التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,865
عدد  مرات الظهور : 162,382,221

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > الجمهوريات العامة > جمهورية الأدباء العرب
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07 / 08 / 2010, 50 : 11 AM   رقم المشاركة : [121]
خولة الراشد
تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر

 الصورة الرمزية خولة الراشد
 





خولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond repute

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

يبدو لي في هذا العش قصة ارتعش لها قلبك وأعاد لك ماضيك، حتى بدت الحيرة تلازمك مع حليمة وعندما التقيت بغادتك أمطرت عليك السماء بماء عذب في ليلة مضيئة
حينها خلوت بطيفها ، فقصدت الشيخ لتلقى الرد إلى متى ستبقى هكذا؟ ....فيتلقى الرد.... إلى أن يشاء الله فهي حكمته وقدره سيجعل الله مخرجا إلى الحياة والجنة
أنت تبدع بريشتك كي تبدع قارئك ، سطورك تتىارقص لتصل إلى حبيبتك وتنجذب نحوها وتتمنى أن ترجع إليها مرارا وتكرارا
وحليمة ملاذك وسكنك وكم منا أخذ يفتش عن ماضيه بذكريات شتى وذكرياتك تختلط بألوانها "فرح وألم وقهر وأمل رجاء وتمني" أنت قطعة منها فأنت تسكن في قلبها منذ أن تعاقب الليل والنهار
وتتسائل إلى متى سيبقى الوضع هكذا حليمة كانت فرحتي ولم يعد لها أثر ! ولكني أشم رائحة أثر باق في قلبك عذوبة غادتك ووقار حليمة وواقع الشيخ وصديقك وسعادة تبثها لإسعاد غادتك بأطلال ترسمها في أعماقك وتترعرع بين أخضانها كم أنت هائم بها وهي بعودها تروي ظمأك وأنت تزرع الكلمات في نفسها وترقرق فوق راحتيها أهاتك
سأترك لك تفسيري أو تعليقي لعشك فأنا عشت بينه لأخرجك إلى عش أخر
يمطر علينا بمعاني أكثر تدفقا أعلم بأني أخط هنا أسطرا لم أعش واقعها الأليم ولكني ألمسه بين حروفك
وفي كل سطر تعايشت معه وكأني أتأرجح وأداعب حروفه لتبتسم لي وأستلقي أمامها بأهات كنت برفقتها تحتاج فيها لضمة تنسيك ما تعاني من شقاء السنين وعند ذكر اسمها
ينبض قلبك وتترطب شفتاك شوقا لها
وتردد أهاتك وتقول اشتقت إليك واشتقت إلى كل شيء من حولك
أرح بالها بين عشك الدافئ وابن لها قصرا من الحنين والإشتياق في قلبك الذي ينبض لها قلبك والمح نور عيناها واجعلها صورة جميلة ترتسم في كل جزء منك لها
حينها ستكون لك روح وجسد تسقيك منه مذاق الهواء الحلو النقي الذي تذوب له حروف وجدانك
أسقي غادتك بأهات مغروسة في أعماقك

خولة
توقيع خولة الراشد
 [gdwl]

