التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,866
عدد  مرات الظهور : 162,386,376

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > جداول وينابيع > الخاطـرة
الخاطـرة فيض الخاطر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 17 / 06 / 2020, 12 : 02 PM   رقم المشاركة : [1]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رحلة العمر (1)

لحد الآن لا زلت أتساءل :" هل يمكن للإنسان أن يعيش طفولته ويعود إلى أحضان الصبا في مدة زمنية قصيرة ؟ " أقول هذا وأنا لا زلت تحت تأثير رحلة كثيرا ما هممت بالقيام بها ثم لا أدري كيف كنت أعرض عنها لأظل أيام أتحسر على إفلات الفرصة بعد أن تكون الإجازة قد انتهت .
يومان كانا كافيين لأن أعيش لحظات كنت أختطفها في الخيال لأعيشها بين السطور .. أو في الأحلام .. في لحظة لا وعي ، وجدت نفسي أمتطي سيارة أجرة لأصل عند المغرب إلى هناك .
كل شيء كان يوحي بالجمال .. الأمطار الغزيرة جعلت الأرض تهتز وتربو .. لكن شيئا ما كان يجد صدى له في نفسي .. كنت أحس و أنا أصعد التلال إلى حيث أحد أقربائي بأن هناك في الأسفل .. ينبعث صوت ، بل أصوات ونداءات تلاحقني .. و حين كنت أتوقف قليلا لألتفت ورائي نحو النهر ، كنت أحس بأن كل شيء يهتز ويومئ إلي .. "الدار اللي هناك" التي لم يتبق منها إلا الأطلال .. المدرسة .. النهر .. الشط ( هكذا كنا نسمي الشلال ) .
في تلك الليلة ولحسن حظي ، ظلت أنوار القرية مطفأة لعطب ما .. فكانت فرصة لأعيش نفس الزمان ونفس المكان اللذين عشتهما هنا ..
بعد العشاء ،قام قريبي إلى المنبع ليسقي الماء فنهضت لتوي أتبعه وهو يرمقني باستغراب .. كان البرد قارسا في الخارج .. لكنه لم يمنعني من الخروج .. دلفنا إلى المنبع .. والظلام دامس .. خرير الماء يصم الآذان .. سرت في نفسي فشعريرة .. وأوغلت بين الأشجار الكثيفة أنط من صخرة إلى صخرة .. كل شيء حولي يصرخ ، ينادي ، يتوسل أن أبقى كل صخرة .. كل شجرة .. كل زاوية من المنبع كان يرجوني البقاء و يذكرني به .. ثم عدنا إلى الداخل لتناول العشاء .
بزغ القمر بعد لحظات ، فاستأذنت قريبي وخرجت وحيدا .. اتجهت من جديد إلى المنبع .. كان نسيم رخاء بارد يهب من الشرق .. وكان تمايل بعض الأغصان رقصا .. وخرير المياه عزفا .. وقفت أتملى بهذه التحفة الطبيعية التي لم أعشها منذ مدة طويلة ثم عدت أدراجي ناويا على استكمال الرحلة في الغد .. أوصاني قريبي بأن أوقظه باكرا حتى يصحبني .. لكنني كنت أعلم بأنه يعمل أياما ويرتاح أخرى ، فلم أشأ إزعاجه ..
شيء آخر جعلني أعزف عن إيقاظه . ولم أشعر به إلا وأنا على مشارف الشط وقبالة الدار .. وعلى ضفة النهر.. كان الشط هناك مبستما – أي و الله – وكأنه كان يريد أن يظهر لي جبروته و قوته ، فبدت لي مياهه المنحدرة إلى أسفل ضاربة في العنف و القوة .. وغضت الدار طرفها فلم أدر هل هو هو حياء أم عتاب .. لكنني شعرت بالرضا من جانبها لكوني جئت وحيدا ، حتى يمكننا البوح والمكاشفة بعيدا عن الأعين .. قرميدها تلألأ وكأنه يحييني .. بل وكان صوت الريح التي صارت قوية ذاك الصباح يحمل إلي صوته .. رجعت بي الذكرى إلى قصة "الشيء الصغير" للكاتب الفرنسي ألفونص ضوضي ، وهو يطلب من بستانه أن يناوله وردة من ووروده ، مودعا إياه بعد أن بيع المعمل و الحديقة .. لكن حديثي ومناجاتي مع الأشياء المحيطة بين كانت لها نكهة خاصة .. كنت ألتحم مع أشيائي وأنصهر وإياها .. الدار تفتح ذراعيها لتستقبلني .. والشط يرغي ويزبد نشوة وطربا .. والنهر يدعوني للجلوس على ضفته .. هنا أدركت لماذا كان غياب قريبي ضروريا .. لم أشعر إلا وأنا أركض بين الشط والدار و أعلى النهر.. كما كنت أفعل في الصبا وأمر بمحاذاة مدرستي .. تلاحقني ضحكات الأماكن في صفاء و براءة ..ثم انطلق صوب طريق آخر لي معه حكاية طريفة .. هل أذكرها ؟ .. طيب ..
ذاك الطريق يمتد إلى حيث بتفرع عنه طريق آخر .. طريق منحدر و آخر مرتفع .. هنا كانت لإحدى مسرحيات فيروز أثرا بالغا في لهفتي للمشي على هذا الطريق .. في أحد فصول المسرحية تقول كلمات الأغنية :
يا حراس .. فيه مفرق طريق بين ثلاث طرقات
الطريق اللي نازل .. نازل
الطريق اللي عالسهل . عالسهل
والطريق اللي طالع ..
بيودي على درج اللوز
يتمشو شوي .. و تمشو شوي
وترجعو تمشو تمشو شوي
هالبيت العتيق عاجنب الطريق
هو خمارة جورية
و عم يسكر فيها بيي
جيبو جورية وجيبو بيي.

