[د. منذر أبوشعر]

زقاق المدق هو أحد أزقة القاهرة المعزية في منطقة الحسين،يتفرع من شارع الصناديقية الموازي لشارع الأزهر،ويمتاز بطريقه المبلط بصفائح الحجارة.

وهو صغير نسبياًّ،فما هو إلا بيتين متلاصقين ،يتكوَّن كلاهما من طوابق ثلاثة:

البيت الأول يملكه السيد رضوان الحسيني صاحب الطلعة البهية، ذو اللحية الصهباء ،الذي يشع النور من غرة جبينه، وتقطر صفحته سماحة وبهاء وإيماناً،رغم أن حياته في مدارجها الأولى كانت مرتعاً للخيبة والألم: فقد فشل في دراسته في الأزهر،دون أن يظفر بالعالمية، وابتلي بفقد الأولاد، فلم يبق له ولد على كثرة ما خلف من أطفال. فذاق قلبه الخيبة، حتى أترع باليأس، لكنْ من ظلمة الأحزان أخرجه صدق إيمانه إلى نور الحب، ففرَّغ حبه للناس جميعاً،فكان كل شيء حوله يلوح بالقياس إلى طمأنينته الراسخة قلقاً مضطرباً.فهو الصورة المثلى،والنموذج الإيجابي للشيخ المسلم ،الدائم الحضور في الأزمات ،مصلحاً وناصحاً، المترفع عن الأغراض، الصافي النقي، الناطق بالإيمان والخير والحب.

ويسكن المعلم كرشة في الطابق الثالث من منزل السيد رضوان، ويمتلك قهوة مشهورة في الزقاق. وله ابن وحيد يدعى حسين وعدد من البنات كلهن متزوجات. لكن بيته لا يفتأ تقع فيه فضيحة كل يوم،لشذوذ المعلم وتعلقه بالصبيان ! وهو شخصية محيرة.. فقد تدهور من فتى ثائر و عضو فاعل فى ثورة 1919م إلى بلطجي وتاجر مخدرات و شاذ ! فهل يقول محفوظ إنَّ الذين آمنوا بثورة 1919م، انتهوا مع انتهاء الثورة إلى لاشيء؟ وهل هذا مصير كل من ينتمي إلى ثورة قائدها باشا؟!

ويسكن عم كامل بائع البسبوسة وعباس الحلو صاحب صالون الحلاقة في الطابق الأرضي.

والبيت الثاني تملكه الست سنية العفيفي، امرأة يقارب عمرها الخمسين، وكانت تزوجت في شبابها بصاحب دكان روائح عطرية، ولكنه كان زواجاً لم يصاحبه التوفيق. فأساء الرجل معاملتها، وأشقى حياتها، ونهب مالها، ثم تركها أرملة منذ عشرة سنين.ولمَّا عاودها الحنين إلى الزواج، ذهبت إلى الست أم حميدة التى تسكن في الشقة الوسطى مع ابنتها حميدة، وكانت ربعة ممتلئة في الستين، فوعدتها المرأة خيراً.

وحميدة ،هي الشخصية المحورية في الرواية ،تدور حولها الأحداث والشخصيات : فتاة في العشرين من عمرها، مغرورة، لا تخشى رجلاً ولا امرأة في الزقاق، وترى أن جميع رجال الزقاق لا يستحقون الحسن الذي تملكه.