المواجــــــهة

إن كل ما نــحتاج إليـــــه بعــد الإسْستعـــانــة بالله

هــو استــخدام قــوَّاتــنــا المُـَـتعـددة الإتــجهات

فــي إســْعـادْ أنفســنا ودَعْــــم من حــولـــنا وحُـسْـن تــوْجــيــه مـشـــاعـــرنـــا
[/gdwl]
خولة الراشد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 / 08 / 2010, 24 : 12 PM   رقم المشاركة : [122]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة الراشد
يبدو لي في هذا العش قصة ارتعش لها قلبك وأعاد لك ماضيك، حتى بدت الحيرة تلازمك مع حليمة وعندما التقيت بغادتك أمطرت عليك السماء بماء عذب في ليلة مضيئة
حينها خلوت بطيفها ، فقصدت الشيخ لتلقى الرد إلى متى ستبقى هكذا؟ ....فيتلقى الرد.... إلى أن يشاء الله فهي حكمته وقدره سيجعل الله مخرجا إلى الحياة والجنة
أنت تبدع بريشتك كي تبدع قارئك ، سطورك تتىارقص لتصل إلى حبيبتك وتنجذب نحوها وتتمنى أن ترجع إليها مرارا وتكرارا
وحليمة ملاذك وسكنك وكم منا أخذ يفتش عن ماضيه بذكريات شتى وذكرياتك تختلط بألوانها "فرح وألم وقهر وأمل رجاء وتمني" أنت قطعة منها فأنت تسكن في قلبها منذ أن تعاقب الليل والنهار
وتتسائل إلى متى سيبقى الوضع هكذا حليمة كانت فرحتي ولم يعد لها أثر ! ولكني أشم رائحة أثر باق في قلبك عذوبة غادتك ووقار حليمة وواقع الشيخ وصديقك وسعادة تبثها لإسعاد غادتك بأطلال ترسمها في أعماقك وتترعرع بين أخضانها كم أنت هائم بها وهي بعودها تروي ظمأك وأنت تزرع الكلمات في نفسها وترقرق فوق راحتيها أهاتك
سأترك لك تفسيري أو تعليقي لعشك فأنا عشت بينه لأخرجك إلى عش أخر
يمطر علينا بمعاني أكثر تدفقا أعلم بأني أخط هنا أسطرا لم أعش واقعها الأليم ولكني ألمسه بين حروفك
وفي كل سطر تعايشت معه وكأني أتأرجح وأداعب حروفه لتبتسم لي وأستلقي أمامها بأهات كنت برفقتها تحتاج فيها لضمة تنسيك ما تعاني من شقاء السنين وعند ذكر اسمها
ينبض قلبك وتترطب شفتاك شوقا لها
وتردد أهاتك وتقول اشتقت إليك واشتقت إلى كل شيء من حولك
أرح بالها بين عشك الدافئ وابن لها قصرا من الحنين والإشتياق في قلبك الذي ينبض لها قلبك والمح نور عيناها واجعلها صورة جميلة ترتسم في كل جزء منك لها
حينها ستكون لك روح وجسد تسقيك منه مذاق الهواء الحلو النقي الذي تذوب له حروف وجدانك
أسقي غادتك بأهات مغروسة في أعماقك

خولة

[align=justify]
أختي الكريمة خولة .. تحية من أعماق القلب ..
ربما كان لتعليقك مذاق خاص و ملحمة العش الدافئ تعرف آخر مراحلها .. إذ لم يبق إلا الجزء الأخير كي أضع نهاية لها ..
والختام غالبا ما يكون مسكا .. وها أنت تضعين عبيرا بين السطور وألقا بين الحروف لتحتفظ بتوهجها و تألقها رغم النهاية ..
كم أسعد لهذا الثناء وهذا التجاوب مع حروفي المتواضعة .. وكم أبتهج لأن هناك من يتفاعل مع ما أحكيه ..
شكرا خولة من أعماق القلب .. وتقبلي كل تعابير الود و الامتنان .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 08 / 2010, 53 : 12 AM   رقم المشاركة : [123]
دينا الطويل
شاعرة وكاتبة خواطر ، عضو الهيئة المشرفة على الديوان الألفي

 الصورة الرمزية دينا الطويل
 





دينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond reputeدينا الطويل has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اسلوب اثيري في التعبير عن مراحل القصه...
في بعض المقاطع..اوغلت في وصف ادق التفاصيل التي تشدق القارئ الى اصغر جزيئاتها
من النملة التي صعدت على مرتفع صغير الى همس الجداول وهدير العاصفه وجدران الكوخ وحكاية البحر والعجوز الحكيم الذي شحذ همتك عندما قررت الرحيل عن غادتك..وخيرتها بين الرجوع معك او البقاء...على الرغم من ان غادتك كانت اقرب اليك من وهج الشمعه...ولم تجد هي من يشاطرها همومها..بينما اشتكيت انت للعجوز..
ولقد لاحظت ايضا ان القصة تتخللها نقلة نوعيه في سرد الاحداث بشكل غير متعاقب احدثت فجوات مشوقة..
منذ ان كنت تتغنى بمواجع اشتياقك للحب الاثيري الذي لم تذكر اسمه../غادتك/..والانتقال فجأة الى الحب الجديد الملموس حسا وجسد واسما...والمتمثل بـ حليمة..بعد الوداع الاسطوري لغادتك عند الجدول وتقبيلك لباقه الزهور التي اهديتها لها...وجسدت شخصيه حليمه البدويه بكل براعه...من حيث الوصف المقارب لملامح الغاده..احببت نمط شخصية الراعي..الذي لعب كــ حلقة وصل.. لربط الاحداث الموصله.. الى الكهف حيث التصقت بك حليمه.. اثناء العاصفه لتفجر تحولا عاطفيه الى الواقع...مع وجود الحبكه .. الا وهي الوفاء لذكرى الراعي..الذي ترك سبع اخوه صغار...الى ان قررت الرجوع للعش بعد طول غياب..لتجده..شجرة جرداء ينعق فوقها بوم وغراب..ولم تجد العصافير...
هذه قراءه اوليه لما خطه قلمك

لقد قرأت القصه لاول مره قبل يومين...ولم استطع الا ان اكمل قراءتها..بشكل متتابع
انها رائعه بكل معنى الكلمه...ولاحظت ان اسلوبك هنا في الكتابه مختلف عن الاسلوب الذي كنت اقراه لرشيد من ناحيه النوعيه الحسيه للاشياء
تحياتي/دينا
توقيع دينا الطويل
 
