك الجميل هذا يا ليلى ..
شكرا لك
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 09 / 2022, 19 : 01 AM   رقم المشاركة : [5]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: وأنت بعيدة.. لمن سأغني؟!

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
استطعت خولة أن تجعلي من كل حرف نغمة تتهادى وكأننا نشاهد شريطا غنائيا عاطفيا .
لا شك أن من سينتهي من قراءة قصتك ستمتد يده لا إراديا ويشغل أغنية "راحلة"
استمتعت بسرد عاطفي هادئ رغم ما تخلله من فورات الغضب والاستياء .
دام إبداعك متألقا .

ودام حضورك جميلا .. شكرا لك
سعدت بكلماتك أيها الأديب
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26 / 09 / 2022, 21 : 04 AM   رقم المشاركة : [6]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: وأنت بعيدة.. لمن سأغني؟!

قصة رقيقة ، تلمس القلب ، وتداعب ابتسامات الأماني ، فليت الناس بكل هذه البساطة والسلاسة
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26 / 09 / 2022, 39 : 01 PM   رقم المشاركة : [7]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: وأنت بعيدة.. لمن سأغني؟!

مرورك أحبه دائما عزة .. شكرا لك
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بعيدة.., سأغني؟!, وأمة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أنا وأنت ..غزة وسام أحمد الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 11 20 / 01 / 2013 26 : 02 PM
غريب في مدينة بعيدة --محمود درويش نصيرة تختوخ محمود درويش 0 02 / 05 / 2012 29 : 11 PM
قصيدة "بعيدة المنال" (+ إلقائي لها) محمد حمدي غانم الشعر العمودي 4 16 / 12 / 2011 35 : 04 PM
البومة في غرفة بعيدة.. ((قصة قصيرة للأديب الشهيد غسان كنفاني)) عبدالله الخطيب غسان كنفاني 9 08 / 07 / 2010 23 : 04 AM
تعددت الأسباب.. ابراهيم عوض الله الفقيه الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 3 07 / 06 / 2009 29 : 08 AM


الساعة الآن 32 : 12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|