التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,842
عدد  مرات الظهور : 162,295,548

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > جمهوريات الأدباء الخاصة > مدينة د. منذر أبو شعر
مدينة د. منذر أبو شعر خاصة بكتابات وإبداعات الدكتور منذر أبو شعر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16 / 05 / 2013, 49 : 10 AM   رقم المشاركة : [1]
د. منذر أبوشعر
محقق، مؤلف، أديب وقاص

 الصورة الرمزية د. منذر أبوشعر
 





د. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

نجيب محفوظ ..وأولاد حارتنا

[align=justify][align=justify]
كُتبت أولاد حارتنا عام (1957 م)، ونشرت مسلسلة بجريدة الأهرام عام (1959 م)، وطالب الأزهر بوقف نشرها في الجريدة، لكن السلطة المصرية آنذاك رفضت ذلك، وذكر محمد حسنين هيكل (ت: 2016 م) ـ وكان رئيس تحرير الأهرام وقت نشر الرواية ـ أن قرار الاستمرار في نشرها بالأهرام، وعدم مساءلة نجيب محفوظ، كان بقرار شخصي من الرئيس جمال عبد الناصر (ت: 1970 م). وكان حسن صبري الخولي (ت: 1982 م) الممثل الشخصي للرئيس طلب مقابلة نجيب محفوظ، وأبلغه أنه سيتم غلق ملف رواية «أولاد حارتنا»، شرط عدم نشرها داخل مصر حتى لا تثير غضب بعض رجال الدين؛ وسأله إن كان يوافق على لقاء مع بعض رجال الأزهر لمناقشة رموز الرواية؛ فوافق نجيب محفوظ على الفور، وذهب في الموعد المحدد، لكن لم يحضر أحد للمناقشة. وبالتالي لم تنشر أولاد حارتنا في كتاب داخل مصر، إنما نشرت في بيروت سنة (1967 م)؛ ثم ترجمت إلى الفرنسية عام (1988 م) عن دار سندباد للنشر وقال نجيب محفوظ ليوسف القعيد إنها ترجمت باسم أبناء الجبلاوي؛ وأخرجها لاحقاً للإذاعة المخرج: حسين أبو المكارم، لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، من بطولة: سميحة أيوب، وعبد الله غيث، وعبد الرحمن أبو زهرة، وتوفيق الدقن.
وهي أول رواية يكتبها نجيب محفوظ بعد ثورة يوليو / تموز، إذ انتهى من كتابة الثلاثية عام (1952 م) عام الثورة؛ وكان يرى أن التغيير الذي كان يسعى إليه من خلال كتاباته سيحققه الضباط الأحرار؛ فقرر أن يتوقف عن الكتابة الأدبية، وعمل كاتب سيناريو وألف عدة نصوص للسينما.
لكنه بعد انتظار خمس سنوات، رأى أن الثورة تنحرف عن مسارها التي قامت لأجله؛ فقد كان حلم الناس تحقيق السعادة للجميع في ظل الحق والعدل والخير والجمال. وكان نجاح الثورة كفيلاً بتحقيق ذلك الحلم الجميل، بعد إعلان المبادئ الستة الشهيرة: القضاء على الإقطاع، والقضاء على الاستعمار، والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وإقامة جيش وطني قوي، وإقامة عدالة اجتماعية = فأتى التطبيق بعيداً عن الأحلام، لأن القائمين عليه بشر (غير كاملين)، وبقيت القيم النبيلة التي سعت إليها الثورة، قيماً (ورقية) وشعارات لا رصيد لها = فجاءت الرواية بأسلوب رمزي، في قالب روائي، مستوحاة من قصص الأنبياء والرسل، بخلفية اجتماعية أقرب إلى النظرة الكونية الإنسانية العامة: تسرد قصة الخلق وحياة الأنبياء والرسل كما روتها الديانات الإبراهيمية: اليهودية والمسيحية والإسلام= تصوّر تطور الحياة البشرية منذ خلق تعالى الإنسان، إلى جانب الشخصية الأولى في الرواية التي ترمز إلى الله عز وجل = بهدف الاستفادة من قصصهم، لتبيين توق المجتمع الإنساني للقيم التي سعى الأنبياء لتحقيقها.