كم كان ترنمي بهذه التحفة يشعرني بمتعة ما بعدها متعة وأنا أصعد الطريق الموغل في الغابة .. السكون مطبق على المكان إلا من ثغاء أو خوار أو نباح .. وأجلس عند جذع شجرة لأحس بأغصانها تنحني لتضمني إليه في حنو و حدب .
كم يلزمني من الوقت و الصفحات لأذكر كل لحظة عشتها هناك .. لكن الأكيد أن لحظة الانصراف ... كانت مؤثرة .. نفسي تدعوني للبقاء مدة اطول .. الأشياء من حولي تناشدني عدم الرحيل .. لكن ، ما خفف علينا ، أنا وأشيائي العزيزة ، وطأة الفراق هو نيتي الصادقة في العودة من جديد لأرتمي بين أحضانها . لن أذكر كيف انصرفت .. لأنني لا زلت هناك قلبا وعقلا و روحا .

أدعوكم للاستماع للمقطع الغنائي
https://www.youtube.com/watch?v=9SKrHtHSqQE

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17 / 06 / 2020, 46 : 04 PM   رقم المشاركة : [2]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رحلة العمر (1)

جميل هذا الحكي، ورائعة ذكرياتك، وحب هو حبك للمكان والزمان..
كم من الذكريات تبهجنا، وتنسينا الألم.. نمرح بذكراها ونشتاق لمعانقتها، ونحييها شوقا وحبا...
وكلما كانت الذكريات من أيام الصبا مقتطفة كلما زادت متعتها والفرح بها حتى إنها تنسينا الحاضر أحيانا..
فعلا أشياؤنا سيدي بقدر ما نحبها تحبنا.. وبقدر ما نحفظها تحفظ هي ذاكرتنا..
دمت متألقا
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18 / 06 / 2020, 16 : 01 AM   رقم المشاركة : [3]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رحلة العمر (1)

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
جميل هذا الحكي، ورائعة ذكرياتك، وحب هو حبك للمكان والزمان..
كم من الذكريات تبهجنا، وتنسينا الألم.. نمرح بذكراها ونشتاق لمعانقتها، ونحييها شوقا وحبا...
وكلما كانت الذكريات من أيا الصبا مقتطفة كلما زادت متعتها والفرح بها حتى إنها تنسينا الحاضر أحيانا..
فعلا أشياؤنا سيدي بقدر ما نحبها تحبنا.. وبقدر ما نحفظها تحفظ هي ذاكرتنا..
دمت متألقا

شكرا خولة
أرجو أن تكون هذه الرحلة قد أعطتك نظرة واضحة عن علاقتي مع عشي وأشيائي .
دمت بود
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18 / 06 / 2020, 45 : 04 PM   رقم المشاركة : [4]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رحلة العمر (1)