أبصرت النور يتيمة، وتلقفتها زميلة أمها فى بيع المفتقة، فتولت تربيتها، وأحبتها كابنتها. لكننا منذ اللحظة الأولى لا نتعاطف معها على الإطلاق ! فهي كما تطلق عليها أمها بالتبني " الخماسين" تلك الرياح الموسمية الحارة المحمَّلة بالأتربة والرمال والقاذورات.. بلا قلب، وبلا مشاعر، وبلا رحمة ! تعشق المال، لأنه هو القوة، وهو النفوذ،والمفتاح السحري للدنيا ! وتُسَخِّر حب جارها عباس الحلو لرغباتها، فتوهمه بالحب، كي يهجر محله - محل الحلاقة في الزقاق- ويسافر للأورنس (معسكرات الجيش الإنجليزي في التل الكبير، إحدى مدن القناة بمحافظة الإسماعيلية) ليجمع لها المال ! بل توهمه أنها تعشقه ! وتقول له إنها ستدعو له في مسجد الحسين ليعود سالماً غانماً ! لكنها بعد سفره تقبل خطوبة السيد محمد علوان الرجل الغني في الزقاق، فالمال و الجاه هو ما تقدر عيناها الجميلتان على رؤيتهما ! ولمَّا قررت أمها استشارة الشيخ رضوان الحسيني في شرعية فسخ الخطوبة ،تقول لها: لا تسألي السيد عن زواجي، وسليه إن شئت عن تفسير آية أو سورة.. هو ولي من أولياء الله و نبي أيضاً إن أحببت، ولكنه لن يقف حجر عثرة في سبيل سعادتي !

ولمَّا اختارت بكل إرادتها الطريق القصير " انتظمتْ في سلك الدعارة: لؤلؤة منعدمة النظير" كما قال عنها فرج القوَّاد ! ووقعتْ في وحل الخطأ ولم تستطع التخلص منه أبداً.. أوهمها القوَّاد فرج إبراهيم بالحب فصدقته، ربما لغرورها أو لغبائها ،واعتبرته حبيباً، وما أرادها سوى أن تصبح عاهرة تبيع جسدها للإنجليز ليقبض هو الثمن، وليدفع خطيبها حسين الحلو ثمن سلبيته وتخاذله وخضوعه لحب من لا ترحم، بل ممن لم يعرف الحب إلى قلبها طريقاً. فعندما عاد عباس الحلو حاملاً أحلامه معه وشبكته في حقيبته، ممنياً نفسه أن يصبح زوجاً للمرأة التي أحب، أفزعه نبأ اختفائها وقلب كيانه، وعزم أن يلقنها درساً لن تنساه.ولمَّا ذهب وحسين كرشة إلى أحد البارات هاله أن يراها تتوسط الإنجليز في جلسه خليعة، فهجم عليها غِيرة وحميَّة، فما كان من الإنجليز إلا أن تكاثروا عليه وأردوه قتيلا.

فهل كانت حميدة أوضح مثال لمن يختار بكل إرادته السير فى هذا الطريق القصير فعليه ،بالتالي،أن يتحمل تبعات ذلك الطريق المأساوي؟! أم أن حميدة هي مصر ، تركتْ هويتها وأصالة انتمائها، وانتقلت مع زيف (فرج) القوَّاد إلى بريق التطور والثراء الزائف، ليعبث بها الأمريكان والإنجليز، فتكون الرواية رمزاً إلى ضياع مصر إبان الحرب العالمية الثانية؟!

وقد غيَّر حسن الإمام مخرج فيلم زقاق المدق نهاية الرواية،فاستبدل مقتل عباس الحلو بمقتل حميدة ،مما أثَّر على جوهر فكرة الرواية، وعلى البناء الدرامي الذي برع فيه نجيب محفوظ، فالنهاية هي نهاية بطل ساذج دفعه حبه الأعمى لفتاة أمية إلى التدهور فالموت.

وسنقوم بوصف شخصيات (زقاق المدق) من براعة كلام نجيب محفوظ نفسه ،

ونتابع معه جمال التعبير:

1 حميدة،(تيتي) كما أسماها فرج القوَّاد،وهو اسم يحبه الإنجليز والأميركان لسهولة النطق به على ألسنتهم المعوجة،ولا معنى له، فالاسم الذي لا معنى له يحيط في المعاني كلها !: في العشرين من العمر، متوسطة القوام، رشيقة القوام، نحاسية البشرة،يميل وجهها للطول في نقاء ورواء، وأميز ما يميزها عينان سوداوان جميلتان لهما حَوَر بديع فاتن،مكحلتان بأهداب وُطف.ولكنها إذا أطبقت شفتيها الرقيقتين وحدَّت بصرها تلبَّستها حالة من القوة والصرامة لا عهد للنساء بها.