[RAMS]http://variety.salmiya.net/songs/lebanon/ram/lebanon31.ram[/RAMS]
[frame="13 70"]
سنرجعُ يومًا والصَّهيــــــل يلمُـنـَّا
كرجع طرودِ النـَّحل قد شاقنا البئرُ
ونمسح دمع القدس فـــي صلواته
بسبعين حولا لـم يفارقها القهـــــر
شعر:حسن ابراهيم سمعون

[/frame]
دينا الطويل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 08 / 2010, 14 : 01 AM   رقم المشاركة : [124]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا الطويل
اسلوب اثيري في التعبير عن مراحل القصه...
في بعض المقاطع..اوغلت في وصف ادق التفاصيل التي تشدق القارئ الى اصغر جزيئاتها
من النملة التي صعدت على مرتفع صغير الى همس الجداول وهدير العاصفه وجدران الكوخ وحكاية البحر والعجوز الحكيم الذي شحذ همتك عندما قررت الرحيل عن غادتك..وخيرتها بين الرجوع معك او البقاء...على الرغم من ان غادتك كانت اقرب اليك من وهج الشمعه...ولم تجد هي من يشاطرها همومها..بينما اشتكيت انت للعجوز..
ولقد لاحظت ايضا ان القصة تتخللها نقلة نوعيه في سرد الاحداث بشكل غير متعاقب احدثت فجوات مشوقة..
منذ ان كنت تتغنى بمواجع اشتياقك للحب الاثيري الذي لم تذكر اسمه../غادتك/..والانتقال فجأة الى الحب الجديد الملموس حسا وجسد واسما...والمتمثل بـ حليمة..بعد الوداع الاسطوري لغادتك عند الجدول وتقبيلك لباقه الزهور التي اهديتها لها...وجسدت شخصيه حليمه البدويه بكل براعه...من حيث الوصف المقارب لملامح الغاده..احببت نمط شخصية الراعي..الذي لعب كــ حلقة وصل.. لربط الاحداث الموصله.. الى الكهف حيث التصقت بك حليمه.. اثناء العاصفه لتفجر تحولا عاطفيه الى الواقع...مع وجود الحبكه .. الا وهي الوفاء لذكرى الراعي..الذي ترك سبع اخوه صغار...الى ان قررت الرجوع للعش بعد طول غياب..لتجده..شجرة جرداء ينعق فوقها بوم وغراب..ولم تجد العصافير...
هذه قراءه اوليه لما خطه قلمك

لقد قرأت القصه لاول مره قبل يومين...ولم استطع الا ان اكمل قراءتها..بشكل متتابع
انها رائعه بكل معنى الكلمه...ولاحظت ان اسلوبك هنا في الكتابه مختلف عن الاسلوب الذي كنت اقراه لرشيد من ناحيه النوعيه الحسيه للاشياء
تحياتي/دينا

[align=justify]
العزيزة دينا ..
لا أخفيك سرا أنني عندما لمحت اسمك في عشي الدافئ كنت أفكر فقط في كلمات تعودت أن أتلقاها منك بشغف لما تحمله من تشجيع و تحفيز .. لكنني وجدت نفسي أمام تحليل ونقد لا يسعني إلا أن أسعد بهما و أحتفظ بهما في أرشيف قصصي كذكرى جميلة تلقيتها من أديبة و شاعرة متميزة في مستواك ..
صدقيني أختي العزيزة .. لقد أضفى تحليلك هذا وهجا و أعطى لعشي وحكايته عنفوانا و ألقا جعلني أعود لقراءتها من جديد ..وكأنني أقرأ بعض التفاصيل لأول مرة .. فجاء استمتاعي مضاعفا ..
سأكون سعيدا أن أجدك دوما بالجوار لأستمتع ببصمتك هنا ..
قد لا تفيك كلمات الشكر حقك .. لكني آمل أن تصلك صداها من أعماق القلب .
تحيتي و تقديري لشخصك الكريم .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 08 / 2010, 27 : 05 PM   رقم المشاركة : [125]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