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
شكرا خولة
أرجو أن تكون هذه الرحلة قد أعطتك نظرة واضحة عن علاقتي مع عشي وأشيائي .
دمت بود

فعلا لمحت ذلك الحب الذي يجعلنا حقيقة نحس بالجماد حيا.. وهذا ما أحسه تجاه أشيائي الخاصة.. أشعر أنها تحبني وتخاف علي مثلما أحبها وأخاف عليها وأحيانا قد تحس بإنسان ما أجمد من ذلك الجماد الذي تهواه ويهواك، وتعيش معه وفيه لحظات لا تعيشها وأنت مع إنسان ما... ( إنسان جماد)
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 06 / 2020, 47 : 12 PM   رقم المشاركة : [5]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رحلة العمر (1)

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
فعلا لمحت ذلك الحب الذي يجعلنا حقيقة نحس بالجماد حيا.. وهذا ما أحسه تجاه أشيائي الخاصة.. أشعر أنها تحبني وتخاف علي مثلما أحبها وأخاف عليها وأحيانا قد تحس بإنسان ما أجمد من ذلك الجماد الذي تهواه ويهواك، وتعيش معه وفيه لحظات لا تعيشها وأنت مع إنسان ما... ( إنسان جماد)

زاد شوقي إلى أشيائي وانا استعد لرحلة عمر جديدة إليها .
شكرا مجددا خولة
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 06 / 2020, 14 : 06 PM   رقم المشاركة : [6]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: رحلة العمر (1)