كانت تمشط شعرها الأسود تفوح منه رائحة الكيروسين، فنظرت أمها إلى الشعر

الفاحم اللامع تكاد تجاوز ذؤاباته المسترسلة ركبتي الفتاة، وقالت بأسف: كيف

تدعين القمل يرعى هذا الشعر الجميل ؟

وقال: التفتْ حميدة في ملاءتها، ومضتْ تستمع إلى دقَّات شبشبها على السلم في

طريقها إلى الخارج. وقطعتْ الزقاق في عناية بمشيتها وهيئتها لأنها تعلم أنَّ أعيناً

أربعاً تتبعها متفحِّصة ثاقبة: عيني السيد سليم علوان صاحب الوكالة، وعيني عباس

الحلو الحلاق. ولم تكن تفاهة ثيابها لتغيب عنها: فستان من الدمور، وملاءة قديمة

باهتة، وشبشب رقَّ نعلاه. بيد أنها تلفُّ الملاءة لفة تشي بحسن قوامها الرشيق،

وتصوِّر عجيزتها الملمومة أحسن تصوير، وتبرز ثدييها الكاعبين، وتكشف عن

ساقيها المدملجتين، ثم تنحسر في أعلاها عن مفرق شعرها الأسود ووجهها البرنزي

الفاتن القسمات.

ويصفها محفوظ لمَّا انحدرتْ إلى وحل الخطيئة، وكانت قد فرغت من ارتداء ملابسها وأخذت زينتها: بدتْ امرأة جديدة كأنما ولدتْ في أحضان النضارة, ونمتْ

وترعرعتْ في مطارف الجاه والنعيم: على الرأس عمامة بيضاء مرتفعة في تقوُّس

كالخوذة، عُقص تحتها شعرها المدهون العبق.الخدَّان والشفتان مصبوغتان بالحمرة

،على خلاف بقية الوجه، خلا من الأصباغ، بعد تجربة طويلة دلَّت على أنَّ بشرتها

البرنزية أفتن للجنود الحلفاء وأحبُّ إليهم. الأشفار مكحلة، والأهداب مدهونة مفصَّلة

تهدف إلى عل أطرافها الحريرية، وعلى الجفون ظلال بنفسج مقطَّرة من نسائم الفجر: هلالان مزجَّجان، خطتهما يد ماهرة مكان الحاجبين. سلسلتان من البلاتين ذات نبقتين من اللؤلؤ تتدليان من الأذنين، غير ساعة ذهبية في معصمها، وهلال منغرس في مقدم العمامة. فستان أبيض يشفُّ أعلاه عن قميص وردي، وتنضح حاشيته بسمرة فخذيها. جورب رمادي من الحرير الخالص لبسته لا لشيء إلا غلوَّ ثمنه. وقد تطاير شذا عَبِق من تحت إبطيها وراحتيها وعنقها، فلشدَّ ما تغيَّر كل شيء.

2 أم حميدة:خاطبة وبلانة.عميقة الملاحظة، كثيرة الكلام، راوية لأخبار السوء.

وهي ربعة، ممتلئة. في الستين، ولكنها معافاة قوية. جاحظة العينين، مجدورة الخدَّين، ذات صوت غليظ قوي النبرات، فإذا تحدَّثت فكأنها تزعق، وهو سلاحها الأول فيما يشجر بينها وبين الجارات من نزال.

3 الحلاق عباس الحلو: شاب متوسط القامة، ميَّال للبدانة، بيضاويُّ الوجه، بارز العينين، ذو شعر مرجَّل ضارب للصفرة على سمرة بشرته.يرتدي بذلة، ولا يفوته لبس المريلة اقتداء بكبار الأسطوات.وصالونه دكان صغير، يُعدُّ في الزقاق أنيقاً. ذو مرآة ومقعد غير أدوات الفنِّ.