فكانت قصص الأنبياء إطاراً فنياًّ لنقد ممارسات الثورة والنظام الاجتماعي الذي كان قائماً، بتذكير قادتها غاية الثورة الأساسية. لكنها في ذلك السرد والتوظيف اعتبرت غاية في الجرأة عندما صوَّرت الذات الإلهية بصفة أرضية، متحدثة عن (الظلم الإلهي) الذي حلَّ بالبشر، خصوصاً الضعفاء، ملغية صفة العدل الإلهي وغيرها من الصفات الإلهية؛ مع أنَّ محورها العام يدور حول أسئلة الكون الكبرى: من أين جئنا ؟ وإلى أين نذهب ؟ وما الذي يحدث لنا فيما بين المجيء والذهاب ؟ وما الدور الذي يؤديه الدين في حياتنا ؟ وماذا يفعل الأنبياء معنا وبنا ؟ وما القدر ؟ وكيف يمارس سطوته علينا ؟ وماذا تفعل بنا الدنيا ؟ وماذا نفعل معها ؟
والقارئ لن يجد عناء في اكتشاف نقاط التوازي كما يرويه تاريخ الأديان، وبين العالم المتخيل كما خطط له نجيب محفوظ وصاغه بعناية فائقة.
وشخصيات الرواية هي:
1الجبلاوي: الشخصية الوحيدة التي ظلت موجودة طوال الرواية، وفي النهاية يموت حزناً على خادمه. ويرمز إلى الله تعالى، واستقى الاسم من كلمتين: الأولى: جلّ جلاله، والثانية: من الجبل الذي يرمز إلى العلو والشموخ والرفعة.
عاش في الحارة وحده وهي خلاء خراب؛ ويبدو بطوله وعرضه خلقاً فوق الآدميين، كأنما من كوكب هبط. ليس كمثله أحد في حارتنا ولا في الناس جميعاً، وبقي عبر هذا التاريخ الطويل معتزلاً حياة الناس، مختفياً، لا يراه أحد، ولا يعلم الناس عنه شيئاً إلاّ من خلال ما يُروى. لا يلتقي به أحد وإنما يتصل بمن يريد من خلال خدم له.
2أدهم: سيدنا آدم عليه السلام .
3إدريس: إبليس عليه لعنة الله. يقول نجيب محفوظ: عندما أراد الجبلاوي أن يقوم غيره بإدارة الوقف تحت إشرافه، وكان هو المرشح الطبيعي للمنصب، فيستلمه أدهم: اندفع خطوات حتى كاد يلاصق أدهم، وانتفخ كالديك المزهو ليعلن للأبصار فوارق الحجم واللون والبهاء بينه وبين أخيه، وانطلق الكلام من فيه كما ينطلق نثار الريق عند العطس بغير ضابط: ـ إني وأشقائي أبناء هانم من خيرة النساء. أمَّا هذا فابن جارية سوداء. فشحب وجه أدهم الأسمر دون أن تند عنه حركة، على حين لوَّح الجبلاوي بيده قائلاً بنبرات الوعيد:ـ تأدَّب يا إدريس. لكن إدريس كانت تعصف به عواصف الغضب المجنونة، فهتف:ـ وهو أصغرنا أيضاً، فدلني على سبب يرجحني به ألاّ أن يكون زماننا زمان الخدم والعبيد. واكفهر الوجه الكبير حتى حاكى لونه النيل في احتدام فيضانه، وتحرك صاحبه كالبنيان، مكوّراً قبضة من صوَّان.
4 أميمة: حواء، أم البشر: وقف أدهم ينظر إلى ظله الملقي على الممشى بين الورود، فإذا بظل جديد يمتد من ظله واشياً بقدوم شخص من المنعطف خلفه.بدا الظل الجديد كأنما يخرج من موضع ضلوعه، والتفت وراءه فرأى فتاة سمراء وهي تهم بالتراجع عندما اكتشفت وجوده.
