التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,803
عدد  مرات الظهور : 162,150,507

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. > ملف القصة / خيري حمدان
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 01 / 12 / 2013, 59 : 02 PM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

المطار المغدور

المطار المغدور

نعم،
كنت على ثقة،
لن أجد أحدًا يحملُ يافطة باسمي في صالة انتظار المستقبلين في المطار الذي لا يحمل اسمًا أو عنوان. تردّدت قليلا قبل أن أغادر أرض المطار الرسمية، حيث رجال الأمن يتحملون كامل المسؤولية عن سلامتي وراحتي وسبل بقائي. أدرك بأنّ اللحظة التالية هي مخاض عسير، بمثابة ولادة غير مرغوب بها وعليّ أن أفكّر جليًّا قبل الإقدام على هذه الخطوة. في الناحية الأخرى وليس بعيدًا عن ناظريّ حدّدتُ معالمَ الوجوهِ العابسة المرهقةِ من طول الانتظار في صالة المرور المؤقّت "الترانزيت". تتواجد هناك حالات بشرية صعبة، رجالٌ لم يغادروا الصالة إلى أيّة جهة ما منذ أيام، ويُقال بأنّ محمد وهو شاب في الخامسة والعشرين من العمر على وشك عقد قرانه في الصالة، وقد مضى على وجوده قرابة النصف عام. لا توجد أيّة جهة رسمية أو أهلية ترغب باحتواء ما تبقّى من جسده الهزيل وروحه المتمرّدة، لذا قرّر أخيرًا عقد قرانه على الفتاة ذاتها، التي دخلت رواق الصالة قبل شهر هي الأخرى ولم تتمكن من المغادرة، وهما الآن بانتظار قاضٍ تعسِ الحظّ لإتمام الزواج، وقد وصل به الأمر لدرجة قبول حتّى قسٍّ لعقد القران، وغالبًا ما كانت إيمان تبكي سوء طالعها وقدرها وحتميّة الاجتماع بهذا الفتى في حالة من عدم الاتزان الكونيّ، في قارّة كلّ ما فيها خاضع للأمن والتفتيش والرقابة الصارمة، أمّا العسس فلا يتوقفون عن التحديق في الوجوه وكأنّ تدقيقَ وثائق السفر إجراءٌ لا يكفي، ولا يكفي أيضًا احتجاز الجسد في صالة مصادرة الأبعاد الفيزيائية وبخاصة المكان والزمان، ولا تقدِّم للمصابِ بداءِ انعدام الجاذبية والانتماء لأمّة ما سوى "التواليت". هكذا تتكرّر الرحلات من مقاعد الانتظار الطويلة إلى دورات المياه وبالعكس بهدف تحريك مفاصل العظام ودرء إمكانية السقوط في سراديب الجنون.

ما هي سوى خطوات حتّى أصبحُ مالكًا لحريتي داخل صالة الاستقبال الكُبرى، ولا أحد في الانتظار. لا حضن حبيب مشتاق، لا يافطة تحمل اسمي، تُرفعُ بين يدي فاتنة مُداعِبة شقيّة، لا شيء من هذا القبيل باستثناء ضجيج العربات المحمّلة بالحقائب والضحك والصخب المصحوب بحمّى اللقاء هنا وهناك. انقضت الخطوات المعدودة وأصبحتُ المسؤول الأول والأخيروالوحيد عن حركتي ووجهتي، أنا الآن في حضرة الانطلاق وكلّ الوجهات سيّان. لا حقائب، لا جهاز كمبيزتر محمول، أملك حقيبة يد صغيرة تحتوي على فرشاة أسنان ومشط لتسوية ما تبقّى من شعر رأسي بين الحين والآخر، وربّما رواية "البحث عن الزمن المفقود" لمارسيل بروست، أحملها معي أينما توجهت في الآونة الأخيرة، لأنّهاتمثّل لي حالة من التحدّي بكلماتها المليون وصفحاتها التي تزيد على الألف ومئة وشخوصها التي تتجاوز الألف مصيرًا وبطل ما بين بارون وكونتيسة وبائعة هوى وتاجر ومحامٍ وما إلى ذلك. أعرف بأنّه يتوجّب عليّ قراءة الرواية بالتتابع وفي وقت قصير كيلا أفقدَ الصلةَ ما بين جمهرة الشخصيات. الكتّاب بطبعهم مجانين ولا يمكن الثقة بهم دومًا، وها أنذا أشعلُ الأضواء خلسة عنّي المتواجد في بهو المطار، حاملا بين يديّ لا شيء، أجلس أمام شاشة الحاسوب الذي يتمنّاه أنا الآخر هناك، أسطر حكايته، هو لا يدري بأنّ كلانا مصابٌ بانفصام الشخصية، ما يعني بأنّنا أربعة في واحد، نمثّل هذه الشخصيّة، نحاول الدفاع عن حقوق الإنسان الذي لا يدري كيف يدافع عن حقوقه في نهاية المطاف، نحاول إقناع أجهزة الأمن بالسماح لقاضٍ أو قسٍّ متسكّع بإتمام زواج محمد وإيمان كي يخلدا لذاتهما ويقضيا عام العسل في صالة العبور المؤقتة من وإلى القانون.