4 السيد سليم علوان: صاحب الوكالة، وأثرى رجل في زقاق المدق،وليس من سكانه، فبيته في الحلمية (وهو حي صغير يقع بين حي السيدة زينب والقلعة).يرفل في جبته وقفطانه، ويملأ مقعده بجسمه المكتنز، يتقدَّمه شاربان شركسيان.

خطب حميدة بعد سفر خطيبها عباس الحلو،فيصاب بذبحة صدرية، فيقعد في منزله بين الحياة والموت، ولمَّا يتماثل للشفاء يعود إلى الحارة رجلا آخر:

اختفى الكرش الذي كان يشقُّ الجبَّة والقفطان، وتقعَّر الوجه الممتليء الدموي، فبرزت وجنتاه وغار خدَّاه، ولوَّح الشحوب بشرته، وخبا نور العينين، فقلقت فيهما نظرة شاردة ذابلة تحت جبين عابس.

أجلْ، نجا من الموت، ولكنه انقلب شخصاً جديداً ذا جسم رقيق وروح مريض. وبكرور الأيام استفحل مرض روحه فصار ضجراً وتمرداً وكراهية وعبوساً.ونسي حميدة كأنها شيء لم يكن، ودون أن تترك أثراً،لم يأسف عليها بمثل ما طمح إليها، كأنها كانت نقطة في دم الصحة الذي كان يجري في عروقه، فلما أن غاب ونضب تطايرت في الهواء.

5 القوَّاد فرج إبراهيم: كان طويل القامة، نحيفاً، عريض المنكبين، حاسر الرأس ،غزير الشعر، يرتدي بدلة ذات لون ضارب للاخضرار، متأنقاً في ملبسه ومظهره.

وكان وجهه نحيلا مستطيلا، لوزي العينين، كثيف الحاجبين، تنطق نظرة عينيه بالحذق والقحة.

ولمَّا قعدت معه حميدة في بيته، استرقت إليه نظرات فاحصة، سبرت بها جسمه الفارع الرشيق. وثبتت عيناها غير قليل على يده فراعها جمالها وجاذبيتها، كانت يده جميلة التكوين، رشيقته، سبطة الأنامل، توحي بالقوة والجمال معاً.

6 المعلم كرشة: صاحب القهوة، وقهوته ما هي سوى حجرة مربعة الشكل، في حكم

البالية، تزدان جدرانها بالأرابيسك، فليس لها من مطارح المجد إلا تاريخها.

والمعلم: جسمه طويل نحيل، ووجهه ضارب للسواد، وعيناه مظلمتان نائمتان، وصوته أجش، ركَّب له الدكتور البوشي طقماً ذهبياً بجنيهين.

7 حسين كرشة: ابن المعلم كرشة صاحب القهوة. فتى في العشرين من العمر. في مثل لون أبيه الضارب إلى السواد، لكنه ممشوق القوام، تدل ملامحه الدقيقة على

الحذق والفتوَّة والنشاط. كان يرتدي قميصاً من الصوف الأزرق، وبنطلوناً خاكياً،

وقبعة، وحذاء ثقيلا. تلوح على سيماه مظاهر نعمة المشتغلين بالجيش البريطاني.

8 الشيخ درويش أفندي: هو الراوي للأحداث، بل هو ضمير الحارة الذي يتنبأ بما

سوف يحدث. رجل في الخمسين،يستبشر الجميع بوجوده بينهم خيراً، ويقولون عنه إنه ولي من أولياء الله الصالحين، يأتيه الوحي باللغتين العربية والإنجليزية.

