بقلم الأستاذ مروان السلواني / الحضارة العربية الإسلامية .. والأقليات العرقية والدينية.
مروان حمد السلواني – القدس
كانت الحضارة العربية الإسلامية طوال عهدها حضارة منفتحة غير منغلقة واستطاعت هذه الحضارة في ظل الدولة العربية الإسلامية رغم نشأتها في المنطقة العربية أن تستوعب كافة الأقليات العرقية والدينية في بوتقة حضارية واحدة ضاربة أروع الأمثلة في الإندماج الحضاري الإنساني الرافض للتعصب العرقي والديني فكانت هذه الحضارة مثالا قل نظيره بين الأمم على مدى التاريخ.
كان العرب قبل الإسلام يتمركزون في شبه الجزيرة العربية إضافة إلى مناطق أخرى وصلوا إليها نتيجة الهجرات المتتالية ، وبعد نزول الإسلام على النبي العربي(ص) وانتشاره من المركز وهو الجزيرة العربية إلى المناطق العربية كان العرب هم من حمل راية الإسلام ونشروها إلى كل بقعة إستطاعوا الوصول إليها من (بلاد الشام، العراق، مصر، شمال إفريقيا حتى وصلوا حدود الصين ) فكانت هذه الرسالة هي رسالة تسامح إنسانية إستوعبت كل الشعوب في البلاد المفتوحة شرقا وغربا فكانت تعتمد حرية المعتقد أساسا لها حتى ان تلك الشعوب عاشت تاريخا طويلا من حرية الإعتقاد الديني في ظل هذه الحضارة .
هذا وقد شهدت العصور الإسلامية المختلفة إندماجا لأبناء الأعراق المختلفة من عرب وفرس وتركمان وأكراد وبربروغيرهم في ظل مجتمع واحد قائم على التعددية وكانت الدولة العربية الإسلامية في العصرين الاموي والعباسي خير دليل على هذا الكلام ففي هذين العصرين كان للأعراق المختلفة وأصحاب الديانات المختلفة وخاصة اهل الذمة من اليهود والمسيحيين دور بارز في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإدارية والإجتماعية حتى انهم وصلوا أعلى المراتب في الدولة مما يعني انهم كانوا ينالون حقوقهم الكاملة كمواطنين في هذه الدولة على اختلاف انتماءاتهم دون تمييز عنصري لا على اساس العرق ولا على أساس الدين. وإذا كان هؤلاء قد تعرضوا لأذى فإن ذلك كان على أيدي الصليبيين إثر غزوهم لديار الإسلام حيث إنتزعوا كل ممتلكات الكنيسة الشرقية وسلموها للفرنجة حتى عادت لاصحابها بعد الفتح الإسلامي على يد صلاح الدين الذي أعاد لكل ذي حق حقه والذي كان حتى من قادته العسكريين مسيحيون ، وإذا كان هناك ظلم وتفرقة تعرض لها البعض فإنها كانت على يد محاكم التفتيش التي لاحقت اليهود واحرقتهم هم وكافة أتباع الديانات الأخرى وذلك بعد خروج المسلمين من الأندلس فما كان منهم إلا ان هربوا إلى بلاد المسلمين ليامنوا على انفسهم هناك