النهاية ؟
[align=justify]
كم يكون مر من الوقت و نحن صامتان ننظر إلى جهة الغرب حيث بدأت الشمس تغوص بين جبلين اكتسيا لونا قاتما ..
- هل نذهب ؟
التفتت إلي برهة ثم مدت يدا إلي لأساعدها على النهوض . وقفلنا راجعين تاركين من ورائنا صخبا رغم تناقصه و غبارا و عرجنا على أول مدخل للغابة و الصخب يتلاشى حتى لم أعد أسمع إلا وقع خطواتنا على الأرض اليابسة تارة و المعشوشبة تارة أخرى .. كنا نطأ أوراق شجر جافة فتحدث صوتا ممتعا وسط صمت الغابة .
وما زلنا نسير دون أن ينبس أحدنا ببنت شفة ، لكني كنت أحس أن حوارا بدأ بيننا منذ أن بدأنا المسير. كنا نتحدث في صمت ويعاتب كل واحد منا الآخر ونضحك و نبتسم بل ونبكي للحظات قبل أن نقهقه ونعود لجو المرح فنترنم بأجمل الأغاني .. كل ذلك و نظرنا لا يحيد عن الأفق حيث المنعرج الأخير الذي يفضي انحداره إلى العش وكأننا نسابق الزمن كي نصل إلى هناك . غير أني كنت أسهو لحظة و يشرد ذهني متسائلا عن أشياء استعصت على فهمي . كنت أخشى و نحن منسجمان فكرا و روحا، أن تطلع على أفكاري فيعكر ذلك صفو هذا اللقاء ويقضي على متعة النفس و صفائها .
وعلى مشارف العش وقفنا . كان هناك . وحيدا يحيط به الخراب و الجمود ويعلو سحنته أسى واضح رغم أن بعض الأشجار التي كانت تفرق بيننا وتطل عليه من الربوة التي كنا واقفين عليها أضفت عليه شيئا من الأناقة .. لكن ، مع هذا الأسى وهذا الجمود ، شعرت به وكأنه يهتز لمقدمنا .. أي و الله .. فتراءى لي كل شيء من حوله يستعيد رونقه و بهاءه .. حتى الشجرة الكبيرة التي يبس جذعها و تداعت أغصانها أحسست بالدماء تجري من جديد في عودها وتستعيد نضارتها .. أسراب من العصافير حطت بالقرب منا وهي تؤوب إلى أعشاشها .. ولأول مرة تناهى إلي صوت الجدول وكأنه ينبهني لوجوده .. أصوات و حركة بدأت تدب في أوصال العش و عبير بدأ يملأ الجو مضفيا على المساء حلة قشيبة من البهاء .
جلسنا ننظر مليا إلى أسفل المنحدر وكأننا نتابع حركة أناس يغدون و يروحون . نظرت إليها فجأة فوجدتها تتأملني دامعة .. يا إلهي كم هي فاتنة .. وكم هما عيناها النجلاوان صافيتان كماء المنبع . أعادت بحركة من رأسها جدائل شعرها المنساب على خدها فانتفض مني الجسد كله .
لم أشعر إلا و أنا أنهض و آخذ بيدها وننحدر نحو العش .. كانت وهي تجري بجانبي تضحك و تصرخ من الخوف في آن واحد .. لكني كنت تحت تأثير قوة لا قبل لي بها .. ولا أستطع كبح جماح نفسي ، فتابعت العدو ولم أتوقف إلا عند الدوحة .
ثم تابعت الجري نحو المنبع لأجلس و إياها على صخرة ونحن نلهث ضاحكين ..
- كدت أسقط . هل جننت ؟
- ربما .. ولكنها ليست المرة الأولى .
- يعني أنني بصحبة مجنون ؟
قلت ضاحكا :
- وهل اكتشفت ذلك الآن فقط ؟
- لا .. ولكني لم أكن أظن جنونك بهذه الخطورة .
- اطمئني .. هذه نوبة من الجنون لا تصيبني إلا مرة كل سنة .
ضحكت فتمايلت الأغصان من حولي وقالت :
- المهم أن أعرف ميقات جنونك كي ..
- تختفين مرة أخرى ؟
سكتت قليلا ثم نظرت أمامها .. هل أثرت شجونها من جديد ؟ هكذا أنا دائما .. ألا يمكنني أن أكون حذرا في كلامي ولو مرة واحدة ؟ لكنها التفتت إلي و هي تنقر بقضيب صغير على الصخرة بينما رجلاها الحافيتان تداعبان ماء المنبع فيتطاير الرذاذ ، وقالت :
- هل كنت تعتقد أن الهروب يستهويني ؟
- لا ولكن لا أخفيك أن الظنون غالبا ما كانت تنتابني . آه يا ربي .. كم تألمت .
- أنا أيضا تألمت ..
- لكن لماذا ؟
- ربما لا أستطيع الجواب الآن . لكني تأكد أنني لم أكن أتعمد ذلك .. وكنت أنوي الاستمرار لكني لمحت حيرتك و جريك وراء السراب .. فخفت أن تضيع ورأيت أن أضع حدا لتيهك .
- على فكرة .. كيف عرفت ذلك و نحن في البطحاء ؟
- هذا موضوع طويل ستفهمه مع مرور الأيام .. لكن ثق أنك لم تفعل شيئا يسيء إلى أحد ..
كنت واقعا تحت تأثير لهجتها وكأن سحرا يقيد كياني .. لكني استطعت بعد جهد جهيد أن أسأل :
- وحليمة ..
انتبهت بعد فوات الأوان إلى أنني غامرت بطرح السؤال الذي قد يسبب لغادتي جرحا لن يندمل بسرعة . لكن شيئا لم يبد عليها فأعادت خصلة شعرها إلى الوراء قائلة :
- هل كنت تحبها ؟
فاجأني السؤال فتلعثمت و لم أرد ، فاستطردت قائلة :
- لو كنت أعلم أنها كذلك لما ظهرت أبدا .. ولو كنت أعرف أن حبك لها حقيقي لباركت ذلك لأني لا أريد إلا سعادتك ..
- هل التقيت بها ؟
- نعم .. ورأيت كيف كانت ترى فيك وجه المرحوم وروحه و طيبته ..
- كانت ستعيش على ذكراه بوجودي ..
- أجل ..
عاد الصمت من جديد و خشيت أن أطرح السؤال الأخير .. الآن لم أعد أميز وجهها بسبب هبوط الظلام ولم أدر أيا من التعابير يعلو سحنتها . في تلك اللحظة تعالى نقيق الضفادع و أصوات الصراصير .. بينما ند صوت البوم بالقرب منا .. يبدو أن أسرة العش قد عادت اليوم بكاملها .. يا لسعادتي . أما عند قدمينا فقد انسابت مياه المنبع في سكون لذيذ ..
كنت أعرف أن سؤالي الأخير سوف يلح علي و يقض مضجعي فتنهدت بعمق و أمسكت بذراعها متشجعا بالظلام الذي يخفي توتري . أحسست بارتعاشها وقلت :
- وأنا ؟
- أنت ؟
وأطلقت ضحكة رنانة تردد صداها عبر أرجاء العش و المنبع لتمتد إلى أسفل الوادي ، فترتد الضحكة وكأنها تجاوب منه ومن الروابي الممتدة من ورائنا .
- أنت ؟ .. ألم تجر وراءها فقط لشبهها بي ؟
- حقا .. ما أغباني .. لكن ، اعترفي أنك رغم ذلك تغارين .. حتى اسمها لم تحتملي ذكره ؟
- حليمة ؟
ضحكت وعلمت أنها لم تترك لي فرصة الانتشاء بما استنتجته . فكانت آخر طلقة تقضي بها على ما علق بنفسي من هواجس و شكوك .. ووجدت نفسي أحيط كتفها بذراعي بحنان وأحس برأسها الجميل يميل على كتفي مستكينا .. لتنهال الأحلام من جديد في رؤية عشي كما كان مليئا بالحيوية .. يحفه الجمال و البهاء و الحب من كل جانب ، وأعيش فيه مع غادتي إلى الأبد .
[/align]