يرتدي جلباباً ذا بنيقة موصول بها رباط رقبة مما يلبسه الأفندية، ويضع على عينيه

المضعضعتين نظارة ذهبية ثمينة. وقد خلع قبقابه على الأرض عند موضع قدميه،

وجلس جامداً كالتمثال، صامتاً كالأموات، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، كأنه في دنيا وحده.

كان على عهد شبابه مدرساً للغة الإنجليزية في إحدى مدارس الأوقاف، ولمَّا انضمت مدارس الأوقاف إلى وزارة المعارف، سوِّيت حالته، ونزل من الدرجة السادسة إلى الثامنة، وعُدِّل مرتبه على هذا الأساس.وقد حلا له يوماً أنْ يحرر مخاطبات الوزارة باللغة الإنجليزية، فأحيل للتحقيق، ولمَّا قابل وكيل الوزارة بادره بثقة ويقين، قائلا بوقار وجلال: أنا رسول الله إليك بكادر جديد ! فخُتمت حياته بالأوقاف وأحيل إلى التقاعد، ولم يبق من آثار الماضي جميعاً إلا نظارته الذهبية.

9 الدكتور البوشي: يسكن في الطابق الأرضي من منزل الست سنية، ويعمل دكتور أسنان، وقد أطلق عليه مرضاه هذا الاسم، وربما يكون هو أول طبيب يأخذ هذا الاسم من مرضاه. وكان في الأصل تمرجياً عند أحد أطباء الأسنان، فتمرس على المهنة حتى أتقنها. وكان حلقة الوصل بين أم حميدة ونساء الحي بحكم عمله كطبيب أسنان، وكانت نهايته السيئة حين تمَّ ضبطه مع زيطة صانع العاهات، عندما حاولا خلع طقم أسنان ذهبياً من فم أحد الموتى داخل مقبرة الطالبي فيما بين باب النصر وطريق الجبل.

10 زيطة صانع العاهات: هو جسد نحيل أسود، سواد فوقه سواد، لايفترق عن أرض المكان قذارة ولوناً ورائحة، لولا فرجتان يلمع فيهما بياض مخيف هما العينان. ولم يكن زنجياًّ، بل إنه مصري، أسمر اللون في الأصل، ولكن القذارة الملبَّدة بعرق العمر كوَّنت على جثته طبقة سوداء. كذلك جلبابه لم يكن في البدء أسود، ولكن السواد مصير كل شيء في هذه الخرابة. يقصده الراغبون في الشحاذة ،يصنع لكلٍّ ما يوافق جسمه من العاهات: يجيئونه صحاحاً ويغادرونه عمياناً وكسحاناً وأحداباً وقعساناً ومبتوري الأذرع أو الأرجل.

11 عم كامل بائع البسبوسة: تقع دكانه على يمين الزقاق، ويقتعد كرسياً على عتبة

دكانه،ويغطُّ في نومه والمذبة في حجره، فلايصحو إلا إذا ناداه زبون أو داعبه عباس الحلو الحلاق.

هو كتلة بشرية جسيمة،يتبختر كالمحمل، ويقتلع قدميه من الأرض اقتلاعاً.

ينحسر جلبابه عن ساقين كقربتين. وتتدلى خلفه عجيزة كالقبَّة مركزها على الكرسي ومحيطها في الهواء. ذو بطن كالبرميل، وصدر يكاد يتكوَّر ثدياه. لا ترى له رقبة، فبين الكتفين وجه مستدير منتفخ محتقن بالدم، أخفىانتفاخه معالم قسماته، فلا تكاد ترى في صفحته لا سمات ولا خطوط ولا أنف ولاعينان، وقمَّة ذلك كله رأس أصلع صغير، لا يمتاز عن لون بشرته البيضاء المحمرَّة. لا يزال يلهث ويشخر كأنه قطع شوْطاً عَدْواً. ولا ينتهي من بيع قطعة بسبوسة حتى يغلبه النعاس، فحياته نوم متصل.

12 جعدة الفرَّان: طويل القامة لحدٍّ مفرط، طويل الذراعين، ممطوط الفك الأسفل،غائر العينين، غليظ الشفتين.

