21 / 05 / 2008, 55 : 04 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات
|
عروة بن الزبير ايمان وصبر وعلم و قناعة
عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي, أبوه الزبير بن العوام أحد العشرة المبشرين بالجنة وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، المُلقبة بذات النطاقين، وخالته عائشة أم المؤمنين، وجدته لأبيه عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وجده لأمه أبو بكر الصديق .
يحكى أنه اجتمع وأخوه عبد الله ابن الزبير وأخوهما مصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فما لبث أحدهم أن قال: لِيَتَمَنَّ كلّ منَّا ما يحبّ، فانْطلقَت أخيِلَتُهم ترحّل في عالم الغيب الرَّحل، ومضَتْ أحلامهم تطوف في رياض الأماني الخضر، ثمَّ قال عبد الله بن الزبير: أمنيَّتي أن أملِكَ الحجاز، وأن أنال الخلافة، وقال أخوه مصعب: أما أنا فأتمنَّى أن أملِك العراقَيْن، وألاّ يُنازعني فيهما منازع، وقال عبد الملك بن مروان: إذا كنتما تقْنعان بذلك، فأنا لا أقْنعُ إلا أنْ أملكَ الأرض كلّه! وأن أنال الخلافة بعد معاوية بن أبي سفيان، مَنْ بقيَ؟ عروَة بن الزّبير، وسكت عروة بن الزبير، فلم يقل شيئًا، فالْتفتوا إليه، وقالو: وأنت ماذا تتمنّى يا عروة؟ قال: بارك الله لكم فيما تمنَّيْتم من أمر دنياكم،أما أنا فأتمنَّى أن أكون عالمًا عاملاً يأخذوا الناس عنِّي كتاب ربّهم وسنَّة نبيِّهم وأحكام دينهم، وأن أفوز في الآخرة بِرِضا الله عز وجل، وأن أحظى بِجَنّته. ويذكر عنه أنه أول من كتب السيرة، إذ جمعها في كتاب أسماه ( مغازي الرسول..).
وقد تحققت أمنيته هذه فقد كان من رواة الحديث الموثوق بهم ومن العلماء الأجلاء فقد قال عنه عمر ابن عبد العزيز:"ما أحد أعلم من عروة بن الزيير وما أعلمه يعلم شيئاً أجهله"
وقال عنه الزهري:" رأيت عروة بحراً لا تكدره الدلاء".
مما روي في صبره وجلده وإيمانه بالله ان الخليفة الوليد بن عبدالملك طلبه لزيارته في دمشق مقر الخلافة الأموية , فتجهز عروة للسفر من المدينة النبوية إلى دمشق واستعان بالله وأخذ أحد أولاده معه ( وقد كان أحب ابناؤه السبعة إليه ) وتوجه إلى الشام , فأصيب في الطريق بمرض في رجله أخذ يشتد ويشتد حتى أنه دخل دمشق محمولاً لم يعد لديه قدرة على المشي . انزعج الخلفية حينما رأي ضيفه يدخل عليه دمشق بهذه الصورة فجمع له أمهر الأطباء لمعالجته , فاجتمع الأطباء وقرروا أن به الآكلة ( ما تسمى في عصرنا هذا الغرغرينا ) وليس هناك من علاج إلا بتر رجله من الساق , فلم يعجب الخليفة هذا العلاج, ولسان حاله يقول (كيف يخرج ضيفي من بيت أهله بصحة وعافية ويأتي إلي أبتر رجله وأعيده إلى أهله أعرجاً ) ولكن الأطباء أكدوا أنه لا علاج له إلا هذا وإلا سرت إلى ركبته حتى تقتله , فأخبر الخليفةُ عروةَ بقرار الأطباء , فلم يزد على أن قال ( اللهم لك الحمد ) . اجتمع الأطباء على عروة وقالوا : اشرب المرقد . فلم يفعل وكره أن يفقد عضواً من جسمه دون أن يشعر به . قالوا : فاشرب كاساً من الخمر حتى تفقد شعورك . فأبى مستنكراً ذلك , وقال : كيف أشربها وقد حرمها الله في كتابه . قالوا : فكيف نفعل بك إذاً ؟!؟! قال : دعوني أصلي فإذا أنا قمت للصلاة فشأنكم وما تريدون !! ( وقد كان رحمه الله إذا قام يصلي سهى عن كل ما حوله وتعلق قلبه بالله تعالى ) . فقام يصلي وتركوه حتى سجد فكشفوا عن ساقه وأعملوا مباضعهم في اللحم حتى وصلوا العظم فأخذوا المنشار وأعملوه في العظم حتى بتروا ساقه وفصلوها عن جسده وهو ساجد لم يحرك ساكناً , وكان نزيف الدم غزيراً فأحضروا الزيت المغلي وسكبوه على ساقه ليقف نزيف الدم , فلم يحتمل حرارة الزيت , فأغمي عليه . في هذه الأثناء أتى الخبر من خارج القصر أن ابن عروة بن الزبير كان يتفرج على خيول الخليفة , وقد رفسه أحد الخيول فقضى عليه وصعدت روحه إلى بارئها !!! فاغتم الخليفة كثيراً من هذه الأحداث المتتابعة على ضيفه , واحتار كيف يوصل له الخبر المؤلم عن انتهاء بتر ساقه , ثم كيف يوصل له خبر موت أحب أبنائه إليه . ترك الخلفية عروة بن الزبير حتى أفاق , فاقترب إليه وقال : أحسن الله عزاءك في رجلك . فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون . قال الخليفة : وأحسن الله عزاءك في ابنك . فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون , أعطاني سبعة وأخذ واحداً , وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً , إن ابتلى فطالما عافا , وإن أخذ فطالما أعطى , وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة . ثم قدموا له طستاً فيه ساقه وقدمه المبتورة قال : إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم . بدأ عروة رحمه الله يعود نفسه على السير متوكئاً على عصى , فدخل ذات مرة مجلس الخليفة , فوجد في مجلس الخليفة شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه أعمى البصر , فقال الخليفة : يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته . قال عروة : ما قصتك يا شيخ ؟ قال الشيخ : يا عروة اعلم أني بت ذات ليلة في وادٍ , وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً وحلالاً وعيالاً , فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي , وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفل صغير وبعير واحد , فهرب البعير فأردت اللحاق به , فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه , فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي , فهشم وجهي وأعمى بصري !!! . قال عروة : وما تقول يا شيخ بعد هذا ؟ فقال الشيخ : أقول الله لك الحمد ترك لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|