أراقب الآخر الواقف أمام مدخل المطار، وهو يحدجني محاولا طردي من أفكاره والتركيز على إمكانية اتّخاذ قرار ما. هو يعرف بأنّني أحتلّ حيّزًا كبيرًا من وجوده الفيزيائي والمطار يبدو مغدورًا، ومغرورًا به. لا أحد يرحم هيكله وبنيته الإسمنتية الهائلة والاستثمارات المليونية التي ضخّت في ركائزه، ولا يعرفُالمطار أسبابَإغلاقِ الأبوابِ من وإلى مداخله الكثيرة ومخارجه المتعدّدة، ولا يعرف ما إذا كان محمد مسلمًا سنيًّا أو شيعيًا أو مسيحيًا بروتستانت أو كاثوليكيًا، والأرجح أنّه مسلمًا ما دام يحمل اسم محمد، أمّا أسباب حجزه على شفا طائرة ومدرج فهذه قصّة طويلة تطول، كما قصّة العشق الهزليّ الذي جمعه مع إيمان.

توقفنا عن السير وجلسنا أنا والآخر على مقعد خشبيّ ليس بعيدًا عن المطار، في محاولة لتحديد الوجهة المقبلة والتخلّص من هذه الحيرة التي استرعت اهتمام وفضول رجال الأمن. هل نمضي الليل هنا أم نبحث عن غرفة في فندق قريب بالقرب من المطار كي نصعد إلى أوّل طائرة تقلّنا نحو كثب الغيوم على ارتفاع عشرة آلاف قدم على سبيل المثال. يقولون بأنّ الإنسان يكون قادرًا على التفكير بطريقة أفضل حين يمتطي السحب. تكمنُ المشكلة في أنّ المطارات بالرغم من سلبيتها المجرّدة من الإنسانية، قادرة على اختزال القرار بلفظ المسافر بعد أقل من ساعة من هبوطه على المدرج إلى الخارج. وعادة ما يركب المسافرون عربات الأجرة أو الحافلات المنتظرة للانطلاق إلى العناوين المألوفة في رحم المدينة. لكنّ، وفي حالتنا نحن المترددون ما بين البقاء في عالم الحلم واقتناص الكوابيس وما بين الخضوع للأمر الواقع، لا يمكننا الاستسلام لابتسامة سائق العربة ونفحه أجرته وحبّة ملبن مقابل بلوغ الرتابة اليومية، وبالإمكان الحصول على شقة سياحية في أطراف المدينة بأسعار معقولة للاختباء من المطر ووحشةالوحدة والطرق المجهولة، لكنّ مدرج المطار اختفى فجأة، هذا ليس وهمًا والركّاب يصرخون "لا مدرج" كي نهبط فوق أرض المطار،وها هي الطائرة تصعد ثانية مبتعدة عن أرض المطار المغدور.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08 / 12 / 2013, 31 : 05 PM   رقم المشاركة : [2]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: المطار المغدور

نكهة السفر والانطلاق دائما ما تطبع إبداعك المتالق أخي خيري ..
وأنت في ترحالك وتنقلاتك ، تحملنا معك نجوب عالما واقعيا يلامس الخيال والحلم ..
استمتع في كل مرة ما يسكبه قلمك من رحيق .
محبتي بدون حدود .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08 / 12 / 2013, 10 : 11 PM   رقم المشاركة : [3]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

رد: المطار المغدور

أخي الأديب العزيز رشيد، لكنّ هذه الرحلة مستحيلة، لأن المدرج اختفى وبات عصيّ على الطائرة.
إنّه الرحيل نحو الذات والبدايات، لكنّ المأساة تكمن حين تفقد الذاكرة القدرة على تحسّس البدايات.
شكرً لحضورك أخي المبدع رشيد الميموني.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المغدور, الإطار


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خارج الإطار ... د. رجاء بنحيدا الخاطـرة 5 26 / 05 / 2020 26 : 05 PM
قناة الحقيقة تحتفي بالفائزين بالعمرة وترافقهم إلى المطار سوزان القربي الصحافة والإعلام 0 21 / 07 / 2013 40 : 03 PM
خارج الإطار فاطمة البشر الخاطـرة 14 29 / 03 / 2013 48 : 05 PM
ما زال الإطار خاويا فاطمة يوسف عبد الرحيم قصيدة النثر 2 12 / 10 / 2009 23 : 05 PM
حقيقة معركة المطار...تفاصيل مثيرة عن أبطال العراق هيا الحسيني بلاد الشام والعراق 2 02 / 07 / 2009 54 : 06 PM


الساعة الآن 48 : 07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|