5عباس ورضوان وجليل: رمز إلى بعض الملائكة، لا ولد لهم .
6قدري وهمام: قابيل وهابيل .وفي قتْل هابيل، يقول نجيب محفوظ: وانحنى قدري بسرعة فالتقط حجراً، وقذف به أخاه بكل ما أوتي من قوة. وبادر همام ليتفادى الحجر، لكنه أصاب جبينه؛ وبدت عنه آهة، وجمد في موقفه والغضب يشتعل في عينيه. وإذا بالغضب يختفي منهما فجأة كأنه شعلة رُدمت بتراب كثيف. وإذ بفراغ قاتم يحل فيهما. فبدت العينان وكأنهما تنظران إلى الداخل. وترنح، ثم انكفأ على وجهه.
7جبل: موسى عليه السلام، أخذ اسمه من جبل الطور جنوب شبه جزيرة سيناء، قرب دير سانت كاترين.
يعيش في بيت الأفندي، وكانت الهانم امرأة الأفندي رأته عارياً يستحم في حفرة مملوءة بمياه الأمطار، فمضت تتسلى بمشاهدته، فمال قلبها الذي حرمه العقم من نعمة الأمومة إليه، فأرسلتْ من حمله إليها وهو يبكي خائفاً. بدا مورد الوجه بعد جولته في الخلاء، وجرتْ حيوية الشباب في جسمه الفارع القوي، ووجهه ذي الملامح الصريحة، وبخاصة أنفه المستقيم وعينيه الكبيرتين الذكيتين.
وعندما عاد إلى منزله بعد غياب: جرتْ عينا هدى عليه في دهشة ممزوجة بانزعاج، وهو يبدو بجسمه الفارع في جلباب خشن، مشمر وسطه بحزام غليظ، وفي قدميه مركوب شبه بال، وعلى شعره الغزير طاقية عتماء.
8 الناظر أو الأفندي: فرعون. يتعالى على آل حمدان ويستخف بهم، ويربي جبلاً في بيته. يقول نجيب محفوظ: وانزاح الستار، فخرج الأفندي بنفسه متجهم الوجه، وتقدم في خطوات حادة غاضبة حتى وقف عند رأس السلم. لم يبد من شخصه المتلفع بالعباءة إلاّ وجهه الغاضب وشبشبه الوبري وسبحة طويلة في يمناه. وعندما يثور عليه آل حمدان، بدا على عتبة الباب، خافض الرأس، شاحب الوجه، كأنه ملثم بكفن أبيض.
9 امرأة الأفندي هدى هانم: آسية امرأة فرعون .
10البلقيطي: نبي الله شعيب عليه السلام: كهل، قصير، مدمج الجسم، برَّاق العينين، يشد جلبابه على وسطه بحزام، وقال: رأى جبل البلقيطي جالساً في فراشه متقوس الظهر، يدلك بيديه المعروقتين ساقيه تحت الغطاء. وابتسم في ارتياح رغم الدوخة الملمة في رأسه لقلة النوم؛ فلعن الأوهام التي تعشش في الرأس في الظلام وتتبدد في النور كالخفافيش.. وسمع البلقيطي يتثاءب بصوت مرتفع متماوج كالحية الراقصة، فهاج صدره وراح يسعل طويلاً بشدة، حتى خيل إليه أن وجهه سيلفظ عينيه.
11 شفيقة وسيدة ابنتا البلقيطي: ابنتا شعيب عليه السلام: بدتا في جلبابين فاقعي الألوان ينسدلان على جسميهما، فلم يظهر منهما إلاّ وجهان يزهر فيهما الشباب. مرَّت عيناه بأقصرهما دون توقف، ثم ثبتتا على الأخرى ذات العينين السوداوين فلم تتحولا عنها. وعندما ذهب إلى منزلهما: لم يعطف عليه النوم إلاّ قبل الفجر، إذ عانى من الخوف كثيراً. وزاره طيفها في هلوسة المخاوف كما تسَّاقط أوراق الياسمين على حشائش جافة تسعى بينها الحشرات. وظهرت شفيقة على عتبة الباب وهي تُنقّي عدساً في طبق على يدها، وقد لفَّت رأسها بخمار أرجواني أكَّد صفاء وجهها.
