يوم الجمعة : 13 رمضان 1427
الموافق لـ 06/10/2006
الهَـــــاجس الإبداعي
سُؤالٌ لطالما يطرحُ نفسهُ فارضًا ذاتهُ بقوةٍ وإلحاحٍ لا ينقطع ُ باحثًا عنِ الحقيقة الشّعورية في ذواتنا المُبدعة , إذ تعتبرُ هذه الحقيةالشعورية قاسما مشتركًا بين كل المُبدعين وجوهرا أصيلاً لكل ذاتٍ مُبدعةٍ وإنما الاختلافُ في العملية الإبداعية التي تسكبُ هذه الحقيقة في قوالبَ شعورية مختلفةٍ ( نص شعريّ , نص روائيٌ , نص قصصّي , نص مسرحيّ , خاطرة , لوحة تشكيلية ,) وهلم جرا من أنواع التشكيل المختلفةِ , سؤال يعيشهُ كلُ مُبدعٍ في سيرورة العملية الإبداعية الفطرية سؤالٌ يشكلُ جوهرنا المُبدعَ ويحركهُ , فيا ترى مـــَا الهاجسُ الإبداعيّ ؟ ومـَـا مكوناته ؟ وما الآلياتُ التي تحكمهُ ؟ وما العوامل المؤثرة فيه ؟
إنّه تلك الطاقة المحركة الداخليةُ للذّات الإبداعية الفطرية المبثوثةِ في ذواتنا أصلا وخلقةً وأيضًا هو مجموعة المنبهاتِ التي نكتسبهَا بالتجريبِ والممارسة أي تلكَ الطاقة الخارجية المُحركة للطاقة الداخلية التي تزودهَا وتشحنهَا شحنًا شعُوريّا حتى تتواصل حركية العملية الإبداعية بغض النظرِ عن القوالب الشعورية التي تفرزها العملية الإبداعية إذ يمكنُ حصرُ مكوناتِ الهاجس الإبداعي في ثنائيةِ
(الفِطْرِيّ الداخليّ , والمكتسب الخارجيّ ) فالمكونات الداخلية فطرية مرتبطة بإفرازات العملية النفسية المتأرجحة بين المكونات الشّخصية البسيطة والمركبة للمبدعِ إذ تعكسُ هذه الأخيرةُ شخصية المبدع وسلوكه الإبداعي تجاه حدث إبداعيّ معين مختصرة في المحركات الداخيلةِ التي تجعلهُ يتفاعلُ مع الحدث الإبداعيّ إذ تنبعُ عملياتُ التفاعل الداخليّ تلكَ من عمق الذات المبدعة دافعةً إياهَا للخلقِ والإبداع والإبتكار بغضِ النظرِ عن مهارةِ المُبدعِ في إخراجِ العمل الإبداعيّ إذ يمكن تسميةُ المحركات الدافعة بالدافعية الإبداعية التي تحققُ ذات المُبدعِ من خلال العمل الإبداعي المقدم .
والمكونات المكتسبةُ خارجيةٌ تبتدئُ بالإنفعالِ تجاه حدثٍ معينٍ يمكنُ حصره في مجموعةٍ من المنبهات الخارجيةِ الدافعةِ والمحركةِ وتيرة َ المكوناتِ الفطريةِ الداخليةِ المغذيةِ بدفعها الخارجي المنبهِ المشحونِ بالقوةِ الخارجية الدّافعةِ المُعزّزةِ المُنشطةِ تلكَ القُدراتِ الدّاخلية العملاقةِ النائمة ِ في ذواتنا
وتنتهي بتحقيق الرغبةِ الجامحةِ لهذا الهاجس المُحركِ لقٌدرةِ الخلقِ والإبداعِ في ذواتنا فإذا استيقظت
هذه الطاقة العملاقة في ذواتنَا تحررَ الهاجسُ الإبداعيّ الداخليّ وتقمص كلّ تلك المُنبهاتِ الخارجية
التي تعتبرُ الوجهَ الآخر للعمليةِ الإبداعيةِ وإذ ذاك تلتحمُ ثنائيةُ المكوناتِ الفطرية الداخليّة , والمكونات الحاثة الخارجية المكتسبةِ مما يساعدُ في بروز الظاهرة الإبداعية على مستوى الذّاتِ المُبدعة وإذ ذاك يكون الهاجسُ الإبداعيّ خلاقًا مُبتكرًا بما يحملهُ مفهومُ الخلقِ والإبتكارِ من معنىً وأيضًا الآليات التي تحكمُ الهاجسَ الإبداعيّ داخلية وخارجية أيضا إذ تتمثلُ الأولى في الميولِ والاتجاهاتِ الشّخصية ِ والقدرات الفردية ومدى درجة الإشباعِ التي يبحثُ عنها المُبدعُ من خلال هذا الهاجسِ , والــــــــــثانية ( خارجية) تتمثل في أُطرِ العاداتِ والتقاليدِ والأعرافِ والموجهاتِ والقيّم الثقافية التي تربطُ الفردَ المُبدعَ بالمجتمعِ , وأيضًا العواملُ المؤثرةُ في الهاجسِ الإبداعيّ داخلية وخارجيةٌ فالأولى تتمثلُ في جميعِ الإفرازاتِ النفسية البسيطةِ أو المعقدةِ حسبَ التشكيلةِ الفطريـة للمُبدعِ إذ يبرزُ من خلالها نسقُ الشخصيّةِ المتصلةِ دائمًا بالقيم ِ والمُوجهاتِ والمُحدِّاداتِ وهي الأطر الخارجية المؤثرة بدورهَا في الهاجسِ الإبداعي إذ العملية الابداعية التي يحركها هذا الاخير تخضعُ لسيرورةٍ نفسيةٍ إجتماعيّةٍ يعيشها المُبدعُ بينه وبين ذاتهِ تؤثّرُ في هذا الأخير ومن ثمّة في العملية الإبداعيةِ وما تفرزه من قوالبَ شعورية مختلفة .......
بقلم عادل سلطاني / بئر العاتر
__________________