- 1 –
مائدة لا تنتهي
كلّ ما تشتهي النفوس يا ربّي
العسل والعصائر والمنشّطات الحيوية
جُمانة شبقة للغاية امتصّتني كما لم تفعل امرأة من قبل
ولم أكن أملك القدرة على مقاومتها
كان الطعام غزيراً والمقبّلات لا تنتهي
ونادراً ما كانت تحادثني
كان يهمّها إرضاء شهواتها
امتنعت يوماً عن الطعام
أوهمتها بأنّني تناولت العصائر
وكنت قد سكبتها في حوض قريب للزهور
تفاجأت حين صرخ الورد الجوري منفعلاً قائلاً:
سيّدتي جُمانة .. إنّه مخادع .. إنّه مخادع
لماذا فعلتها يا جوري؟
جرّني خادمها المطيع الى ساحة قصرها
بهرتني الشمس وحضرت تحمل في يدها سوطاً
أتخدعني بعد كلّ الذي قدمته لك يا قبطان؟
لماذا؟
أترين أشعة الشمس يا جيهان؟
من أجل حرّيتي هذه سأخدعك دائماً
أنا لست الأحمق زِنّار
ضربتني بشدّة وبحنق
شعرت بأنّ أضلاعي تتحطّم
لكنّني لم أصرخ .. لم أبكِ
وكنت أردّد "أريد حرّيتي"
وكيف لجيهان أن تدرك أبعاد معاناتي
كلّ الرجال كانوا يشتهون الحصول على شيءٍ من هذا
النعيم.
امرأة شبقة لا ترتوي
ونهر من العسل وألبان وفاكهة وعصائر
كم مضى عليّ من الوقت في تلك الجزيرة
لا .. لا يمكنني تحديد اليوم والسنة
آه يا مركبي!
كنت قد قررت الانتحار
ويبدو بأنّ جُمانة قد قرأت أفكاري
قالت باكية: هل أنا كريهة الى هذا الحدّ؟
بل هي الرغبة بالنفاذ الى رحم الحقيقة
دعيني أنصرف يا جُمانة
أنا لست في مقامك يا أميرة
انا لست في مقامك.
-2-
هجرتني جُمانة برهة من الزمن
كانت قد اقتنصت رجلاً آخر
وأخذت تمتصّ رحيقه يوماً بعد يوم
كان الرجل مستهتراً ولم يكن يتناول تلك الأعاصير
لم يمضِ شهر على حضوره حتّى فارق الحياة
كان قد خسر نصف وزنه
وألقوا بجثّته الى الأسماك التي لا تهدأ ولا تشبع
إذن هذا مصير الرجال الذين يفقدون رجولتهم
لماذا لم تتخلّص منّي جُمانة يا تُرى؟
ومن قال بأنّي لن أفعل؟
أنا لا أخشاك .. أنا لا أخشاك
شوقي لمركبي غير منقطع
أكاد أتمزّق لهفة
أصبت بحالة من الكآبة القاتلة
وأصبحت حقيقة ثقيل الظلّ في تلك الجزيرة
كنت أتحدّى .. أحاول أن أضع جُمانة تحت الأمر الواقع
لكنّها كانت تمتلك الوقت كلّه
كانت تتحكّم بعامل الزمن
وكنت أنا كالعصفور المبلّل بمياه المطر
أنتظر معجزة .. أنتظر الخلاص من عالم
الحكايا
كنت كالمفجوع .. وكانت هي لا تتوقّف عن الضحك
كيف لي أن قهر إرادتها
وفي تلك الأثناء كان الجنرال يعدّ العدّة
صاح الجنرال: لن أتخلّى عن القبطان
أنا ذاهبٌ لتحطيم الجزيرة
هذه ليست معركتنا – صاح البعض
هذه ليست معركتنا
قفز مجموعة كبيرة من الرجال الى الرمل
وما أن لامست أقدامهم السطح حتّى غاصوا
في مياه البحر
كان الرمل مجرّد خدعة بصريّة
وأخذوا يسبحون عائدين الى المركب
رأيت كلّ هذا وبإذنٍ من جُمانة
كانت في البداية تضحك
لكنّها غضبت بعد ذلك وصاحت:
إنّهم يحبّونك ويحترمونك يا قبطان
ربّما يحبّون انفسهم أيضاً
ألا يعرفون بأنّهم غير قادرين حتّى من
الاقتراب الى الجزيرة؟
لماذا كلّ هذه الأسئلة يا جُمانة؟
تستطيعين الخلاص منهم في أيّ لحظة تشاءين