12 قدرة فتوة آل حمدان: القبطي الذي وكزه موسى عليه السلام: تقدَّم خطوات بجسمه القصير المدمج ووجهه المتحرش بكل شيء.
13 دعبس أحد آل حمدان: الإسرائيلي الذي استغاث بموسى عليه السلام
14 ضلمة: مؤمن آل فرعون الذي قال لموسى عليه السلام: ﴿إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين﴾ - القصص:20 -.
15 شافعي: يوسف النجار، لكن محفوظ جعل عبدة متزوجة من شافعي وأنجبت منه رفاعة. وهذا يخالف ما جاء في القرآن الكريم والكتاب المقدس.
16عبدة امرأة الشافعي وأم رفاعة: السيدة مريم .
17رفاعة: المسيح عيسى عليه السلام، سماه بذلك لأن الله رفعه إليه: بدا بقامته الطويلة، وعوده النحيل، ووجهه الوضاء، فتى جذاب المنظر، ينضح بالوداعة والرقة، غريباً في الأرض التي يسير فوقها.
ويوم زفافه: جلس في جلباب حريري مهفهف، على رأسه لاسة مزركشة، وفي قدميه مركوب فاقع الاصفرار.
18 ياسمينة، الساقطة التي تزوجها رفاعة: السامرية التي التقى بها المسيح عليه السلام: تراءت في نافذة مطلة على الدهليز فتاة حسناء ذات جمال وقح، وقفت تمشط شعرها أمام زجاج النافذة؛ ووجدها يوماً في جلباب بني ذي كلفة بيضاء حول الطوق وفوق نهضة النهدين. حافية، عارية الساقين. ولبثت صامتة ملياً كأنما لتمتحن أثر منظرها في نفسه؛ فلمَّا رأت صفاء عينيه لا يتغيَّر، أشارت إلى ترابيزة صغيرة قائمة على ثلاثة أرجل.
19 زنفل أحد فتوات الحارة: هيرودوس الأول، أمر بقتل جميع الصبيان الذين ولدوا في بيت لحم وفي تخومها، من ابن سنتين فما دون.
20 قاسم: رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدا في جلباب أزرق نظيف ـ نظيف بالقدر المتاح لراع ـ متلفح الرأس بلاسة غليظة وقاية من الشمس، ومنتعلاً مركوباً قديماً بالياً تهتكت أطرافه. وعند الأصيل نهض، ثم تمطى متثائباً. وتناول عصاه وهو يصفر صفيراً منغماً، ثم لوَّح بعصاه ونعق بالغنم، فمضت تتجمع وتتحرك. وعندما قدم إلى الجبل، تلقاه الرجال بالعناق، وصافحته النساء، وهم يهللون وينشدون، وقد ابتهج الأفق بالنور المتدفق كأنه بحيرة من الورد الأبيض.
21 زكريا عم قاسم: أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
22 حسن: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم: في السادسة عشرة من عمره. طويل القامة. متين البناء. عيناه جاحظتان.
23 صادق: أبو بكر الصديق رضي الله عنه. خلَّف قاسم على النظارة فسار سيرته. وكان رقيق المشاعر، مقارباً لقاسم في سنه وطوله ولكنه أنحل منه عوداً.
