رد: قضية للنقاش / أمية القراءة والبحث عن حلول ..
في المتخيل الشعبي , وعلى امتداد الرقعة الجغرافية العربية , إرتبطت مفاهيم القراءة بمعنى " التعلم " لأجل الحصول على مكانة في المجتمع . فكانت القراءة وماتزال رديفة بالسبيل الموصل إلى التوظيف , وطوق النجاة الذي يتوسل به القارئ ليكون ذا شأن بين الناس . ولأن معظم الدول العربية كانت قد خرجت للتو من بوثقة الإستعمار وبدأت تشرئب إلى عهود الحرية , كان لزاما أن تحتاج كل دولة لسواعد وعقول أبنائها من " القارئين " لتنطلق في عمليات البناء والنهضة . لكن سرعان ما وصلت الأمة إلى مرحلة اكتفاء قسري بسبب سوء التخطيط أدى إلى الإستغناء عن جيوش الخريجين الذين لم يجدوا بدا من الإرتماء في أحضان البطالة , أو ركوب قوارب الموت نحو شواطئ الغرب .
والآن ,,, يأتي عندك الأب في بداية الموسم الدراسي متأبطا ذراع ابنه ويقول لك : أريده أن يتعلم كيف يقرأ ويكتب ويحسب فقط , لأنني عازم على أن لا يضيع وقته وعمره في الدراسة , وبمجرد إتقانه لتهجي الحروف , وللجمع والطرح والقسمة , سآخذه ليتعلم صنعة أو ليساعدني في العمل .
هذا الموقف المخزي نعيشه يوميا ــ نحن معشر المدرسين ــ ولا يحس بجسامته وخطورته إلا أسرة التربية والتعليم . من هذا المنطلق إذن , حق لي ولك أن نتساءل : ما القراءة التي نريد ؟
هل نعني بالقراءة حدودها الدنيا التي لا تعدو أن تكون مجرد محاربة للأمية ؟ هل نعني بالقراءة امتلاك الأدوات المعرفية الكفيلة بتحسين شروط العيش والإرتقاء الإجتماعي ؟ أم هل نعني بالقراءة تحقيق درجات السمو الفكري والإبداعي والإمساك بناصية العلوم وتحصيل أكبر قدر من المعارف في عالم متجدد ومتطور باستمرار.
|