13 النائب إبراهيم فرحات: جاء إلى قهوة المعلم كرشة ليستميله إلى جانبه فيضمن

صوته وأصوات من يلوذ به من المعلمين وعمَّالهم.تقدَّم القوم بجسمه البدين القصير

، يرفل في جبته وقفطانه ،ويقلِّب فيما حوله وجهاً أسمر كروياً ذا عينين ساذجتين.

كانت مشيته تنمُّ عن الزهو والثقة، وعيناه تنطقان بالطيبة والسذاجة، ومظهره عامة

يشي بأن بطنه أهمُّ كثيراً من رأسه.

[محمد الصالح الجزائري]

زقاق المدق..أعجوبة أخرى من أعاجيب نجيب محفوظ..وفسحة أخرى رائعة مع الأستاذ القدير منذر الأقدر على التوصيف ومعرفة أدق تفاصيل الشخوص..فمن (تيتي) إلى فرحات..جولة لطيفة رفقة الشخوص التي أججت فينا جذوة الأدب الراقي ..ونحن صغار ..ونحن شباب..ونحن كما عليه نحن الآن ... شيوخ...ألف ألف شكر لك أخي الغالي الأستاذ منذر..استمر..نعم استمر..أدمنتً حلقاتك (ابتسامة)

[د. منذر أبوشعر]

الشاعر الحر أخي محمد الصالح الجزائري صوت الجزائر:
لا زال الطريق الممتع طويلا طويلا..وكلما شعرت أنك بالجوار تتابعني وتلحظني بعينك، تنفتح أمامي بوابات الحماس، فأدأب لأتمكن من تقديم المزيد
والمزيد.
والشكر كله لك، فمنك أستمد الحماس كله.

[ميساء البشيتي]

لا أدري إن كان يوجد مجال لشابة صغيرة السن مثلي أن تتقدم لتقرأ معكم
زقاق المدق .. قرأتها وأنا لم أولد بعد ورجاء ألا ينظر أحد إلى تاريخ الميلاد
أخي منذر قبل أي شيء سؤال بريء جدا .. ومتطفل جداً ..
أنت طبعا تمتعنا جدا بما تقدمه لنا بل أكثر من ذلك أنت تعيدنا إلى ذلك الزمن الجميل
زمن المذياع حين كنا في طور المراهقة وما بعدها كان رفيقنا الوحيد هو المذياع
وكنا نتابع عليه المسلسلات الرائعة والتي كانت في معظمها روايات نجيب محفوظ
كنا نشعر بالتميز في ذلك الوقت فنحن دائماً على موعد مع المذياع مع أنه ربما كانت
القنوات التي نتابعها لا تتجاوز العدد 3 أو أكثر قليلاً لكننا كنا نتابع البرامج والمسلسلات
وكنا نشعر أن الحياة جميلة ولدينا أحلام لا عد لها ولا حصر .. أما اليوم بعد كل هذا التقدم
فأنا لا أفتح المذياع إلا نادراً ولا أتأسف عليه لأنه لا يوجد ما يستحق المتابعة .. عذراً للإطالة والسؤال هو
أنت هل تقرأ مجدداً وتلخص لنا الأحداث أم أنك تتذكرها أم كيف تستطيع قراءة كل هذا وتلخيصه
لنا بوقت بسيط جداً .. حيرتني بصراحة .. أرجو أن تتحمل أسئلتي الكثيرة .. شابة صغيرة
وأنت تعلم عنفوان الشباب وكثرة أسئلتهم .. ربي يبارك فيك ويسعدك دائماً ..