24 قمر: السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: سيدة أربعينية، بدت أمام قاسم في ملاءة لف حوت جسمها المليء، وطالعته من برقعها عينان سوداوان ينديان بالحنان، فتأثر من نظرتها الحنونة قبل كلماتها الطيبة؛ وهذا حاله كلما أسعده الحظ بلقائها، فيعجب من جمالها المحتشم وما ينفحه في روحه من بهجة غامرة. بدت فخيمة، مليئة، بضة، مليحة، ذات بهاء، وعندما مرضت مرض الموت، انفرجت شفتاها الشاحبتان عن ابتسامة كالزهرة الذابلة في عود ناضب، وقالت: «ستعود الصحة إلى سابق عهدها»، بذلك دعا قلبه. لكن ما هذا الغيم يغشى العين؛ وما هذا الجفاف يسري في الوجه؛ وما تلك القدرة على إخفاء الألم ؟ كان الظلام يهبط وئيداً، وسرب من الحمام يعود إلى برجه، ونجمة وحيدة تومض في الأفق. وتساءل عن معنى النظرة الغريبة التي تلوح في عين قمر، كأنها لا ترى، وعن اهتزازات جانب فمها غير الإرادية، وعن الزرقة التي تصبغ شفتيها، وعن شعوره بالانقباض. ولم يكن ثمة صوت في الحي إلاّ نواح الرباب؛ وبدت كأنها تقاوم ضغطاً شديداً، فلوحت بيدها، واشتد ميله نحوها حتى امتلأ بأنفسها. وتلوَّت، وامتدت رقبتها كالمستغيثة، وانطلق صدرها في عنف، وزفر حشرجة قاسية. فأحاطها بذراعيه ليجلسها، ولكنْ ندت عنها شهقة كأنها وداع أبكم، وانهار رأسها على صدره.
25 سكينة خادمة قمر: نفيسة بنت منية خادمة السيدة خديجة: شعرها مفلفل، وخطه المشيب، ذات صوت نحاسي.
26 بدرية: السيدة عائشة رضي الله عنها: فتاة في الثانية عشرة أو تزيد. ملفوفة على غير المألوف في ملاءة، وعلى الوجه حجاب. ولمَّا دخلت على قاسم: نزعت النقاب، فبدا وجه بدري قمحي بديع القسمات، يقطر خفة. فأدرك أن جسمها أكبر من سنها.
27 قنديل خادم الجبلاوي: جبريل عليه السلام .
28عرفة: العلم، مجهول الأب، إشارة إلى أن العلم ليس له أب ولا جنس معين: كان يرتدي جلباباً ترابي اللون على اللحم، ويشد على وسطه حزاماً شطر جلبابه شطرين انداح أعلاهما وتدلى وامتلأ بأشياء فيه، وانتعل مركوباً باهتاً متهتكاً، أمَّا رأسه فبدا عارياً، مشعث الشعر غزيره؛ وكان أسمر اللون، مستدير العينين، حاد البصر، تلوح في محجريه نظرة قلقة نافذة، وفي حركاته ثقة واعتداد. وقد شعر بالرهبة وهو يقتحم مخدع الجبلاوي: متى يألف الظلمة ؟ وكيف يلم نفسه المبعثرة ؟ ومن وقف موقفه هذا من قبل ؟ وكيف يشعر بأنه سينهار إلى الحضيض إذا لم يستمسك بكل ما أوتي من قوة وعزم وجرأة ! وتوعد نفسه بالهلاك إذا لم يحسب لكل حركة حسابها الدقيق. وتذكر حركة السحب في جريانها الذي يرسم لها أشكالاً غريبة بطريقة عفوية، فيرسم جبلاً كما يرسم قبراً.أأأأا
** ** **
قال جورج طرابيشي (ت:2016 م): إن محفوظ أراد أن يُعيد كتابة تاريخ الإنسانية منذ أن كان الإنسان الأوَّل، وما الإنسان الأوَّل إلاَّ آدم الذي إليه جميعاً ننتمي في نظر التفسير الديني للتاريخ، ولكن هل من الممكن أن نتحدث عن آدم دون أن نتحدث عن الله وعن الأرض وعن ملائكة السماء وعن إبليس وعن الحلم المستحيل في استعادة الفردوس؟ وكيف يمكن أن يكون الله والملائكة وإبليس وآدم شخصيات في رواية؟ أي:كيف يمكن الحديث عنهم دون انتهاكٍ للقدسيات ؟ لقد وجد نجيب محفوظ الحل في تلك الحارة الواقعية (الله في رحلة نجيب محفوظ الرمزية ص8).
فالحارة هي الأرض التي يعيش عليها الإنسان، والجبلاوي هو الله، والحديقة هي الجنة التي طُرِد منها آدم وحواء بإغواء إبليس.