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
لحد الآن لا زلت أتساءل :" هل يمكن للإنسان أن يعيش طفولته ويعود إلى أحضان الصبا في مدة زمنية قصيرة ؟ " أقول هذا وأنا لا زلت تحت تأثير رحلة كثيرا ما هممت بالقيام بها ثم لا أدري كيف كنت أعرض عنها لأظل أيام أتحسر على إفلات الفرصة بعد أن تكون الإجازة قد انتهت .
يومان كانا كافيين لأن أعيش لحظات كنت أختطفها في الخيال لأعيشها بين السطور .. أو في الأحلام .. في لحظة لا وعي ، وجدت نفسي أمتطي سيارة أجرة لأصل عند المغرب إلى هناك .
كل شيء كان يوحي بالجمال .. الأمطار الغزيرة جعلت الأرض تهتز وتربو .. لكن شيئا ما كان يجد صدى له في نفسي .. كنت أحس و أنا أصعد التلال إلى حيث أحد أقربائي بأن هناك في الأسفل .. ينبعث صوت ، بل أصوات ونداءات تلاحقني .. و حين كنت أتوقف قليلا لألتفت ورائي نحو النهر ، كنت أحس بأن كل شيء يهتز ويومئ إلي .. "الدار اللي هناك" التي لم يتبق منها إلا الأطلال .. المدرسة .. النهر .. الشط ( هكذا كنا نسمي الشلال ) .
في تلك الليلة ولحسن حظي ، ظلت أنوار القرية مطفأة لعطب ما .. فكانت فرصة لأعيش نفس الزمان ونفس المكان اللذين عشتهما هنا ..
بعد العشاء ،قام قريبي إلى المنبع ليسقي الماء فنهضت لتوي أتبعه وهو يرمقني باستغراب .. كان البرد قارسا في الخارج .. لكنه لم يمنعني من الخروج .. دلفنا إلى المنبع .. والظلام دامس .. خرير الماء يصم الآذان .. سرت في نفسي فشعريرة .. وأوغلت بين الأشجار الكثيفة أنط من صخرة إلى صخرة .. كل شيء حولي يصرخ ، ينادي ، يتوسل أن أبقى كل صخرة .. كل شجرة .. كل زاوية من المنبع كان يرجوني البقاء و يذكرني به .. ثم عدنا إلى الداخل لتناول العشاء .
بزغ القمر بعد لحظات ، فاستأذنت قريبي وخرجت وحيدا .. اتجهت من جديد إلى المنبع .. كان نسيم رخاء بارد يهب من الشرق .. وكان تمايل بعض الأغصان رقصا .. وخرير المياه عزفا .. وقفت أتملى بهذه التحفة الطبيعية التي لم أعشها منذ مدة طويلة ثم عدت أدراجي ناويا على استكمال الرحلة في الغد .. أوصاني قريبي بأن أوقظه باكرا حتى يصحبني .. لكنني كنت أعلم بأنه يعمل أياما ويرتاح أخرى ، فلم أشأ إزعاجه ..
شيء آخر جعلني أعزف عن إيقاظه . ولم أشعر به إلا وأنا على مشارف الشط وقبالة الدار .. وعلى ضفة النهر.. كان الشط هناك مبستما – أي و الله – وكأنه كان يريد أن يظهر لي جبروته و قوته ، فبدت لي مياهه المنحدرة إلى أسفل ضاربة في العنف و القوة .. وغضت الدار طرفها فلم أدر هل هو هو حياء أم عتاب .. لكنني شعرت بالرضا من جانبها لكوني جئت وحيدا ، حتى يمكننا البوح والمكاشفة بعيدا عن الأعين .. قرميدها تلألأ وكأنه يحييني .. بل وكان صوت الريح التي صارت قوية ذاك الصباح يحمل إلي صوته .. رجعت بي الذكرى إلى قصة "الشيء الصغير" للكاتب الفرنسي ألفونص ضوضي ، وهو يطلب من بستانه أن يناوله وردة من ووروده ، مودعا إياه بعد أن بيع المعمل و الحديقة .. لكن حديثي ومناجاتي مع الأشياء المحيطة بين كانت لها نكهة خاصة .. كنت ألتحم مع أشيائي وأنصهر وإياها .. الدار تفتح ذراعيها لتستقبلني .. والشط يرغي ويزبد نشوة وطربا .. والنهر يدعوني للجلوس على ضفته .. هنا أدركت لماذا كان غياب قريبي ضروريا .. لم أشعر إلا وأنا أركض بين الشط والدار و أعلى النهر.. كما كنت أفعل في الصبا وأمر بمحاذاة مدرستي .. تلاحقني ضحكات الأماكن في صفاء و براءة ..ثم انطلق صوب طريق آخر لي معه حكاية طريفة .. هل أذكرها ؟ .. طيب ..
ذاك الطريق يمتد إلى حيث بتفرع عنه طريق آخر .. طريق منحدر و آخر مرتفع .. هنا كانت لإحدى مسرحيات فيروز أثرا بالغا في لهفتي للمشي على هذا الطريق .. في أحد فصول المسرحية تقول كلمات الأغنية :
يا حراس .. فيه مفرق طريق بين ثلاث طرقات
الطريق اللي نازل .. نازل
الطريق اللي عالسهل . عالسهل
والطريق اللي طالع ..
بيودي على درج اللوز
يتمشو شوي .. و تمشو شوي
وترجعو تمشو تمشو شوي
هالبيت العتيق عاجنب الطريق
هو خمارة جورية
و عم يسكر فيها بيي
جيبو جورية وجيبو بيي.

كم كان ترنمي بهذه التحفة يشعرني بمتعة ما بعدها متعة وأنا أصعد الطريق الموغل في الغابة .. السكون مطبق على المكان إلا من ثغاء أو خوار أو نباح .. وأجلس عند جذع شجرة لأحس بأغصانها تنحني لتضمني إليه في حنو و حدب .
كم يلزمني من الوقت و الصفحات لأذكر كل لحظة عشتها هناك .. لكن الأكيد أن لحظة الانصراف ... كانت مؤثرة .. نفسي تدعوني للبقاء مدة اطول .. الأشياء من حولي تناشدني عدم الرحيل .. لكن ، ما خفف علينا ، أنا وأشيائي العزيزة ، وطأة الفراق هو نيتي الصادقة في العودة من جديد لأرتمي بين أحضانها . لن أذكر كيف انصرفت .. لأنني لا زلت هناك قلبا وعقلا و روحا .