[د. منذر أبوشعر]

اسمحي لي أن أطيل معك الحديث، لأنك فتحتِ معي باب ألق الذكريات:
أحببتُ نجيب محفوظ في فترة المراهقة كثيراً، ووجدته عبقرياً في وصف دقيق المشاعر بأسلوب متفرد،يدعوكِ بحرفية عالية إلى المتابعة دائماً، فكنت أكتب في الحواشي ترجمة الأعلام الذين يتحدث عنهم (رجال السياسة وأهل الفن والأحزاب)، آملا أن أجمع ذلك كله في دراسة جامعية متخصصة !
ولمَّا دخلت قسم اللغة العربية كان توقي أن تكون رسالتي عن نجيب محفوظ، لكنني رأيت أنه كُتب عنه الكثير الكثير، ولا جديد ! فاتجهت إلى التحقيق ودراسة (عيون الأخبار)لابن قتيبة، وكنتُ أقرأه أيضاً دائماً،وإن بقي محفوظ في الذاكرة حلماً يتجدد !
ثم عدت، بعد سنوات طويلة إليه، وقرأته بعين أخرى، فوجدت أنه دقيق في وصف شخوصه لحدِّ الإبداع، ولم يتطرق أحدٌ إلى ذلك كله، لكنه لا يصلح بمجموعه أن يكون رسالة جامعية متخصصة، لأن ذلك شأنٌ آخر !
ولمَّا قرأت مجددأً (أولاد حارتنا) وكتبتُ عنها، بدأتْ حكايتي تتجدد مع نجيب بطابع عذب جديد: صرتُ أعيد قراءة القصة، ويستغرق ذلك أسبوعاً، وأضع خطوطاً تحت ما أجده يخدم الموضوع الذي أريده، وأستعين بملاحظاتي القديمة وما يخدم موضوعي الجديد، لكنني خشيت ثانية أنني أكرر كلاماً مُعاداً، فأحجمتُ، وكان للأستاذة الأديبة سيدة وجه النور هدى الخطيب، ولأخي الأديب الشاعر صوت الجزائر الحر محمد الصالح الجزائري،ولأمير أناقة الحرف الأديب رشيد الميموني، ولكِ أنتِ أميرة عذب البوح الجميل،فضل المُتابعة والمُثابرة،ومما هوَّن عليَّ الأمر
أن الأصول القديمة جميعها لازلت عندي !
وشكراً لك (صغيرتي) (الدلوعة) وسامحيني على هذا الإسهاب!
وبانتظار ملاحظاتك (وتصرين أن تسكبي عليها أنس حضورك وجمال مرحك).

[ميساء البشيتي]

شكرا .. شكرا .. شكرا .. الله يبارك فيك أخي منذر
أخجلتم تواضعنا .. بعض ما عندكم أيها الطيب ..
واصل أخي العزيز .

[د. منذر أبوشعر]

معاً إن شاء الله سنمشي ،بخطى واثقة، في دربنا الطويل الممتع .
والشكر كله لك، ونبقى مع صدق طيب الحديث.

[محمد الصالح الجزائري]

وأنا بدوري مع (الصغيرة) ميساء (ابتسامة)..واصل واستمر فستجدنا إن شاء الله من المتابعين المهتمين بما تعرض أخي الأستاذ منذر..

[د. منذر أبوشعر]

الشاعر الحر أخي محمد الصالح الجزائري صوت الجزائر:
بحضورك البهي أزداد حماساً للمتابعة.
والشكر كله لغناء حضورك، ونبقى معاً مع صدق طيب الكلام.

[سلمان الراجحي]

عندما أتعب نفسيا أجد راحتي هنا

في مدينة الاستاذ العزيز منذر أبو شعر

لأنه دكتور الادب لمعالجة المشاعر والاحاسيس

كل ما تتعرض له هنا أخي العزيز جميل ورائع

ويدعو الى التأمل والمتعه...

نحن معكم ونستمتع برفقتكم في ربوع أدبكم الراقي

خاصة اذا كانت معنا صبية في عنفوان شبابها

ونظارتها مثل أختنا ميساء...تحياتي لخفة دمها

تحياتي وتقديري أخي وصديقي العزيز...

أخوكم سلمان الراجحي