وفي نهاية الرواية يأتي عرفة الذي يرمز إلى العلم، ولا يؤمن بالجبلاوي، ولا يعترف بجبل ولا رفاعة ولا قاسم، ويكون الخلاص على يديه، ويستطيع أن يفعل ما لم يفعله أحدٌ، ويموت الجبلاوي بسببه بعد هذه السنين الطويلة التي عاشَها مختفياً عن الناس: كان يراقب تصرُّفاتهم، ويعيش في أذهانهم وخواطرهم.
فيصف نسيان الناس للقِيَم، ومحاولة البعض القضاء على الدين في نفوس الناس، وإنكار العلم للدين في فترةٍ وعودته إليه بعد ذلك، بدليل دعوته على لسان عرفة إلى إعادة الجبلاوي إلى الحياة، وإذا استطاع ذلك فلن يعرف الناس الموت.
فنجيب محفوظ يرصد حركة الفكر الإنساني، كيف أنكر في مرحلة من مراحل تطوره الله خالق الأكوان، وكيف عاد إليه فيما بعد بلبوس جديد؛ منادياً بعدم تجريم الفكر، ورفض أي نظرية في مجملها، سواء كانت ماركسية أو شيوعية أو ليبرالية أو دينية. باعتبار أن هناك دائماً بعض التفاصيل، في كل الأنظمة والتيارات، ينبغي الاستفادة منها لمصلحة الوطن، وترك ما لا ينفع.
مؤكّداً في أحاديثه أن الجبلاوي ليس بحال من الأحوال تشخيصاً رمزياً للخالق، ولا يقتضيه أيُّ اعتبار أدبي، فضلاً عن أن يستسيغه أو يتقبله. فكتاباته كلها تتمسك بمحورين: الإسلام الذي هو منبع قيم الخير في الأمة، والعلم الذي هو أداة التقدم في الحاضر والمستقبل؛ والناس حين تخلوا عن الدين، ممثلاً في الجبلاوي، وتصوَّروا أنهم يستطيعون بالعلم وحده، ممثلاً في عرفة، أن يديروا حياتهم على أرضهم، التي هي الحارة، اكتشفوا أن العلم بغير الدين تحوَّل إلى أداة شر.
فالرواية بمجملها تتحدث عن العدل المفقود؛ العدل الذي أمل نجيب محفوظ أن يحققه انقلاب (1952م) ولكنه لم يحدث.. فقد عاد النظار للجلوس مرة أخرى على مقاعد السلطة والسيطرة. ولا حل لأزمة مصر إلاّ بالتخلص من النظار والأوصياء على الشعب، بنشر العدل الاجتماعي ليس بالأقوال ـ، وبخوض الشعب معركته ضد الجهل والخرافات التي تساعد على بقاء النظار في السيطرة. وبرغم قتل الجبلاوي، لكنه يجب أن يكون متواجداً دائماً، فهو الروح التي ستنقذ الجميع من السقوط في المادية المفرطة.
وهذا ليس عذراً، وتبرير غير مقبول، فوصف الله تعالى بصفة (رجل) تأباه النفس، ويكسر بحدَّة كل صور القدسية؛ و(الخطأ) في الرواية إنما هو في تجسيد (المقدس) الفطري بـ (صورة بشرية)، وهو غير المستساغ. قال البروفسور رينيه دوبو (ت: 1982 م): أكبر مشكلة حادة في الحياة المعاصرة - هي في الغالب - شعور الإنسان أنَّ الحياة قد فقدت معناها. فالمشاعر الدينية والتقاليد الاجتماعية القديمة تنخرها المعلومات العلمية وسخافة الأحداث العالمية الباطلة؛ ونتيجة لذلك انتشر تعبير:«مات الإله» بصورة واسعة في الأوساط اللاهوتية والعلمانية على السواء.
وبما أنَّ فكرة «الإله» كانت ترمز لوحدة الكون بمجموعه: الخَلْق والمخلوقات، لذا يبقى الإنسان الآن بدونها كسفينة بلا مرساة، لا قرار له. والذين يؤكدون مقولة «مات الإله» يعنون بها موت الإنسان التقليدي الذي كان يستمد معنى حياته من صلاته ببقية المخلوقات في الكون.