أدعوكم للاستماع للمقطع الغنائي
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]

استحييت أن أقول مثلكما أنا تربطني علاقات ما بيني وبين الجمادات كجسر ما مررت عليه يوما وفي لحظات استراحة حدثته بصمت مسموع له .. هل ستظل تذكرني ؟ هل لو عدت مرة ثانية تراك ستذكر يدي التي ألمسك بها الآن وأنا أحدثك؟ أم أنك مثلنا تنسى من كثرة الماريين عليك ، والواقفون فوق ملامحك بين تأمل وانتظار ، نعم لم تكن لي أشياء محددة سوى أوراق وأقلام وفساتيني النائمة بذكرى حلم أو أمنية بين طيات حقيبة ربما تكون ليس لي يوما أو هي لي ..وأما البقية فهي أشياء مررت عليها , ووقفت أو مشيت إليها ، أغلقتها أو فتحتها ذات يوم ، منحتني ومنحتها نظرة والتقطت عيني صورة لذكراها ، عشت فيها بعض عمري أو هجرتها بعضا أخرا تلك أشيائي وليس أشيائي ، هي أشياء عمري وذاكرتي وصور حياتي التي طبعها ذهني .. استحيت أن تقولون أسرق أفكاركم ،، لكنها حقيقة أن يبقى لي في كل مكان حديث وصورة في عيني وذكرى ، أن أكون عمري وذكرياتي كما كونت طباعي وانطباعاتي وشخصيتي ، أن أكون نفسي تكوينا كاملا مرتبطا بكل شيء حولي فأنا الحياة والحياة أنا ، وكل شيء لي وعلي ومني ، وأنا له ومنه وعليه ، أن أكون وكوني منظومة حب وصلة أرحام وأحلام وأيام تامة متتامة ..
كل الأماكن أ/رشيد تعرفك وتنتظرك من قديم الأذل وقطعة الزمان تلك المارة بك كانت بانتظارك تعد إليك الأجواء التي ما إن عثرت عليها ألفتها كما فعلت من قبل فألفتك وترامت هنا وهناك تعبد لخطاك منزلا بين انخفاض وارتفاع ، بين خرير وحفيف ، بين تغاريد وزقزقات ، بين ألحان ووشوشات ، تغني كما تغني فتمنحك الحياة ، وتبتسم في القلب بغير شفاه وتذكرك وتحن للقاك كما تحن إليها ..
دائما تضيع نفسي حينما أترك لخيالي عنان الخطى وعنان الغرق وأغوص في لوحات الذاكرة ... معذرة عن الإطالة .. لكني تأثرت برحلتك البديعة الرائقة .. شكرا لك وبالرحلة القادمة تصطحبنا معك أنا وخولة لنمزج لك الخيال بالجنون وتجرب مذاقا جديا لا هادئا ولا صخبا ، لا عاقلا ولا مجنونا ابتسامات
والله يستر عليك ...
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 06 / 2020, 07 : 07 PM   رقم المشاركة : [7]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رحلة العمر (1)

مرحبا بك عزة وبخولة وبكل من تملكه الفضول للتعرف على أشيائي هناك في رحلتي القادمة إن شاء الله .
مرورك هذا جعلني أستعجل هذه الرحلة .. وها قد بدأت بالإعداد لها .
هل تساعدينني في ذلك ؟
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 06 / 2020, 24 : 10 PM   رقم المشاركة : [8]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رحلة العمر (1)