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 16 / 08 / 2010 الساعة 16 : 09 PM.
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 08 / 2010, 21 : 12 AM   رقم المشاركة : [126]
رولا نظمي
كاتب نور أدبي مضيئ

 الصورة الرمزية رولا نظمي
 





رولا نظمي is a glorious beacon of lightرولا نظمي is a glorious beacon of lightرولا نظمي is a glorious beacon of lightرولا نظمي is a glorious beacon of lightرولا نظمي is a glorious beacon of lightرولا نظمي is a glorious beacon of light

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

استاذ رشيد الميموني
أشكرك على هذه النهاية الرائعة ولكن الجنون في الحب لا يحدث مرة واحدة ههههههههه
بصير كتير هههههههه وهيك
بس عن جد نهاية روعة لقصة هادئة وجميلة
دمت بالف خير وحفظ الله تعالى
رولا نظمي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 08 / 2010, 46 : 02 AM   رقم المشاركة : [127]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا نظمي
استاذ رشيد الميموني
أشكرك على هذه النهاية الرائعة ولكن الجنون في الحب لا يحدث مرة واحدة ههههههههه
بصير كتير هههههههه وهيك
بس عن جد نهاية روعة لقصة هادئة وجميلة
دمت بالف خير وحفظ الله تعالى

[align=justify]
العزيزة رولا ..
الحمد لله أن النهاية جاءت كما ذكرت . و أشكرك على هذا الثناء الذي يعطيني الدليل على أن عشي الدافئ قد بلغ محطته الأخيرة بسلام .
أتمنى أن أبقى دائما عند حسن ظنك .
تقبلي كل مودتي .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 08 / 2010, 59 : 12 PM   رقم المشاركة : [128]
ميساء البشيتي
شاعر نور أدبي