ويقول: (الغربة) كلمة مبهمة، إلاَّ أنها تعبير عن حالة منتشرة بصورة هائلة الآن في مجتمعات الرفاه المادي.. وتتعايش الآن في مجتمعاتنا أشكال متنوعة من الغربة: فالضيق الاجتماعي والثقافي لا يؤثر فقط على المفكرين الواعين والعمَّال الصناعيين والطبقات الفقيرة، بل يؤثر أيضاً على كل الذين يشعرون بانسحاق فرديَّتهم. فالأوضاع السائدة تفرض عليهم مقاييس جماعية لا تسمح لهم بإبراز وتوكيد ذاتيَّتهم وهويتهم. ومن الأسباب الأخرى للغربة النفسية الفشل التام - حتى في أكثر المجتمعات تقدماً ورفاهاً مادياً - في إقامة علاقات متناسقة بين حياة الإنسان ومجموع بيئته. والاعتقاد بأنَّ العالَم المعاصر سخيف وباطل ليس مقتصراً على الفلاسفة والأدباء المبرِّزين، فهو منتشر بين كل الفئات الاجتماعية والاقتصادية ويؤثِّر على كل مظاهر ونشاطات الحياة.. وذلك لانقطاع الصلات الاجتماعية الحميمة والانفراد والوحشة التي تعمُّ المدن المعاصرة.
فالإنسان العصري قلق، حتى لو كان في زمن السلم وفي جو البحبوحة الاقتصادية.. وغريب معزول عن أعماق ذاته (إنسانية الإنسان 46 ط، مؤسسة الرسالة).
وقال د. يوسف القرضاوي: عبارة «موت الإله» شديدة الوقع على الحس الإسلامي والعقل الإسلامي، لأن الإله عندنا هو رب الناس، ملك الناس، إله الناس، الذي خلقهم وسوَّاهم، وأحياهم ثم يميتهم ثم يُحييهم، ومثل هذا الإله المحيي المميت لا يُتصوَّر أن يموت، بل هو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، بلْه أن يعتريه موت.
أمَّا إله الغرب، أو إله المسيحيين، فهو في اعتقادهم مجرد بَشَر تجسَّد فيه، أو حلَّ فيه روح الإله، وهم يعتقدون أنه صُلب من قبل، فلا غرابة أن يموت من بعد !
وقال: إنَّ البشرية اليوم في حاجة إلى حضارة جديدة، لها فلسفة ورسالة غير فلسفة الحضارة الغربية ورسالتها.. البشرية في حاجة ماسَّة إلى حضارة تعطيها الدين ولا تُفقدها العلم، تعطيها الإيمان ولا تسلبها العقل، تعطيها الروح ولا تحرمها المادة، تعطيها الآخرة ولا تُحرِّم عليها الدنيا، تعطيها الحق ولا تمنعها القوة، تعطيها الأخلاق ولا تسلبها الحرية.
إنه في حاجة إلى حضارة تتصل بها الأرض بالسماء، وتتعانق فيها المعاني الربَّانية والمصالح الإنسانية، ويتآخى فيها العقل المفكر والقلب المؤمن، ويمضي فيها الإنسان قُدُماً إلى الأمام مستضيئاً بنور الوحي الإلهي ونور الفكر البشري، فكلاهما من فضل الله ورحمته بالإنسان.
.. حضارة تُعيد إليها إيمانها بالله وبرسالاته، وبلقائه وبحسابه وعدالة جزائه (الإسلام حضارة الغد 136).
وسيكرر نجيب محفوظ ذات الرمز في الطريق، وحكاية بلا بداية ولا نهاية، وحارة العشاق من مجموعة حكاية بلا بداية ولا نهاية، و(زعبلاوي) من مجموعة دنيا الله، وشخصية (موجود الديناري) من مجموعة: الشيطان يعظ. وجميعه صادم للذهنية الدينية: فالله ليس كمثله شيء،ولا تضرب به الأمثال، ولا يقاس بأحد من خلقه.[/align][/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع د. منذر أبوشعر
 تفضل بزيارتي على موقعي الشخصي