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر
استحييت أن أقول مثلكما أنا تربطني علاقات ما بيني وبين الجمادات كجسر ما مررت عليه يوما وفي لحظات استراحة حدثته بصمت مسموع له .. هل ستظل تذكرني ؟ هل لو عدت مرة ثانية تراك ستذكر يدي التي ألمسك بها الآن وأنا أحدثك؟ أم أنك مثلنا تنسى من كثرة الماريين عليك ، والواقفون فوق ملامحك بين تأمل وانتظار ، نعم لم تكن لي أشياء محددة سوى أوراق وأقلام وفساتيني النائمة بذكرى حلم أو أمنية بين طيات حقيبة ربما تكون ليس لي يوما أو هي لي ..وأما البقية فهي أشياء مررت عليها , ووقفت أو مشيت إليها ، أغلقتها أو فتحتها ذات يوم ، منحتني ومنحتها نظرة والتقطت عيني صورة لذكراها ، عشت فيها بعض عمري أو هجرتها بعضا أخرا تلك أشيائي وليس أشيائي ، هي أشياء عمري وذاكرتي وصور حياتي التي طبعها ذهني .. استحيت أن تقولون أسرق أفكاركم ،، لكنها حقيقة أن يبقى لي في كل مكان حديث وصورة في عيني وذكرى ، أن أكون عمري وذكرياتي كما كونت طباعي وانطباعاتي وشخصيتي ، أن أكون نفسي تكوينا كاملا مرتبطا بكل شيء حولي فأنا الحياة والحياة أنا ، وكل شيء لي وعلي ومني ، وأنا له ومنه وعليه ، أن أكون وكوني منظومة حب وصلة أرحام وأحلام وأيام تامة متتامة ..
كل الأماكن أ/رشيد تعرفك وتنتظرك من قديم الأذل وقطعة الزمان تلك المارة بك كانت بانتظارك تعد إليك الأجواء التي ما إن عثرت عليها ألفتها كما فعلت من قبل فألفتك وترامت هنا وهناك تعبد لخطاك منزلا بين انخفاض وارتفاع ، بين خرير وحفيف ، بين تغاريد وزقزقات ، بين ألحان ووشوشات ، تغني كما تغني فتمنحك الحياة ، وتبتسم في القلب بغير شفاه وتذكرك وتحن للقاك كما تحن إليها ..
دائما تضيع نفسي حينما أترك لخيالي عنان الخطى وعنان الغرق وأغوص في لوحات الذاكرة ... معذرة عن الإطالة .. لكني تأثرت برحلتك البديعة الرائقة .. شكرا لك وبالرحلة القادمة تصطحبنا معك أنا وخولة لنمزج لك الخيال بالجنون وتجرب مذاقا جديا لا هادئا ولا صخبا ، لا عاقلا ولا مجنونا ابتسامات
والله يستر عليك ...

عزة منذ مدة وأنا أحمل حقيبتي على ظهري أنتظر رحلات كان قد وعدنا بها لكنه جعلني أثقل كتفي وظهري دون جدوى... فلا تنتظري...
المهم على كل حال إن اتصل بك .. فحقيبتي جاهزة
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 06 / 2020, 27 : 10 PM   رقم المشاركة : [9]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: رحلة العمر (1)

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
مرحبا بك عزة وبخولة وبكل من تملكه الفضول للتعرف على أشيائي هناك في رحلتي القادمة إن شاء الله .
مرورك هذا جعلني أستعجل هذه الرحلة .. وها قد بدأت بالإعداد لها .
هل تساعدينني في ذلك ؟

يرحب بك الخير وعز عند من عسى ألا أنتظرك فوق الصخرة ويدي على خدي والحقيبة يحملها ظهري رغم أنها خفيفة ولكن حملها طال... كما فعلت في المرة السابقة.. المهم إن كنتما ذاهبان.. فأنا بطريقكما على صخرة أنتظر.. مرا علي وخذاني
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 06 / 2020, 35 : 10 PM   رقم المشاركة : [10]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: رحلة العمر (1)

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
عزة منذ مدة وأنا أحمل حقيبتي على ظهري أنتظر رحلات كان قد وعدنا بها لكنه جعلني أثقل كتفي وظهري دون جدوى... فلا تنتظري...
المهم على كل حال إن اتصل بك .. فحقيبتي جاهزة

خولة لا تكسري مجاديفي هل حقا تفعل رشيد ؟؟ هل تترك البنت في حالة يأس هكذا وتتركني ؟؟ لا خولة سنعلن عليه مظاهراتنا حتى يأخذنا في رحلة خاصة بنا وحدناوإن لم يفعل سوف..... لا أعرف الان لكن هو حر (ابتسامة )
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العمر, رحلة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رحلة العمر 3،4 زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 03 / 07 / 2010 57 : 08 PM
رحلة العمر 2 (قصة قصيرة) زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 25 / 05 / 2010 42 : 12 AM
رحلة العمر 1 ( قصة قصيرة ) زياد صيدم الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 21 / 05 / 2010 10 : 01 AM
فربيع العمر بعد الأربعين..الى امرأه في الأربعين//مجموعتي ربيع العمر علاء حسين الأديب شعر التفعيلة 6 04 / 04 / 2010 09 : 10 PM
رحلة العمر -2 - رشيد الميموني الخاطـرة 10 09 / 04 / 2009 18 : 01 AM


الساعة الآن 38 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|