 الصورة الرمزية ميساء البشيتي
 





ميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: القدس الشريف / فلسطين

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اخي العزيز رشيد

صباح الورد والله يعطيك العافية

كانت رحلة جميلة جدا معك في عشك الدافىء

استمتعنا جدا معك .. أينعم كان هناك بعض المد والجزر وشد الأعصاب

لكنها كانت رحلة جميلة جدا ونهاية رائعة جدا

شكرا رشيد والله يديم عليك هذا الإبداع وعليك قبل أنت نغادر هذا العش

أن تعدنا ألا تتأخر علينا بإبداعاتك أبدا .. ورمضان كريم أخي رشيد .
توقيع ميساء البشيتي
 [BIMG]http://i21.servimg.com/u/f21/14/42/89/14/oi_oay10.jpg[/BIMG]
ميساء البشيتي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 08 / 2010, 29 : 05 PM   رقم المشاركة : [129]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي
اخي العزيز رشيد

صباح الورد والله يعطيك العافية

كانت رحلة جميلة جدا معك في عشك الدافىء

استمتعنا جدا معك .. أينعم كان هناك بعض المد والجزر وشد الأعصاب

لكنها كانت رحلة جميلة جدا ونهاية رائعة جدا

شكرا رشيد والله يديم عليك هذا الإبداع وعليك قبل أنت نغادر هذا العش

أن تعدنا ألا تتأخر علينا بإبداعاتك أبدا .. ورمضان كريم أخي رشيد .

ألف شكر لك ميساء على هذا الإطراء الذي زادني ثقة و تشجيعا .
سعيد جدا أن ما كتبته في عشي الدافئ قد ارتقى إلى مستوى ذائقتك الأدبية الرفيعة .
سأحاول أن ابقى دائما عند حسن ظنك .
لك كل الشكر و الامتنان .
تقبلي كل مودتي .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 08 / 2010, 06 : 06 PM   رقم المشاركة : [130]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