http://drmonther.com

التعديل الأخير تم بواسطة د. منذر أبوشعر ; 25 / 10 / 2017 الساعة 38 : 11 PM.
د. منذر أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 05 / 2013, 44 : 03 PM   رقم المشاركة : [2]
ميساء البشيتي
شاعر نور أدبي

 الصورة الرمزية ميساء البشيتي
 





ميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: القدس الشريف / فلسطين

رد: نجيب محفوظ ..وأولاد حارتنا

الأديب العزيز د. منذر
صباح الورد
أثني على فتح صفحة مستقلة لأولاد حارتنا حتى نخصها
بالتفاعل والتواصل بشكل أكبر ولكن لا أدري هل سيكون هناك إضافات
أم ستكتفي بهذه اللمحة الموجزة .. ولا أزال عند فكرة تحميل الرواية
من النت والقراءة المشتركة علنا نثري النقاش هنا ..
ودمت أخي بألف خير وسعادة .
توقيع ميساء البشيتي
 [BIMG]http://i21.servimg.com/u/f21/14/42/89/14/oi_oay10.jpg[/BIMG]
ميساء البشيتي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 05 / 2013, 03 : 04 PM   رقم المشاركة : [3]
د. منذر أبوشعر
محقق، مؤلف، أديب وقاص

 الصورة الرمزية د. منذر أبوشعر
 





د. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: نجيب محفوظ ..وأولاد حارتنا

أميرة عذب البوح الجميل الحقوقية أختي ميساء البشيتي:
وضعت المقال هنا بناء على رغبة الكثير من الأصدقاء ،لسهولة القراءة والمتابعة.
ومرورك يُكسب المكان ألقاً وحركة حياة.
والخير كله لك ،ونبقى مع طيب صدق الحديث.

توقيع د. منذر أبوشعر
 تفضل بزيارتي على موقعي الشخصي

http://drmonther.com
د. منذر أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
..وأولاد, هدية, حارتنا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عزت القمحاوي يفوز بجائزة نجيب محفوظ لعام 2012 محمد الصالح الجزائري جمهورية يوم.الجمعة والعطل الرسمية والأعياد 2 30 / 12 / 2012 35 : 01 AM
يا ولاد حارتنا عبدالله الخطيب نورالاستراحة الصوتية والمرئية 3 11 / 05 / 2010 51 : 02 AM
نجيب محفوظ الكاتب المصرى العربى الحاصل على نوبل للسلام امال حسين أدباء أعرفهم 6 02 / 05 / 2010 35 : 10 PM
الروائي نجيب محفوظ قاسم فرحات شخصيات لها بصمات 1 09 / 01 / 2008 07 : 03 AM


الساعة الآن 58 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|