أطفال الشوارع .. المشكلة و الحل
د. ناصر شافعي
نتحدث اليوم عن مشكلة اجتماعية تعاني منها الكثير من الدول النامية و هي مشكلة اطفال الشوارع و هي تعكس الحالة الاجتماعية للطبقة الفقيرة و المعدمة من المجتمع ..
ماذا نعني بطفل الشوارع ؟
اجتمع علماء الاجتماع على تعريف "طفل الشوارع" على أنه الطفل الذي يقضي فترات طويلة أثناء اليوم في الشارع و يمارس:
· أعمال غير قانونية مثل السرقة أو النصب أو التسول أو القمار
· أعمال عدوانية تجاه المارة أو المرافق العامة
· أعمال هامشية مثل مسح زجاج السيارات أو بيع سلع تافهة أو جمع القمامة أو أعقاب السجائر
· مخالطة المشبوهين أو المجرمين أو أصحاب السيرة السيئة
الأسباب التي تؤدي إلى ظاهرة أطفال الشوارع
بدراسة حالات الأطفال المشردين أو أطفال الشوارع وجد أن معظم هؤلاء من أسر مفككة .. تعاني هذه الأسر من غياب الترابط الأسري الذي يحافظ على كل أفراد من أفرادها من أهم المشاكل التي تؤدي إلى تفكك الأسرة :
· الطلاق أو انفصال الأب عن الأم بالهجر.. و تزداد مشكلة الطفل تعقيداً عندما يتزوج الأب زوجة جديدة و تتزوج الأم بزوج جديد و لا يجد الطفل من يرعاه و يتحمل مسئولية تربيته و الحفاظ عليه .. و قد لا يجد هذا الطفل المأوى أو مكان يبيت فيه فيضطر لقضاء أغلب وقته في الشارع و المبيت في الطرقات و الشوارع .. و يخالطون المشبوهين و أصدقاء السوء مضطرين بحثاً عن الحماية و الغذاء .
· المشاكل الأسرية و الخلافات الزوجية المتكررة و زيادة عدد أفراد الأسرة و المسكن الضيق .. كلها عوامل تدفع الطفل للهروب من جو الأسرة الخانق و البحث عن الحرية الزائفة في الشوارع .
· غياب المثل و القدوة و الدور الرقابي للأب أو الأم و غالباً ما تحدث هذه المشكلة عند سفر الأب لفترات طويلة أو وفاته و غياب الدور الرقابي للأم نظراً لانشغالها في العمل أو لعدم اهتمامها بتربية أو مشاكل أولادها .. و قد تحدث المشكلة نتيجة لوفاة الأم و انشغال الأب بالعمل طول اليوم و عدم اهتمام أو مراقبته لأولاده .
· استخدام العنف الزائد و الضرب المبرح في عقاب الطفل أو الاستهزاء أو الاستخفاف بالطفل .. كل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى فرار الطفل إلى جحيم الشارع .
· استخدام الضرب في المدرسة .. و كراهية الطفل للضغوط المفروضة عليه من قبل المدرس أو الآباء .. فيؤدي ذلك إلى كراهية المدرس و المدرسة .. و الهروب المستمر من المدرسة و الفشل في الدراسة و الاختلاط بأصدقاء السوء .
· انخفاض دخل بعض الأسر و اتجاهها لدفع الطفل لكي يعمل مما يعرضه لضغوط العمل و أخطاره في سن مبكرة .. و قد يلجأ الكثير من هؤلاء الأطفال للهروب من العمل إلى الشوارع للفرار من مشاكل العمل مثل تعرضهم للضرب أو الإهانة .
و قرى و مدن الصعيد تسجل أقل نسبة من أطفال الشوارع نظراً للترابط الأسري في هذه المناطق بينما تسجل العاصمة و المدن الساحلية أعلى نسبة من الأطفال المشردين نظراً لزيادة الكثافة السكانية و التفكك الأسري الذي يزداد في المناطق العشوائية الفقيرة .
 </font>)
أطفال الشوارع و تعرضهم للانحراف
لا شك أن أطفال الشوارع معرضون بشدة للانحراف نظراً لمخالطة المشبوهين و المجرمين و اعتبارهم على ارتياد الأماكن المشبوهة للاختباء عن أعين رجال الأمن .. و سوف يتحول نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال إلى مجرمين و خارجين على القانون إذا لم يجدوا الرعاية الاجتماعية الصحيحة و الطريقة إلى الأمان .
من أين نبدأ بحل مشكلة أطفال الشوارع ؟
من الأسرة .. من الطفل .. من المدرسة .. من المجتمع ؟!
الأسرة :- ضرورة التأكد على أهمية الدراسات الاجتماعية للأسرة لمعرفة و تحديد مشاكل الأسر الفقيرة و وضع الخطط لمساعدة هذه الأسر في تخطي عقباتها و مشاكلها مثل :
· حلول للمشاكل الأسرية الاجتماعية مثل الهجر أو الطلاق
· الإرشاد الاجتماعي لحل خلافات الأسرة
· الطرق التربوية لتربية الأطفال
· زيادة موارد الأسرة المادية عن طريق مشروع الأسر المنتجة
الطفل :
· تحسين الظروف الاجتماعية لمعيشة الطفل
· حماية الطفل من العمل قبل السن القانونية
· تحسين بيئة العمل للأطفال العاملين
· حماية الأطفال من الاختلاط بالمشوهين و المجرمين
· حماية الطفل من الهروب من المدرسة و معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك و علاجها
· الدراسة النفسية للأطفال الشوارع و علاج أسبابها
المدرسة:
· تخفيض النفقات المدرسية خاصة في الأحياء الفقيرة
· تطوير المناهج الدراسية خاصة في الأحياء الفقيرة و التشجيع على الأعمال المنتجة التي يمكن أن تزيد من دخل الأسرة عن طريق برامج التدريب المهني و الفني .
· منع الضرب في المدارس و خلق روح الصداقة بين المدرس و الطالب .
· دراسة حالات الأطفال الهاربين من الدراسة و تعديل سلوكياتهم بالطرق التربوية و النفسية الصحيحة .
المجتمع :
· إزالة و تطوير المجتمعات العشوائية
· تحويل المجتمعات و الأحياء الفقيرة إلى أحياء منتجة بتشجيع إنشاء المصانع و المشروعات الإنتاجية فيها .
· حماية الأطفال من الاختلاط بالمشبوهين .
د. ناصر شافعي
( حقوق النشر محفوظة للمؤلف د. ناصر شافعي . حياة صغيري . القاهرة )