[align=justify]
لا .. لم تكن النهاية ..
انتبهت من غفوتي اللذيذة لأنتبه أن الزمان و المكان قد تغيرا .. بل عادا بي إلى الوراء .. إلى حيث كنت أشرف على البطحاء .. وبجانبي غادتي .. وأدركت أن كل ما رأيته في عشي وفي المنبع كان حلما .. لم تكن أحاسيسي هي نفسها التي كان تغمرني و هي ترمقني بفضول .. التفتت حوالي وفركت عيني من جديد .. لا شيء تغير .. آه .. كم كان الحلم طويلا .كنت تحت تأثير مشاعر شتى .. حيرة .. سعادة .. قلق .. ترقب . كنت أحس أن أمرا جللا سيقع وأن هذا اليوم لن ينتهي بسلام.
كنت ألتفت إلى حيث الحشود وقد بدأت تغادر البطحاء ثم أعود وأنظر إليها كأني انتظر ما يخلصني من حيرتي تلك .
- يعني .. أنك لا زلت لم تقرر شيئا ..
- أقصد .. يعني .
- الأمر واضح .. وكان علي أن أفهم منذ البداية أنني لم أعد أعني لك شيئا ..
- لا تقولي هذا .. لكن عليك الاعتراف أنك من وراء حيرتي هذه .
قالت وهي تتشاغل بخصلة من شعرها :
- لا تبحث عن الأعذار .. كنت أعتقد أن محاولتي الأخيرة هذه كفيلة بأن تجعلك أسعد الناس ..
- تتحدثين عن الأعذار ؟ الم تدري كم عانيت من تصرفاتك التي بقدر ما أرهقت أعصابي .. أسلمتني لليأس المطلق ؟
- لن تفهم .. لن تفهم .. مهما شرحت لك .
- ماذا تريدين أن أفهم ؟ أنا أفهم فقط أني كنت أحبك و أنك قابلت حبي ذاك بالاستخفاف .
- كنت تحبني ؟ يعني أن ذاك الحب قد انتهى ؟
لم أرد و تشاغلت بالنظر إلى الأفق البعيد .
- قد تكون لا تحبني الآن .. وقد تحلم بحب آخر ، لكن اعلم يقينا أن حبك لها ما كان إلا لشبهها بي .. لا تنكر.
لزمت الصمت من جديد وقد بدأت أعصابي تتوتر .
- أما ما تحلم به من حب من جانبها .. فلم يكن ذلك إلا سعيا منها للاحتفاظ بذكرى حبيبها الراحل ، لما تعرفه من صلتك الوثيقة به .. هل صدقت الان ؟
- لا أدري ولكن ..
نظرت إلي غادتي لترى سبب توقفي المفاجئ عن الكلام . كنت أنظر إلى الجهة السفلى من البطحاء حيت تراءى لي بغل يتهادى نحوي . وراكبه يحثه على الإسراع .. لاحظت شحوب غادتي بينما كان جسمي ينتفض .
هي حليمة مقبلة دون رفيق .أين يكون والدها ؟ ولاحظت غادتي حرجي و أنا أنظر إلى حليمة تقترب صاعدة التلة ، فنهضت تنفض الغبار عنها وقالت باستياء :
- يبدو أن علي الانصراف .. حتى لا أفسد عليكما خلوتكما .
لم تنصرف فورا و كأنما كانت تنتظر أن أتوسل إليها بالبقاء .. فأشاحت عني بوجهها و أدبرت نحو أول مدخل للغابة لتتوقف لحظة و تنظر نحوي .. لم أدر لم شعرت بالنفور منها يزداد حدة وأنا أستشف من نظرتها انكسارا وخنوعا .. أين مني تلك النظرة المفعمة دلالا وكبرياء ؟ انتظرت ثم بدأت تخطو متثاقلة قبل أن تختفي من وراء الأشجار .. كنت في شبه دوامة .. انظر إلى حيث اختفت ، ثم أنظر إلى أسفل وحليمة تقترب شيئا فشيئا إلى أن توقف البغل قبالتي .
- خيرا إن شاء الله ؟ انتظرناك كثيرا حتى فقدنا الأمل في عودتك من هناك .
- لا و الله .. عدت و انتظرتك ، ولما لم تظهري ابتعدت عن الزحام و الضجيج .. أين أبوك ؟
- هو هناك بجانب الضريح ينهي بعض المعاملات ربما يبيت عند محافظ الضريح .
- وأنت ؟ ستبيتين هنا ؟
- أنا رجوته أن أعود إلى البلدة .. لكنه رفض لعدم وجود الرفيق ، خاصة حين لم تعد أنت .
- هل لا زلت تودين العودة ؟
- أجل .. الضجيج و الزحام يثيران أعصابي ..
قلت في همس :
- مثلي .
نظرت إلي طويلا وقالت :
- مالك ؟ تبدو شاحبا منهكا .. هل حدث شيء في غيابي ؟
يا لفراسة المرأة . ترى هل تسألني لمجرد السؤال أم أنها تلمح إلى شيء ما ؟
- لا .. لم يحدث شيء .. تعبت فقط .. واشتقت للراحة ..
ثم شرد ذهني و قلت :
- ولشيء من الهدوء ..
- لا ، لست على ما يرام .. هل تريد البقاء لوحدك ؟ لا تتحرج ..
- لا .. حليمة .. أرجوك .. ابقي معي .
افتر ثغرها عن ابتسامة عذبة رغم ما علا محياها من حزن دفين ، و قالت :
- ياه .. ربما هذه أول مرة تتفوه بها باسمي .
ابتسمت بدوري ونظري لا يحيد عن مدخل الغابة و كأني أخشى أن يطل منه شيء مرعب .
- إذن اتفقنا .. هل تذهب معي عند أبي لنخبره ؟
- أجل .. يجب ذلك .. هيا بنا .
شعرت بالنشاط يدب في جسدي و أصلحت من هندامي ثم أخذت بلجام البغل حين ترجلت حليمة لتسير بجانبي . كان الأب قد أنهى نقاشه مع محافظ الضريح و أقبل علي بوجه بشوش أنساني قلقي وقال :
- أين أنت يا رجل ؟ كأنما انشقت الأرض و ابتلعتك ؟
- والله تأخرت في الوصول وانتظرتكم قليلا أمام الضريح ، وحين رأيت الزحام و الضجيج عدت إلى هناك فوق التلة .
ضحك الرجل ضحكته المعتادة و قال :
- هاهي شبيهتك في ذلك .. لم تطق ما ذكرته أنت من زحام و صخب ، و توسلتني لكي نعود .. لكن ، كما ترى ، لا يمكنني ترك مشاغلي اليوم .. والحمد لله أنك هنا .. لكن إذا كان هذا الأمر يزعجك و تريد الاستمتاع أكثر باللمة ، فلا عليك ..
- لا يا عمي .. لا ناقة لي و لا جمل باللمة .. رأيت ما فيه الكفاية و أريد العودة أنا أيضا ..
- الحمد لله .. أزحت عني عبئا كبيرا يا بني .. سترافق حليمة و أنا مطمئن البال . هل تحتاج لشيء ؟
- لا .. بارك الله فيك يا عمي ..
لكن الرجل أصر على أن نأخذ بعض الزاد و الماء و حلويات من اللمة . ثم رافقنا إلى أعلى التلة حيث ودعنا .
من جديد يسود الهدوء التام وقد مالت الشمس للمغيب . كانت بعض العصافير تعود مسرعة لأوكارها وهي لا تزال تملأ الجو حوافر البغل ووقع خطواتنا .. حليمة لم تشأ أن تركب وفضلت المسير إلى جانبي . كنا نسير بجانب حقول الذرة اليانعة وقد تسربت بين جنباتها سواقي يسري ماؤها في هدوء .
- هل التقيت بمعارفك ؟
خفق قلبي بعنف لسماع هذا السؤال المفاجئ وبجهد جهيد أجبت محاولا ألا يبدو في صوتي ما ينم عن انقباضي :
- لا .. لم ألتق بهم ..
- وعشك الدافئ ؟ هل زرته ؟
طال صمتي حتى أحسست أنني أجرحها بذلك فأجبت :
- نعم زرته .. كان هناك بقايا عش .. كل شيء اندثر .. دمار وخراب ..
- لا تيأس .. ربما تعينك الأقدار على بنائه من جديد .
كانت لهجتها صادقة .. ولمست الوفاء و الإخلاص في كل كلمة تنطق بها . فتوقفت لأنظر إليها . كان تصرفي مفاجئا .. نظرت إلي بدهشة و عيناها تتساءلان .. ولأول مرة استطعت أن أحدق فيها طويلا لأكتشف أن حليمة لا تمت بصلة إلى غادتي ولا تشببها بالقدر الذي كنت أتوهمه . ربما كان هناك تشابها في العينين .. لكن في ما عدا ذلك فإن الاختلاف كان واضحا .. فحليمة كانت لها تلك المسحة البدوية التي لا تخفي شيئا مما في داخلها .. كل شيء منها يقرأ في عينيها الصافيتين . أما وجنتاها فتحتفظان بحمرتهما دائما ، بل وتصير هذه الحمرة قانية عند قيامها بعمل مجهد أو عندما يغلب عليها الانفعال .. هل هذا يعني أن تعلقي بغادتي وبحثي المتواصل عنها كانا يوهماني بهذا الشبه ؟
- ما لك ؟ ولم توقفت ؟
- لا شيء .. كنت أود أن ..
عيناها متلهفتان لسماع ما انتظرته طويلا .. اللهفة تبدو لي ترجيا ، بل توسلا ..
- حليمة .. لقد سبببت لك الكثير من الآلام .. وحان الوقت لكي أعوضك عن كل شيء .
- أنت لم تفعل شيئا يؤلمني .. ربما كنت أنا ..
- لا .. كنت أنانيا وقابلت عواطفك بالاستخفاف و اللامبالاة .. لكني أرجو أن تعذريني لأن صورة المرحوم لم تفارق ذهني .. أدركت ألآن كم كنت على حق .. سيكون راضيا و أنت سعيدة .
أطرقت صامتة فاستطردت أقول بحماس ..
- آن الأوان لكي أعوضك عن كل الآلام .. ولكي أعيد بناء عشي الدافئ من جديد .. أنا متيقن من أنه سيستعيد نضارته و رونقه بوجودك .. فقط أريد أن تسامحيني و تبقي بجانبي .
- وهل شككت لحظة في غير ذلك ؟
شعرت بالأرض تميد تحت قدمي وبكل شيء يتراقص من حولي .. فقلت :
- لا .. لم أشك لحظة .. لم لا نستريح قليلا عند ذاك الغدير ؟
- نعم . أنا أيضا تعبت .. لكن علينا ألا نتأخر .. فالليل وشيك .
وعلى ضفة الغدير كنت أشكل أعذب الكلمات و أهمس بها لحليمة التي تورد خداها وتلألأت عيناها ببريق لم أنسه .. ذاك البريق الذي شع من عينيها يوم ذهبت لأعود بها من عند خالتها و انطلقت على سجيتها تلهو و تمرح وسط الجدول .
على ضفة الغدير كنت أستسلم لموجة عارمة تجرفني نحو حليمة .. فلا أملك إلا أن أنهار وأسلم زمام أمري لتلك الموجة العاتية و أنسى كل شيء .. كل شيء سوى أني مع حليمة .
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تربويات رشيد الميموني خولة السعيد الدراسات 6 04 / 07 / 2020 42 : 11 PM
قراءات في فضاءات أ. رشيد الميموني Arouba Shankan جمهورية الأدباء العرب 15 30 / 03 / 2020 42 : 12 PM
عندما أشتاق لك يا رشيد الميموني جمال سبع رسائل في مهب العمر 18 04 / 04 / 2012 02 : 01 AM
هل نسيتم رشيد الميموني ؟ حسن الحاجبي مجلس التعارف +أمثال وطرائف 2 27 / 04 / 2011 58 : 04 PM
(عش رشيد..)للكاتب رشيد الميموني دينا الطويل نقد أدبي 29 28 / 08 / 2010 21 : 12 AM


الساعة الآن 28 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|